للسجود فضائل كثيرة
وآثار محمودة ونتائج طيبة تعود بالخير على الساجد نفسه في عاجلته وآجلته، وبما أنّ للسجود حالات وأوصافاً متعددة لذا كانت نتائجه موافقة لحالاته وأوصافه، فقد يكون السجود طويلاً وكثيراً مصحوباً ببكاء الساجد وخشيته الشديدة من الله عزّ وجلّ، كما قد يكون قليلاً وسريعاً كنقر الغراب، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : « إذا سجدت فمكّن جبهتك من الاَرض ولا تنقر نقراً » (1)لاَنّه لايتمكن من السجود ولا يطمئن فيه.
وعن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: « أبصر أمير المؤمنين عليه السلام رجلاً وهو ينقر بصلاته فقال: منذُ كم صليت بهذه الصلاة؟ فقال له الرجل: منذ كذا وكذا. قال عليه السلام: مثلك عند الله مثل الغراب إذا ما نقر، لو متَّ، متَّ على غير ملة أبي القاسم صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ أسرق السراق من سرق من صلاته » (2)، وقد يكون وسطاً بين هذا وذلك.
____________
(1) وسائل الشيعة 6: 298|8017 باب 3 وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود كتاب الصلاة. وراجع: مستدرك الوسائل|الميرزا حسين النوري 4: 469| 5185 باب 17 من أبواب السجود.
(2) روضة الواعظين|الفتّال النيسابوري 2: 319. وصحيح البخاري 1: 206 باب إذا لم يتم سجوده، كتاب الصلاة عن حذيفة.
--------------------------------------------------------------------------------
( 2 )
والسجود الذي نروم الحديث عن فضله وآثاره ليس سجود المرائين والمنافقين القائم على أساس بلوغهم أهداف خسيسة زائلة، ومقاصد حقيرة عاجلة، فلا شكّ أنه ليس له من تلك الآثار نصيب، ولا لفاعله إلاّ الخيبة والخسران.
وإنّما هو السجود الصادق لله عزَّ وجلّ وإن اختلفت شدته ورتبته من ساجد إلى آخر، وبالجملة فإنّ السجود الصادق لله عزَّ وجلّ له من الآثار والفضائل مايجلّ وصفها، وسوف نذكر ما تيسر لنا منها اهتداء بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام، وعلى النحو الآتي:
1 ـ مدح الساجدين في القرآن الكريم:
لقد مدح الله تعالى الساجدين في أكثر من موضع، ولا سيّما ممن جمع مع السجود الجهاد في سبيل الله وتحلّى بمكارم الاَخلاق، لاَنّ السجود بطبيعته خضوع لله تعالى، لذا فإنّه يستوجب الزهد بكلِّ شيء من أجله تعالى، والاقبال على ما يوفّر رضاه ومحبته، قال تعالى: ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) (1).
أي أنّ سجودهم لله تذللاً وتخشعاً أثّر في وجوههم أثراً، وهو سيماء الخشوع لله، ويعرفهم به من رآهم، وقيل: المراد أثر التراب في جباههم لاَنهم كانوا إنّما يسجدون على التراب، لا على الاَثواب (2).
____________
(1) سورة الفتح: 48|29.
(2) الميزان في تفسير القرآن|السيد محمدحسين الطباطبائي 18: 300 في تفسير
=
--------------------------------------------------------------------------------
( 3 )
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو يشير إلى هذا الصنف من الناس بقوله عليه السلام: « إنّي لاَكره للرجل أن أرى جبهته جلحاء ليس فيها أثر السجود.. » (1).
وروي أنّ الاِمام زين العابدين عليه السلام قال في معرض رده على قوم يزعمون التشيع لاَهل البيت عليهم السلام: « أين السّمَتُ في الوجوه؟ أين أثر العبادة ؟ أين سيماء السجود؟ إنّما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعثهم، قد قرحت العبادة منهم الآناف ودثرت الجباه والمساجد »
وللحديث بقيه
مع تحياتي
هانى