...............
11 ـ مواضع السجود لا تأكلها النار:
ومن فضل السجود عند الله عزَّ وجلّ أنه يثيب عليه حتى من غلبت سيئاته حسناته فدخل النار، وذلك بتكريم مواضع السجود لله في حياته فلا تأكلها النار، وقد ورد في الحديث ما يؤيد ذلك، ففي المروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: «... إنّ النار تأكل كل شيء من ابن آدم إلاّ موضع السجود فيصب عليهم من ماء الجنة فينبتون كما نبت الحبة في حميل السّيل» (2).
____________
(1) مشكاة الاَنوار|الطبرسي: 146 منشورات الاَعلمي، بيروت 1411 هـ ط3. وقريب منه باختصار في علل الشرائع 2: 340|1 باب 39.
(2) سنن النسائي 2: 229 باب موضع السجود دار الكتب العلمية ـ بيروت.
--------------------------------------------------------------------------------
( 34 )
وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في وصف أهوال يوم القيامة: «...حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة ان يُخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم، ويعرفونهم بآثار السجود، وحرّم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، فكل ابن آدم تأكله النار إلاّ أثر السجود.. » (1).
12 ـ شهادة الاَرض للساجد عليها يوم القيامة:
ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام استحباب تغيير مكان الصلاة باستمرار وخصوصاً في الاَماكن المقدسة، وذلك لاَن الاَرض تشهد للمصلي عند الله تبارك وتعالى، ولا سيّما البقعة التي يضع عليها جبهته سجوداً لله جلَّ وعلا، عن أبي ذر الغفاري رحمه الله في حديث وصية النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: « يا أبا ذر، ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الاَرض إلاّ شهدت له بها يوم القيامة..
يا أبا ذر ما من صباح ولا رواح إلاّ وبقاع الاَرض ينادي بعضها بعضاً: يا جارة، هل مرَّ بكِ اليوم ذاكر لله عزَّ وجلَّ، أو عبد وضع جبهته عليك ساجداً لله تعالى؟ فمن قائلة لا، ومن قائلة نعم، فإذا قالت نعم، اهتزّت وانشرحت وترى أنّ لها فضلاً على جارتها»(2).
وعن الاِمام الصادق عليه السلام قال: « صلّوا في المساجد في بقاع مختلفة،
____________
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 2: 552|806.
(2) أمالي الشيخ الطوسي: 534.
--------------------------------------------------------------------------------
( 35 )
فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة » (1).
13 ـ استجابة الدعاء في السجود:
يعتبر السجود من أهم مواضع استجابة الدعاء، لذا قال تعالى: ( فاسجد واقترب ) (2).
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: « أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا الدعاء » (3).
فالنبي صلى الله عليه وآله يؤكد هنا على ان العبد أقرب ما يكون من رحمة ربه وفضله العميم في حال سجوده لذا جاء الحث على الدعاء في السجود.
روى جميل بن دراج، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال: « أقرب مايكون العبد من ربَّه إذا دعا ربّه وهو ساجد، فأي شيء تقول؟
قلتُ: علّمني ـ جُعلت فداك ـ ما أقول؟
قال عليه السلام: قُلْ، يا رب الاَرباب، ويا ملك الملوك، ويا سيد السادات، ويا جبّار الجبابرة، ويا إله الآلهة، صلِّ على محمد وآلِ محمد وافعل بي كذا وكذا ـ يعني اذكر حاجتك ـ ثم قُل: فإنّي عبدك، ناصيتي في قبضتك، ثم ادعُ بما شئت واسأله فإنّه جواد لا يتعاظمه شيء » (4).
____________
(1) وسائل الشيعة 3: 474|7.
(2) سورة العلق: 96|19.
(3) صحيح مسلم بشرح النووي 4: 167|482 باب 42.
(4) الكافي 3: 323|7 باب السجود والتسبيح والدعاء.
--------------------------------------------------------------------------------
( 36 )
فالساجد إذن ما دام في موضع القرب والزلفى يمكنه أن يطلب من ذخائر الرحمة وأبواب المغفرة ما يشاء.
عن عبدالله بن هلال قال: شكوت إلى أبي عبدالله عليه السلام تفرّق أموالنا ومادخل علينا، فقال عليه السلام: « عليك بالدعاء وأنت ساجد، فإنَّ أقرب مايكون العبد إلى الله وهو ساجد ».
قال: قلت: فأدعو في الفريضة، واُسمي حاجتي؟
فقال عليه السلام: « نعم، قد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وفعله علي عليه السلام بعده » (1).
وعن عبدالرحمن بن سيابة قال: قلت لاَبي عبدالله الصادق عليه السلام: أدعو وأنا ساجد؟
فقال عليه السلام: « نعم، فادعُ للدنيا والآخرة، فإنّه ربِّ الدنيا والآخرة » (2).
وعن زياد القندي قال: كتبت إلى أبي الحسن الاَول عليه السلام: علّمني دعاء ، فإني قد بليت بشيء ـ وكان قد حُبِس ببغداد حيث أتُّهم بأموالهم ـ فكتب إليه عليه السلام: « إذا صلّيت فأطل السجود ثم قُل: (يا أحد من لا أحد له) حتى ينقطع النفس، ثُم قُل: (يا من لا يزيده كثرة الدعاء إلاّ جوداً وكرماً) حتى تنقطع نفسك، ثم قل (يا رب الاَرباب أنت أنت أنت الذي انقطع الرجاء إلاّ منك، يا علي يا عظيم) ».
____________
(1) الكافي 3: 324|11 الباب السابق.
(2) الكافي 3: 323|6 الباب السابق.
--------------------------------------------------------------------------------
( 37 )
قال زياد: فدعوت به ففرّج الله عني وخلّي سبيلي (1).
وروى زيد الشحام عن الاِمام الباقر عليه السلام قال: « ادعُ في طلب الرزق في المكتوبة وأنت ساجد: يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين، ارزقني وارزق عيالي من فضلك، فإنّك ذو الفضل العظيم » (2).
نعم إنّ استجابة الدعاء تستلزم توفّر شروطها، وأبرز هذه الشروط الصدق في الدعاء، وهو يستدعي إظهار حالة الفقر الحقيقي إلى الله الغني القادر على قضاء حاجته، ثم العزم على التقيّد بما تفرضه عبوديته لله الخالق العظيم وعدم مخالفته في شيء صغيراً كان أو كبيراً.
14 ـ ثواب السجود المقترن بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام:
عن عبدالله بن سليمان قال: سألت أبا عبدالله الصادق عليه السلام عن الرجل يذكر النبي صلى الله عليه وآله وهو في الصلاة المكتوبة، إما راكعاً وإما ساجداً فيصلي عليه وهو على تلك الحال؟ فقال عليه السلام: « نعم إنّ الصلاة على نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كهيئة التكبير والتسبيح، وهي عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكاً أيّهم يبلّغها إياه » (3).
وقال أبو حمزة الثمالي: قال الاِمام أبو جعفر الباقر عليه السلام: « من قال في ركوعه وسجوده وقيامه (صلّى الله على محمد وآل محمد) كتب الله له بمثلالركوع والسجود والقيام» (1).
____________
(1) الكافي 3: 328|25 باب السجود والتسبيح والدعاء.
(2) وسائل الشيعة|الحر العاملي 6: 372|8212 باب 17 جواز الدعاء في السجود للدنيا والآخرة.
(3) الكافي 3: 322|5 باب السجود والتسبيح والدعاء.
وللحديث بقيه
مع تحياتي
هانى