منظمة العفو الدولية هي حركة عالمية يناضل أعضاؤها من أجل تعزيز حقوق الإنسان. ويستند عمل المنظمة على بحوث دقيقة وعلى المعايير التي اتفق عليها المجتمع الدولي. وتتقيد المنظمة بمبدأ الحَيْدَة وعدم التحيّز, فهي مستقلة عن جميع الحكومات, والأيديولوجيات السياسية, والمصالح الاقتصادية, والمعتقدات الدينية.
وتحشد منظمة العفو الدولية في إطار عملها نشطاء متطوعين, وهؤلاء هم أناس يكرسون وقتهم وجهدهم طواعيةً للتضامن مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. ولدى المنظمة أعضاء وأنصار فيما يزيد عن 140 دولة. وينتمي هؤلاء إلى مختلف فئات المجتمع, وتتنوع إلى أبعد حدٍ آراؤهم السياسية ومعتقداتهم الدينية, ولكن ما يجمعهم ويؤلف بينهم هو ذلك الإصرار على العمل من أجل بناء عالمٍ ينعم فيه كل فرد بالحقوق الإنسانية.
ماذا تعمل منظمة العفو الدولية؟
تسعى منظمة العفو الدولية, على أساس من الاستقلال والنزاهة والتجرد, إلى تعزيز احترام جميع حقوق الإنسان المنصوص عليها في "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". وترى المنظمة أن حقوق الإنسان كلٌ لا يتجزأ, ويعتمد بعضها على بعض; ومن ثم يجب أن ينعم سائر البشر في كل زمان ومكان بحقوق الإنسان كافةً, وينبغي ألا يكون التمتع بطائفة من الحقوق على حساب الحقوق الأخرى.
وتسهم منظمة العفو الدولية في ترسيخ احترام المبادئ الواردة في "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"عن طريق التصدي قولاً وفعلاً لانتهاكات الحقوق المدنية والسياسية الأساسية للأفراد. ويتمثل المحور الرئيسي لنضال الحركة في:
=إطلاق سراح جميع سجناء الرأي; وهؤلاء هم الذين يُعتقلون في أي مكان بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية, أو أية معتقدات أخرى نابعة من ضمائرهم, أو بسبب أصلهم العِرقي, أو جنسهم, أو لونهم, أو لغتهم, أو أصلهم القومي أو الاجتماعي, أو وضعهم الاقتصادي, أو مولدهم, أو أي وضع آخر, دون أن يكونوا قد استخدموا العنف أو دعوا إلى استخدامه.
=ضمان إتاحة محاكمة عادلة لجميع السجناء السياسيين على وجه السرعة.
=إلغاء عقوبة الإعدام والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي يلقاها السجناء.
=وضع حدٍ لعمليات الاغتيال لدوافع سياسية, وحوادث "الإخفاء".
وبالإضافة إلى ذلك, فإن منظمة العفو الدولية تعمل على:
معارضة الانتهاكات التي ترتكبها جماعات المعارضة المسلحة, مثل اعتقال سجناء الرأي, واحتجاز الرهائن, والتعذيب, وأعمال القتل دون وجه حق, كما تسعى المنظمة إلى حث هذه الجماعات على احترام حقوق الإنسان.
=مساعدة طالبي اللجوء, الذين يتهددهم خطر إعادتهم إلى بلدٍ يصبحون فيه عرضةً لانتهاك حقوقهم الإنسانية الأساسية.
=التعاون مع المنظمات غير الحكومية الأخرى, ومع الأمم المتحدة, والمنظمات الحكومية الدولية والإقليمية, من أجل إعلاء شأن حقوق الإنسان.
=السعي إلى ضمان وضع ضوابط للعلاقات بين الدول في المجالات العسكرية والأمنية والشرطية, بما يكفل احترام حقوق الإنسان.
=تنظيم برامج لتعليم حقوق الإنسان وتعزيز الوعي بها.
هل يثمر عمل منظمة العفو الدولية؟
لا تذهب جهود منظمة العفو الدولية الدؤوبة سدىً, بل لقد حققت المنظمة على مر السنين إنجازات حقيقية لا تخطئها العين.
فكثيراً ما يصرّح أولئك الذين سعت المنظمة إلى مد يد العون لهم بأن تلك المساعي كان لها أكبر الأثر. وفي بعض الأحيان, تقتنع الحكومات بإدخال تعديلات على قوانينها وممارساتها. وفي أحيان أخرى, تساعد مشاعر التضامن والمؤازرة على التشبث بأهداب الأمل. وهذا في حد ذاته إنجاز لا يُستهان به. فالأمل معينٌ لا ينضب للسجناء الذين يواجهون أعتى التحديات من أجل البقاء على قيد الحياة, وللأهالي الذين يطرقون كل الأبواب بحثاً عن إنصافٍ عادل للضحايا من ذويهم, ولدعاة حقوق الإنسان الذين يواصلون جهودهم النبيلة بينما تحفُ بهم المخاطر والصعاب من كل صوب.
كيف تمارس منظمة العفو الدولية نشاطها؟
بمجرد أن تتيقن منظمة العفو الدولية من أن ثمة حاجة للتحرك من أجل إنقاذ واحد أو أكثر من الضحايا, فإنها تبادر على الفور بحشد طاقات أعضائها في شتى أنحاء العالم.
ومنظمة العفو الدولية تتقصى الحقائق
فانتهاكات حقوق الإنسان أمور مشينة, ومن ثم يحاول مرتكبوها إخفاء جرائمهم. وفي المقابل, تسعى منظمة العفو الدولية إلى تقصي الحقائق بكل دقة وتمحيص, فتوفد خبراءها للتحدث مع الضحايا, وحضور المحاكمات, ومقابلة المسؤولين ونشطاء حقوق الإنسان في البلد المعني. وبالإضافة إلى ذلك, تقوم المنظمة بجمع المعلومات عن طريق متابعة آلاف المواد التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة, ومن خلال الصلات مع مصادر المعلومات الموثوق بها في مختلف أرجاء العالم.
وثمة أهمية قصوى لذكر الحقائق بدقة ونزاهة. وتُعد الأمانة الدولية للمنظمة في لندن المقر الرئيسي للبحوث في الحركة, حيث يعمل بها ما يزيد عن 300 موظف فضلاً عن عشرات المتطوعين من أكثر من 50 بلداً. ويتولى إجراء البحوث خبراء أكفاء, ويعاونهم عدد من المتخصصين في ميادين متنوعة مثل القانون الدولي والإعلام والتكنولوجيا.
ومنظمة العفو الدولية تنبّه العالم
ما أن تنتهي المنظمة من جمع المعلومات وفحصها حتى تضعها أمام أعين الحكومات, فتقوم بنشر تقارير مفصَّلة وبإبلاغ وسائل الإعلام المختلفة, وعرض بواعث قلقها على الملأ من خلال كتيبات وملصقات وإعلانات ونشرات إخبارية ومواقع على شبكة الإنترنت.
وفي الوقت نفسه, يسعى أعضاء المنظمة وأنصارها في سائر أنحاء العالم إلى حث الرأي العام على ممارسة ضغوط على من بيدهم مقاليد الحكم وغيرهم من ذوي النفوذ من أجل وضع حدٍ للانتهاكات. وتيسّر المنظمة لكل شخص أن يرسل مباشرةً خطابات ومناشدات تعكس بواعث القلق إلى مَنْ يمكنهم تغيير الوضع.
وتتباين أوجه نشاط المنظمة, من المظاهرات العامة إلى حملات كتابة الرسائل والمناشدات, ومن برامج تعليم حقوق الإنسان إلى إقامة حفلات موسيقية لزيادة الموارد المالية, ومن إرسال مناشدات من أجل أحد الضحايا إلى تنظيم حملات عالمية عن بلد أو قضية بعينها, ومن الاتصال بالسلطات المحلية في إحدى البلدان إلى كسب التأييد على مستوى المنظمات الحكومية الدولية.
ولا تدخر منظمة العفو الدولية وسعاً في العمل على تغيير مواقف الحكومات والقوانين الجائرة, فتحرص دوماً على تزويد وسائل الإعلام والحكومات والأمم المتحدة بالمعلومات الموثَّقة, مع حثها على اتخاذ إجراءات فعَّالة.
ومنظمة العفو الدولية تحتج مباشرةً
يعمل أعضاء منظمة العفو الدولية وأنصارها في شتى أنحاء العالم على إرسال آلاف المناشدات من أجل شخصيات أو جماعات تحيق بها المخاطر وإذا بدا أن ثمة حاجةً لتحرك عاجل لإنقاذ أرواح أناس في مكان ما, يُبلَّغ المتطوعون في سائر أرجاء المعمورة, وفي غضون ساعات قلائل تكون آلاف الخطابات قد أُرسلت بالبريد أو الفاكس أو البريد الإلكتروني. أما إذا وقعت أزمة واسعة النطاق لحقوق الإنسان, فسرعان ما يكرِّس أعضاء المنظمة جهودهم في حملة عالمية شاملة.
وأحياناً ما "يتبنى" الأعضاء حالات أشخاص بعينهم أو قضايا على وجه الخصوص, وقد يستدعي الأمر أن يواصلوا عملهم هذا على مدى سنوات عدة, لا يكفون خلالها عن المطالبة بإطلاق سراح سجناء الرأي أو السعي لإلغاء عقوبة الإعدام في بلدانٍ معينة.
كما تبذل منظمة العفو الدولية قصارى جهدها من أجل تعزيز حماية حقوق الإنسان, فتبادر بتوجيه مناشدات إلى المنظمات الدولية لحثها على التدخل إذا لاحت بوادر أزمة ما, وتسعى إلى توفير الحماية للاجئين الذين يفرون من وجه الاضطهاد والقمع, وتتضامن مع نشطاء حقوق الإنسان المحليين الذين تتهددهم مخاطر المضايقات والاعتداءات.
ومنظمة العفو الدولية تعزّز حقوق الإنسان
تشارك منظمة العفو الدولية في وضع برامج تعليمية تهدف إلى توعية الناس بمبادئ حقوق الإنسان وبسبل الدفاع عنها, فتقوم بإعداد مواد لاستخدامها في المدارس, وتنظم برامج تدريبية للمعلمين, وتشجع على تنظيم برامج تدريبية للمسؤولين الحكوميين والعاملين في الأجهزة الأمنية. كما تحث المنظمة حكومات العالم على إدراج مبادئ حقوق الإنسان في صُلب المناهج الدراسية في جميع المستويات التعليمية.
ولا تكف منظمة العفو الدولية عن دعوة الحكومات إلى التصديق على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان, وإلى الالتزام بها, وإلى تعزيز معايير حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً