منتديات احساس
تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة اهلا بكم ومرحبا فى منتدانا المتواضع "" منتدى احساس "" يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
فأهلا بكم ومرحبا سنتشرف بتسجيلك
شكرا تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 829894
ادارة المنتدي
اخوكــم فى الله
Abo Hosam
تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 103798
منتديات احساس
تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة اهلا بكم ومرحبا فى منتدانا المتواضع "" منتدى احساس "" يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
فأهلا بكم ومرحبا سنتشرف بتسجيلك
شكرا تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 829894
ادارة المنتدي
اخوكــم فى الله
Abo Hosam
تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 103798
منتديات احساس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات احساس


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 3:45 pm

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

تكمله حكاية الحمال مع البنات

الليلة السادسة عشرة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك الثالث قال للصبية والجماعة مكتفون والعبيد واقفين بالسيوف على رؤوسهم :
ثم أني سميت الله ودعوته وابتهلت إليه وحاولت الطلوع على الجبل وصرت أتمسك بالنقر التي فيه حتى أسكن الله الريح في تلك الساعة وأعانني على الطلوع فطلعت سالماً على الجبل وفرحت بسلامتي غاية الفرح ولم يكن لي دأب إلا القبة فدخلتها وصليت فيها ركعتين شكراً لله على سلامتي ثم إني نمت تحت القبة ، فسمعت قائلاً يقول :
يا ابن خصيب إذا انتهيت من منامك ، فاحفر تحت رجليك قوساً من نحاس وثلاث نشابات من رصاص منقوشاً عليها طلاسم فخذ القوس والنشابات وارم للفارس الذي على القبة وارح الناس من هذا البلاء العظيم فإذا رميت الفارس يقع في البحر ويقع القوس من يدك فخذ القوس ، وادفنه في موضعه ، فإذا فعلت ذلك يطفو البحر ويعلو حتى يساوي الجبل ، ويطلع عليه زورق فيه شخص غير الذي رميته فيجيء إليك وفي يده مجذاف ، فاركب معه ولا تسم الله تعالى فإنه يحملك ويسافر بك مدة عشرة أيام إلى أن يوصلك إلى بلدك وهذا غنما يتم لك إن لم تسم الله .
ثم استيقظت من نومي ، وقمت بنشاط وقصدت الماء ، كما قال الهاتف وضربت الفارس فرميته فوقع في البحر ووقع القوس من يدي فأخذت القوس ودفنته فهاج البحر وعلا حتى ساوى الجبل الذي أنا عليه فلم ألبث غير ساعة حتى رأيت زورقا في وسط البحر يقصدني فحمدت الله تعالى فلما وصل إلي الزورق وجدت فيه شخصاً من النحاس صدره لوح من الرصاص ، منقوش بأسماء وطلاسم ، فنزلت في الزورق وأنا ساكت لا أتكلم فحملني الشخص أول يوم والثاني والثالث إلى تمام عشرة أيام حتى جزائر السلامة ففرحت فرحاً عظيماً ومن شدة فرحي ذكرت الله وسميت وهللت وكبرت فلما فعلت ذلك قذفني من الزورق في البحر ثم رجع في البحر وكنت أعرف العوم فعمت ذلك اليوم إلى الليل حتى كلت سواعدي وتعبت أكتافي وصرت في الهلكات ثم تشهدت وأيقنت بالموت وهاج البحر من كثرة الرياح فجاءت موجة كالقلعة العظيمة ، فحملتني وقذفتني قذفة صرت بها فوق البر ، فطلعت البر وعصرت ثيابي ونشفتها على الأرض وبت .
فلما أصبحت لبست ثيابي وقمت أنظر أين أمشي فوجدت غوطة فجئتها ودرت حولها فوجدت الموضع الذي فيه جزيرة صغيرة ، والبحر محيط بها ، فقلت في نفسي كلما أخلص من بلية أقع في أعظم منها فبينما أنا متفكر في أمري أتمنى الموت إذ نظرت مركباً فيها ناس ، فقمت وطلعت على شجرة وإذا بالمركب التصقت بالبر وطلع منها عشرة عبيد معهم مساحي فمشوا حتى وصلوا إلى وسط الجزيرة وحفروا في الأرض وكشفوا عن طابق فرفعوا الطابق وفتحوا بابه ، ثم عادوا إلى المركب ونقلوا منها خبزا ودقيقا وسمناً وعسلاً وأغناماً وجميع ما يحتاج إليه الساكن وصار العبيد مترددين بين المركب وباب الطابق وهم يحولون من المركب وينزلون في الطابق إلى أن نقلوا جميع ما في المركب .
ثم بعد ذلك طلع العبيد ومعهم ثياب أحسن ما يكون وفي وسطهم ، شيخ كبير هرم قد عمر زمناً طويلاً وأضعفه الدهر ، حتى صار فانياً ويد ذلك الشيخ في يد صبي قد أفرغ في قالب الجمال وألبس حلة الكمال حتى أنه يضرب بحسنه الأمثال وهو كالقضيب الرطب يسحر كل قلب بجماله ويسلب كل لب بكماله فلم يزالوا يا سيدتي سائرين حتى أتوا إلى الطابق ونزلوا فيه ، وغابوا عن عيني . فلما توجهوا قمت ونزلت من فوق الشجرة ومشيت إلى موضع الردم ، ونبشت التراب ونقلته وصبرت نفسي حتى أزلت جميع التراب فانكشف الطابق فإذا هو خشب مقدار حجر الطاحون فرفعته فبان من تحته سلم معقود من حجر فتعجبت من ذلك ونزلت السلم حتى إنتهيت إلى آخره فوجدت شيئاً نظيفاً ووجدت بستاناً وثانياً إلى تمام تسعة وثلاثين وكل بستان أرى فيه ما يكل عنه الواصفون من أشجار وأنهار وأثمار وذخائر . ورأيت بابا فقلت في نفسي ما الذي في هذا المكان ، فلابد أن أفتحه وأنظر ما فيه ثم فتحته فوجدت فيه فرساً مسرجاً ملجماً مربوطاً ففككته وركبته فطار بي إلى حطني على سطح وأنزلني وضربني بذيله فأتلف عيني وفر مني فنزلت من فوق السطح فوجدت عشرة شبان عور فلما رأوني قالوا :
لا مرحبا بك .
فقلت لهم : أتقبلوني أجلس عندكم .
فقالوا : والله لا تجلس عندنا .
فخرجت من عندهم حزين القلب باكي العين ، وكتب الله لي السلامة حتى وصلت إلى بغداد فحلقت ذقني وصرت صعلوكاً فوجدت هذين الإثنين العورين فسلمت عليهما وقلت لهما : أنا غريب ، فقالا : ونحن غريبان فهذا سبب تلف عيني ، وحلق ذقني .
فقالت له : أمسح على رأسك وروح .
فقال : لا أروح حتى أسمع قصة هؤلاء .
ثم أن الصبية التفتت إلى الخليفة وجعفر ومسرور وقالت لهم : أخبروني بخبركم .
فتقدم جعفر وحكى لها الحكاية التي قالها للبوابة عند دخولهم فلما سمعت كلامه قالت :
وهبت بعضكم لبعض .
فخرجوا إلى أن صاروا في الزقاق فقال الخليفة للصعاليك :
يا جماعة إلى أين تذهبون ؟
فقالوا : ما ندري أين نذهب .
فقال لهم الخليفة : سيروا وبيتوا عندنا .
وقال لجعفر : خذهم وأحضرهم لي غداً ، حتى ننظر ما يكون .
فامتثل جعفر ما أمره به الخليفة .
ثم أن الخليفة طلع إلى قصره ولم يجئه نوم في تلك الليلة فلما اصبح جلس على كرسي المملكة ودخلت عليه أرباب الدولة ، فالتفت إلى جعفر بعد أن طلعت أرباب الدولة وقال ائتني بالثلاث صبايا والكلبتين والصعاليك ، فنهض جعفر وأحضرهم بين يديه فأدخل الصبايا تحت الأسنار .
والتفت لهن جعفر وقال لهن :
قد عفونا عنكن لما أسلفتن من الإحسان إلينا ولم تعرفنا فها أنا أعرفكن وأنتن بين يدي الخامس من بني العباس هارون الرشيد ، فلا تخبرنه إلا حقاً .
فلما سمع الصبايا كلام جعفر ، عن لسان أمير المؤمنين تقدمت الكبيرة وقالت :
يا أمير المؤمنين أن لي حديثاً لو كتب بالإبر على آفاق البصر لكان عبرة لمن اعتبر .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي


عدل سابقا من قبل abo7osam في الأحد سبتمبر 14, 2008 11:09 pm عدل 1 مرات (السبب : تثبيت الموضوع)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:29 pm

تكملة حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة

الليلة الثالثة والخمسين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العبيد الثلاثة لما قالوا لبعضهم :
كل واحد يحكي جميع ما وقع له .
قال الأول وهو الذي كان حامل النور : أنا أحكي لكم حكايتي .
فقالوا له : تكلم .
قال لهم : اعلموا يا أخواني أني لما كنت صغيراً جاء بي الجلاب من بلدي وعمري خمس سنين فباعني لواحد جاويش وكان له بنت عمرها ثلاث سنوات فتربيت معها وكانوا يضحكون علي وأنا ألاعب البنت وأرقص معها إلى أن صار عمري اثنتي عشرة سنة وهي بنت عشر سنين ولا يمنعونني عنها إلى أن دخلت عليها يوماً من الأيام وهي جالسة في البيت لأنها كانت معطرة مبخرة ووجهها مثل القمر في ليلة أربعة عشر فلاعبتني ولاعبتها ، فدفعتني إلى الأرض فوقعت على ظهري وركبت على صدري وصارت تتمرغ علي ، فهاجت الحرارة عندي وحضنتها فشبكت يديها في عنقي وفرطت علي بجسدها فلم أشعر إلا وأنا قد أزلت بكارتها ، فلما عاينت ذلك هربت عند أصحابي فدخلت عليها أمها فلما رأت حالها غابت عن الدنيا ، ثم تداركت أمرها وأخفت حالها عن أبيها وكتمته وصبرت عليها مدة شهرين ، كل هذا وهم ينادونني ويلاطفونني حتى أخذوني من المكان الذي كنت فيه ولم يذكروا شيئاً من هذا الأمر لأبيها لأنهم كانوا يحبونني كثيراً .
ثم إن أمها خطبت لها شاباً مزين كان يزين أباها وأمهرتها من عندها وجهزتها كل هذا وأبوها لا يعلم بحالها وصاروا يجتهدون في تحصيل جهازها ثم إنهم أمسكوني على غفلة فعلوا بي ما منعني من رجولتي ولما زفوها للعريس جعلوني طواشياً لها أمشي قدامها أينما راحت سواء كان رواحها إلى الحمام أو إلى بيت أبيها وقد ستروا أمرها .
وليلة الدخلة ذبحوا على قميصها حمامة ومكثت عندها مدة طويلة وأنا أتملى بحسنها وجمالها على قدر ما أمكنني من تقبيل وعناق إلى أن ماتت هي وزوجها وأمها وأبوها ، ثم أخذت بيت المال وصرت هذا المكان وقد ارتفعت بكم وهذا سبب ما قطع عندي والسلام .
فقال العبد الثاني : اعلموا يا إخواني اني كنت في ابتداء أمري ابن ثمان سنين ولكن كنت أكذب على الجلابة كل سنة كذبة حتى يقعوا في بعضهم ، فقلق مني الجلاب وأنزلني في يد الدلال وأمره أن ينادي من يشتري هذا العبد على عيبه فقيل له :
وما عيبه ?
قال : يكذب في كل سنة كذبة واحدة .
فتقدم رجل تاجر إلى الدلال وقال له : كم أعطوا في هذا العبد من الثمن على عيبه ?
قال : أعطوا ستمائة درهم .
قال : ولك عشرون .
فجمع بينه وبين الجلاب وقبض منه الدراهم وأوصلني الدلال إلى منزل ذلك التاجر وأخذ دلالته ، فكساني التاجر ما يناسبني ومكثت عنده باقي سنتي إلى أن هلت السنة الجديدة بالخير وكانت سنة مباركة مخصبة بالنبات فصار التجار يعملون العزومات وكل يوم على واحد منهم إلى أن جاءت العزومة على سيدي في بستان خارج البلد فراح هو والتجار وأخذ لهم ما يحتاجون إليه من أكل وغيره فجلسوا يأكلون ويشربون ويتنادمون إلى وقت الظهر فاحتاج سيدي إلى مصلحة من البيت فقال :
يا عبد اركب البغلة وروح إلى المنزل وهات من سيدتك الحاجة الفلانية وارجع سريعاً .
فامتثلت لأمره ورحت إلى المنزل وأخبرتهم أن سيدي جلس تحت الحائط لقضاء حاجة فوقع الحائط عليه ومات .
فلما سمع أولاده وزوجته ذلك الكلام صرخوا وشقوا ثيابهم ولطموا على وجوههم فأتت إليهم الجيران ، وأما زوجة سيدي فإنها قلبت متاع البيت بعضه على بعض وخلعت رفوفه وكسرت طبقاته وشبابيكه وسخمت حيطانه بطين ونيلة وقالت :
ويلك يا كافور تعال ساعدني واخرب هذه الدواليب وكسر هذه الأواني والصيني .
فجئت إليها وأخرجت معها رفوف البيت وأتلفت ما عليها ودواليبه وأتلفت ما فيها ودرت على السقوف وعلى كل محل حتى أخرجت الجميع وأنا أصيح واسيداه ثم خرجت سيدتي مكشوفة الوجه بغطاء رأسها لا غير وخرج معها البنات والأولاد وقالوا :
يا كافور امش وأرنا مكان سيدك الذي هو ميت فيه تحت الحائط حتى نخرجه من تحت الردم ونحمله في تابوت ونجيء به إلى البيت فنخرجه خرجة مليحة .
فمشيت قدامهم وأنا أصيح واسيداه وهم خلفي مكشوفوا الوجوه والرؤوس يصيحون :
وامصيبتاه وانكبتاه .
فلم يبق أحد من الرجال ولا من النساء ولا من الصبيان ولا صبية ولا عجوزة إلا جاءت معنا وصاروا كلهم يلطمون وهم في شدة البكاء فمشيت بهم في المدينة فسأل الناس عن الخبر فأخبروهم بما سمعوا مني فقال الناس :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إننا نمضي للوالي ونخبره .
فلما وصلوا إلى الوالي أخبروه .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:30 pm

تكملة حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة

الليلة الرابعة والخمسين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العبد قال :
فلما وصلوا إلى الوالي وأخبروه قام الوالي وركب وأخذ معه الفعلة بالمساحي والقفف ومشوا تابعين أثري ومعهم كثير من الناس وأنا أبكي وأصيح وأحثو التراب على رأسي وألطم على وجهي فلما دخلت عليهم ورآني سيدي بهت واصفر لونه وقال :
ما لك يا كافور وما هذا الحال وما الخبر ?
فقلت له : إنك لما أرسلتني إلى البيت لأجيء لك بالذي طلبته رحت إلى البيت ودخلته فرأيت الحائط التي في القاعة وقعت فانهدمت القاعة كلها على سيدتي وأولادها .
فقال لي : وهل سيدتك لم تسلم ?
فقال : لا ما سلم منهم أحد وأول من مات منهم سيدتي الكبيرة .
فقال : وهل سلمت بنتي الصغيرة ?
فقلت : لا .
فقال لي : وما حال البغلة التي أركبها هل هي سالمة ?
فقلت له : لا يا سيدي فإن حيطان البيت وحيطان الاصطبل انطبقت على جميع ما في البيت حتى على الغنم والإوز والدجاج وصاروا كلهم كوم لحم وصاروا تحت الردم ولم يبق منهم أحد .
فقال لي : ولا سيدك الكبير ?
فقلت له : لا فلم يسلم منهم أحد ، وفي هذه الساعة لم يبق هناك دار ولا سكان ولم يبق من ذلك كله أثر ، وأما الغنم والإوز والدجاج فإن الجميع أكلها القطط والكلاب .
فلما سمع سيدي كلامي صار الضياء في وجهه ظلاماً ولم يقدر أن يتمالك نفسه ولا عقله ولم يقدر أن يقف على قدميه بل جاءه الكساح وانكسر ظهره ومزق أثوابه ونتف لحيته ولطم على وجهه ورمى عمامته من فوق رأسه وما زال يلطم وجهه حتى سال منه الدم وصار يصيح :
آه.. وا أولاداه آه وا زوجتاه.. آه وا مصيبتاه من جرى له مثل ما جرى لي .
فصاح التجار رفقاؤه لصياحه وبكوا معه ورثوا لحاله وشقوا أثوابهم وخرج سيدي من ذلك البستان وهو يلطم من شدة ما جرى له وأكثر اللطم على وجهه وصار كأنه سكران ، فبينما الجماعة خارجون من باب البستان وإذا هم نظروا غبرة عظيمة وصياحات بأصوات مزعجة فنظروا إلى تلك الجهة فرأوا الجماعة المقبلين وهم الوالي وجماعته والخلق والعالم الذين يتفرجون وأهل التاجر وراءهم يصرخون ويصيحون وهم في بكاء وحزن زائد فأول من لاقى سيدي زوجته وأولادها فلما رآهم بهت وضحك وقال لهم :
ما حالكم أنتم ? وما حصل في الدار وما جرى لكم ?
فلما رأوه قالوا : الحمد لله على سلامتك أنت .
ورموا أنفسهم عليه وتعلقت أولاده به وصاحوا : وأبتاه الحمد لله على سلامتك يا أبانا .
وقالت له زوجته : الحمد لله الذي أرانا وجهك بسلامة .
وقد اندهشت وطار عقلها لما رأته وقالت له : كيف كانت سلامتك أنت وأصحابك ?
فقال لها : وكيف كان حالكم في الدار ?
فقالوا : نحن طيبون بخير وعافية وما أصاب دارنا شيء من الشر غير أن عبد كافوراً جاء إلينا مكشوف الرأس مزق الأثواب وهو يصيح :
وا سيداه واسيداه .
فقلنا له : ما الخبر يا كافور ?
فقال : إن سيدي جلس تحت حائط في البستان ليقضي حاجة فوقعت عليه فمات .
فقال لهم سيده : والله إنه أتاني في هذه الساعة وهو يصيح :
وا سيدتاه وقال : أن سيدتي وأولادها ماتوا جميعاً .
ثم نظر إلى جانبه فرآني وعمامتي ساقطة في رأسي وأنا أصيح وأبكي بكاء شديداً وأحثو التراب على رأسي فصرخ علي فأقبلت عليه فقال لي :
ويلك يا عبد النحس يا ابن الزانية يا ملعون الجنس ما هذه الوقائع التي عملتها ولكن والله لأسلخن جلدك عن لحمك وأقطعن لحمك عن عظمك .
فقلت : والله ما تقدر أن تعمل معي شيئاً لأنك قد اشتريتني على عيبي وأنت عالم به وهو أني أكذب في كل سنة كذبة واحدة وهذه نصف كذبة فإذا كملت السنة كذبت نصفها الآخر فتبقى كذبة واحدة .
فصاح علي : يا ألعن العبيد هل هذا كله نصف كذبة وإنما هو داهية كبيرة ، اذهب عني فأنت حر .
فقلت : والله إن أعتقتني أنت ما أعتقك أنا حتى تكمل السنة وأكذب نصف الكذبة الباقي وبعد أن أتمها فانزل بي السوق وبعني بما اشتريتني به على عيبي ولا تعتقني فإنني ما لي صنعة أقتات منها وهذه المسألة التي ذكرتها لك شرعية ذكرها الفقهاء في باب العتق .
فبينما نحن في الكلام وإذا بالخلايق والناس وأهل الحارة نساء ورجالاً قد جاؤوا يعملون العزاء وجاء الوالي وجماعته فراح سيدي والتجار إلى الوالي وأعلموه بالقضية وإن هذه نصف كذبة ، فلما سمع الحاضرون ذلك منه استعظموا تلك الكذبة وتعجبوا غاية العجب فلعنوني وشتموني فبقيت واقفاً أضحك وأقول :
كيف يقتلني سيدي وقد اشتراني على هذا العيب ?
فلما مضى سيدي إلى البيت وجده خراباً وأنا الذي أخربت معظمه وكسرت فيه شيئاً يساوي كثيراً من المال .
فقالت له زوجته : إن كافور هو الذي كسر الأواني الصيني .
فازداد غيظه وقال : والله ما رأيت عمري ولد زنا مثل هذا العبد ولأنه يقول نصف كذبة فكيف لو كانت كذبة كاملة فحينئذ كان أخرب مدينة أو مدينتن .
ثم ذهب من شدة غيظه إلى الوالي فضربني علقة شديدة حتى غبت عن الدنيا وغشي علي فأتاني بالمزين في حال غشيتي ففعل بي ما منعني من رجولتي وكواني ، فلما أفقت وجدت نفسي هكذا وقال لي سيدي :
مثل ما أحرقت قلبي على أعز الشيء عندي أحرقت قلبك على أعز الشيء عندك .
ثم أخذني فباعني بأغلى ثمن لأني صرت طواشياً وما زلت ألقى الفتن في الأماكن التي أباع فيها .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:30 pm

تكملة حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة

الليلة الخامسة والخمسين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العبد قال :
وما زلت ألقى الفتن في الأماكن التي أباع فيها وانتقل من أمير إلى أمير ومن كبير إلى كبير بالبيع والشراء حتى دخلت قصر أمير المؤمنين وقد انكسرت نفسي وضعفت قوتي وأعدمت رجولتي .
فلما سمع العبدان كلامه ضحكا عليه وقالا له : إنك خبيث ابن خبيث قد كذبت كذباً شنيعاً .
ثم قالوا للعبد الثالث : احك لنا حكايتك .
قال لهم : يا أولاد عمي كل ما حكي هذا بطال فأنا أحكي لكم سبب قطع رجولتي وقد كنت أستحق أكثر من ذلك لأني كنت نكحت سيدتي وابن سيدتي والحكاية معي طويلة وما هذا وقت حكايتها الآن الصباح يا أولاد عمي قريب وربما يطلع علينا الصباح ، ومعنا هذا الصندوق فننفضح بين الناس وتروح أرواحنا فدونكم فتح الباب فإذا فتحناه ودخلنا محلنا قلت لكم على سبب قطع رجولتي .
ثم تعلق ونزل من الحائط وفتح الباب ، فدخلوا وحطوا الشمع وحفروا حفرة على قد الصندوق بين أربعة قبور وصار كافور يحفر وصواب ينقل التراب بالقفف إلى أن حفروا نصف قامة ثم حطوا الصندوق في الحفرة وردوا عليه التراب وخرجوا من التربة وردوا الباب وغابوا عن عين غانم بن أيوب .
فلما خلا لغانم المكان وعلم أنه وحده اشتغل سره بما في الصندوق ، وقال في نفسه :
يا ترى أي شيء في الصندوق ?
ثم صبر حتى كشف الصندوق وخلصه ثم أخذ حجراً وضرب القفل فكسره وكشف الغطاء ونظر فرأى صبية نائمة مبنجة ونفسها طالع ونازل إلا أنها ذات حسن وجمال وعليها حلي ومساغ من الذهب وقلائد من الجوهر تساوي ملك السلطان ما يفي بثمنها مال فلما رآها غانم بن أيوب عرف أنهم تغامزوا عليها ، فلما تحقق ذلك الأمر عالج فيها حتى أخرجها من الصندوق وأرقدها على قفاها فلما استنشقت الأرياح ودخل الهواء في مناخرها عطست ثم شرقت وسعلت فوقع من حلقها قرص بنج لو شمه الفيل لرد من الليل إلى الليل ففتحت عينيها وأدارت طرفها ، وقالت بكلام فصيح :
ويلك يا ريح ما فيك ري للعطشان ، ولا أنس للريان أين زهر البستان .
فلم يجاوبها أحد فالتفتت وقالت : صبيحة شجرة الدرنور ، الهدى نجمة الصبح أنت في شهر نزهة حلوة ظريفة تكلموا فلم يجبها أحد .
فجالت بطرفها وقالت : ويلي عند إنزالي في القبور يا من يعلم ما في الصدور ويجازي يوم البعث والنشور من جاء بي من بين الستور والخدور ووضعني بين أربعة قبور .
هذا كله وغانم واقف على قدميه .
فقال لها : يا سيدتي لا خدور ولا قصور ولا قبور ، ما هذا إلا عبدك غانم بن أيوب ساقه إليك الملك وعلام الغيوب حتى ينجيك من هذه الكروب ويحصل لك غاية المطلوب .
وسكت فلما تحققت الأمر قالت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .
والتفتت إلى غانم وقد وضعت يديها على صدرها وقالت له بكلام عذب : أيها الشاب المبارك من جاء بي إلى هذا المكان فها أنا قد أفقت ?
فقال : يا سيدتي ثلاثة عبيد أتوا وهم حاملون هذا الصندوق .
ثم حكى لها ما جرى وكيف أمسى عليه المساء حتى كان سبب سلامتها وإلا كانت ماتت بغصتها ثم سألها عن حكايتها وخبرها فقالت له :
أيها الشاب الحمد لله الذي رماني عند مثلك فقم الآن وحطني في الصندوق واخرج إلى الطريق وأوصلني إلى بيتك ، فإذا صرت في دارك يكون خيراً وأحكي لك حكايتي وأخبرك بقصتي ويحصل لك الخير من جهتي .
ففرح وخرج إلى البرية وقد شعشع النهار وطلعت الشمس بالأنوار وخرجت الناس ومشوا فاكترى رجلاً ببغل وأتى به إلى التربة فحمل الصندوق بعدما حط فيه الصبية ، ووقعت محبتها في قلبه وسار بها وهو فرحان لأنها جارية تساوي عشرة آلاف دينار وعليها حلي وحلل يساوي مالاً جزيلاً وما صدق أن يصل إلى داره وأنزل الصندوق وفتحه .




وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:31 pm

تكملة حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة

الليلة السادسة والخمسين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن غانم بن أيوب وصل إلى داره بالصندوق وفتحه وأخرج الصبية منه ونظرت فرأت هذا المكان محلاً مليحاً مفروشاً بالبسط الملونة والأوان المفرحة وغير ذلك ورأت قماشاً محزوماً وأحمالاً وغير ذلك فعلمت أنه تاجر كبير صاحب أموال ، ثم إنها كشفت وجهها ونظرت إليه فإذا هو شاب مليح ، فلما رأته أحبته وقالت له :
هات لنا شيئاً نأكله .
فقال لها غانم : على الرأس والعين .
ثم نزل السوق واشترى خروفاً مشوياً وصحن حلاوة وأخذ معه نقلاً وشمعاً وأخذ معه نبيذاً وما يحتاج إليه الأمر من ألة المشموم وأتى إلى البيت ودخل بالحوائج فلما رأته الجارية ضحكت وقبلته واعتنقته وصارت تلاطفه فازدادت عنده المحبة واحتوت على قلبه ثم أكلا وشربا إلى أن أقبل الليل وقد أحب بعضهما بعضاً لأنهما كانا في سن واحد .
فلما أقبل الليل قام المتيم المسلوب غانم بن أيوب وأوقد الشموع والقناديل فأضاء المكان وأحضر آلة المدام ثم نصب الحضرة وجلس هو وإياها .
وكان يملأ ويسقيها وهي تملأ وتسقيه وهما يلعبان ويضحكان وينشدان الأشعار وزاد بهما الفرح وتعلقا بحب بعضهما فسبحان مؤلف القلوب ، ولم يزالا كذلك إلى قريب الصبح فغلب عليهما النوم فنام كل منهما في موضعه إلى أن أصبح الصباح فقام غانم بن أيوب وخرج إلى السوق ، واشترى ما يحتاج إليه من خضرة ولحم وخمر وغيره ، وأتى به إلى الدار وجلس هو وإياها يأكلان ، فأكلا حتى اكتفيا وبعد ذلك أحضر الشراب وشربا ولعبا مع بعضهما حتى احمرت وجنتاهما واسودت أعينهما واشتاقت نفس غانم بن أيوب إلى تقبيل الجارية والنوم معها فقال لها :
يا سيدتي ائذني لي بقبلة في فيك لعلها تبرد نار قلبي ?
فقالت : يا غانم اصبر حتى أسكر وأغيب وأسمح لك سراً بحيث لم أشعر أنك قبلتني .
ثم إنها قامت على قدميها وخلعت بعض ثيابها وقعدت في قميص رفيع وكوفية فعند ذلك تحركت الشهوة عند غانم وقال :
يا سيدتي أما تسمحين لي بما طلبته منك ?
فقالت : والله لا يصح لك ذلك لأنه مكتوب على دكة سروالي قول صعب .
فانكسر خاطر غانم بن أيوب فأنشدت :
سألت من أمر ضنى ........ في قبلة تشفي السقم
فقـال لا لا أبــدا ........ قلت له نعم نـعـم
فقالت خذها بالرضا ........ من الحلال وابتسـم
فقلت غصباً قـال لا ........ ألا على رأس علـم
فلا تسل عما جـرى ........ واستغفر الله ونـم
فظن ما شئت بـنـا ........ فالحب يحلو بالتهم
ولا أبالـي بـعد أن ........ باح يومـاً أو كتم
ثم زادت محبته وانطلقت النيران في مهجته هذا وهي تتمنع منه وتقول :
ما لك وصول إلي .
ولم يزالا في عشقهما ومنادمتهما وغانم بن أيوب غريق في بحر الهيام وأما هي فإنها قد ازداد قسوة وامتناعاً ، إلى أن دخل الليل بالظلام وأرخى عليها ذيل المنام فقام غانم وأشعل القناديل وأوقد الشموع ، وزاد بهجة المقام وأخذ رجليها وقبلهما فوجدهما مثل الزبد الطري ، فمرغ وجهه عليها وقال :
يا سيدتي ارحمي أسير هواك ومن قتلت عيناك كنت سليم القلب لولاك .
ثم بكى قليلاً فقالت : أنا والله لك عاشقة وبك متعلقة ولكن أنا أعرف أنك لا تصل إلي .
فقال لها : وما المانع ?
فقالت له : سأحكي لك في هذه الليلة قصتي حتى تقبل عذري .
ثم إنها ترامت عليه وطوقت على رقبته بيديها وصارت تقبله وتلاطفه ثم وعدته بالوصال ولم يزالا يلعبان ويضحكان حتى تمكن حب بعضهما من بعض ولم يزالا على ذلك الحال وهما في كل ليلة ينامان في فراش واحد وكلما طلب منها الوصال تتعزز عنه مدة شهر كامل وتمكن حب كل واحد منهما من قلب الآخر ولم يبق لهما صبر عن بعضهما إلى أن كانت ليلة من الليالي وهو راقد معها والاثنان سكرانان فمد يده على جسدها وملس ثم مر بيده على بطنها ونزر إلى سرتها فانتبهت وقعدت وتعهدت السروال فوجدته مربوطاً فنامت ثانياً فملس عليها بيده ونزل بها إلى سراويلها وتكتها وجذبها فانتبهت وقعدت وقعد غانم بجانبها .
فقالت له : ما الذي تريد ?
قال : أريد أن أنام معك وأتصافى أنا وأنت .
فعند ذلك ، قالت له : أنا الآن أوضح لك أمري حتى تعرف قدري وينكشف لك عذري .
قال : نعم .
فعند ذلك شقت ذيل قميصها ومدت يدها إلى تكة سروالها وقالت : يا سيدي اقرأ الذي على هذا الطرف .
فأخذ طرف التكة في يده ونظره فوجده مرقوماً عليه بالذهب :
أنا لك وأنت لي يا ابن عم النبي .
فلما قرأه نثر يده وقال لها : اكشفي لي عن خبرك ?
قالت : نعم أنا محظية أمير المؤمنين واسمي قوت القلوب وإن أمير المؤمنين لما رباني في قصره وكبرت نظر إلى صفائي وما أعطاني ربي من الحسن والجمال فأحبني محبة زائدة وأخذني وأسكنني في مقصورة وأمر لي بعشر جوار يخدمنني ثم إنه أعطاني ذلك المصاغ الذي تراه معي ثم إن الخليفة سافر يوماً من الأيام إلى بعض البلاد فجاءت السيدة زبيدة إلى بعض الجواري التي في خدمتي وقالت :
إذا نامت قوت القلوب فحطي هذه القلقة البنج في أنفها أو في شرابها ولك علي من المال ما يكفيك .
فقالت لها الجارية : حباً وكرامة .
ثم إن الجارية أخذت البنج منها وهي فرحانة لأجل المال ولكونها كانت في الأصل جاريتها فجاءت إلي ووضعت البنج في جوفي فوقعت على الأرض وصارت رأسي عند رجلي ورأيت نفسي في دنيا أخرى ولما تمت حيلتها حطتني في ذلك الصندوق وأحضرت العبيد سراً وأنعمت عليهم وعلى البوابين ، وأرسلتني مع العبيد في الليلة التي كنت نائماً فيها فوق النخلة وفعلوا معي ما رأيت ، وكانت نجاتي على يديك وأنت أتيت بي إلى هذا المكان وأحسنت إلى غاية الإحسان وهذه قصتي وما أعرف الذي جرى للخليفة في غيبتي فأعرف قدري ولا تشهر أمري .
فلما سمع غانم بن أيوب كلام قوت القلوب وتحقق أنها محظية الخليفة تأخر إلى ورائه خيفة من هيبة الخليفة وجلس وحده في ناحية من المكان يعاتب نفسه ، ويتفكر في أمره وصار متحيراً في عشق التي ليس له إليها الوصول ، فبكى من شدة الغرام ولوعة الوجد والهيام وصار يشكو الزمان وما له من العدوان فسبحان من شغل قلوب الكرام بالمحبة ولم يعط الأنذال منها وزن حبة ، وأنشد هذين البيتين :
قلب المحب على الأحباب متعوب ........ وعقله مع بديع الحسن منهـوب
وقائل قال لي ما المحب قلت له ........ الحب عذب ولكن فيه تـعـذيب
فعند ذلك قامت إليه قوت القلوب واحتضنته وقبلته وتمكن حبه في قلبها وباحت له بسرها وما عندها من المحبة وطوقت على رقبته بيديها وقبلته وهو يتمنع عنها خوفاً من الخليفة ، ثم تحدثا ساعة من الزمان وهما غريقان في بحر محبة بعضهما إلى أن طلع النهار فقام غانم ولبس أتوابه وخرج إلى السوق على عادته وأخذ ما يحتاج إليه الأمر وجاء إلى البيت فوجد قوت القلوب تبكي فلما رأته سكتت عن البكاء وتبسمت وقالت له :
أوحشتني يا محبوب قلبي ، والله إن هذه الساعة التي غبتها عني كسنة فإني لا أقدر على فراقك وها أنا قد بينت لك حالي من شدة ولعي بك فقم الآن ودع ما كان واقض أربك مني .
قال : أعوذ بالله ، إن هذا شيء لا يكون كيف يجلس الكلب في موضع السبع والذي لمولاي يحرم علي أن أقربه .
ثم جذب نفسه منها وجلس في ناحية وزادت هي محبة بامتناعه عنها ثم جلست إلى جانبه ونادمته ولاعبته فسكرا وهامت بالافتضاح به فغنت منشدة هذه الأبيات :
قلب المتيم كـاد أن يتفـتـت ........ فإلى متى هذا الصدود إلى متى
يا معرضاً عني بغير جـناية ........ فعوائد الغزلان أن تتـلـفـتـا
صد وهـجر زائد وصـبابة ........ ما كل هذا الأمر يحمله الفتـى
فبكى غانم بن أيوب ، وبكت هي لبكائه ولم يزالا يشربان إلى الليل ، ثم قام غانم وفرش فرشين كل فرش في مكان وحده فقالت له قوت القلوب :
لمن هذا الفرش الثاني ?
فقال لها : هذا لي والآخر لك ومن الليلة لا ننام إلا على هذا النمط وكل شيء للسيد حرام على العبد .
فقالت : يا سيدي دعنا من هذا وكل شيء يجري بقضاء وقدر .
فأبى فانطلقت النار في قلبها وزاد غرامها فيه وقالت : والله ما ننام إلا سوياً .
فقال : معاذ الله .
وغلب عليها ونام وحده إلى الصباح فزاد بها العشق والغرام ، واشتد بها الوجد والهيام وأقاما على ذلك ثلاثة أشهر طوال وهي كلما تقرب منه يمتنع عنها ويقول :
كل ما هو مخصوص بالسيد حرام على العبد .
فلما طال بها المطال مع غانم بن أيوب المسلوب وزادت بها الشجون والكروب أنشدت هذه الأبيات :
بديع الحسن كما هذا التجنـي ........ ومن أغراك بالإعراض عني
حويت من الرشاقة كل معنى ........ وحوت من الملاحة كل فـن
وأجريت الغرام لكل قـلـب ........ وكللت السهاد بكل جـفـن
وأعرف قلبك الأغصان تجني ........ فيا غصن الأراك أراك تجني
وعهدي بالظبا صيد فمـالي ........ أراك تصيد أرباب المـجـن
وأعجب ما أحدث عنك أنـي ........ فتنت وأنت لم تعلـم بـأنـي
فلا تسمح بوصلك لي فإنـي ........ أغار عليك منك فكيف مني
ولست بقائل ما دمـت حـياً ........ بديع الحسن كما هذا التجني
وأقاموا على هذا الحال مدة والخوف يمنعه عنها فهذا ما كان من أمر المتيم المسلوب غانم بن أيوب .
وأما ما كان من أمر زبيدة فإنها في غيبة الخليفة فعلت بقوت القلوب ذلك الأمر ، ثم صارت متحيرة تقول في نفسها ما أقول للخليفة إذا جاء وسأل عنها وما يكون جوابي له ، فدعت بعجوز كانت عندها وأطلعتها على سرها ، وقالت لها :
كيف أفعل وقوت القلوب قد فرط فيها الفرط ؟
فقالت لها العجوز لما فهمت الحال : اعلمي يا سيدتي أنه قرب مجيء الخليفة ولكن أرسلي إلى النجار وأمريه أن يعمل صورة ميت من خشب ويحفروا له قبراً وتوقد حوله الشموع والقناديل وأمري كل من في القصر أن يلبسوا الأسود وأمري جواريك والخدام إذا علموا أن الخليفة أتى من سفره أن يشيعوا الحزن في الدهليز فإذا دخل وسأل عن الخبر يقول :
إن قوت القلوب ماتت ويعظم الله أجرك فيها ومن معزتها عند سيدتنا دفنتها في قصرها .
فإذا سمع ذلك يبكي ويعز عليه ثم يسهر القراء على قبرها لقراءة الختمان فإن قال في نفسه إن بنت عمي زبيدة من غيرتها سعت في هلاك قوت القلوب أو غلب عليه الهيام فأمر بإخراجها من القبر فلا تفزعي من ذلك ولو حفروا على تلك الصورة التي على هيئة ابن آدم ، وأخرجوا وهي مكفنة بالأكفان الفاخرة فإن أراد الخليفة إزالة الأكفان عنها لينظرها فامنعيه أنت من ذلك والأخرى تمنعه وتقول :
رؤية عورتها حرام فيصدق حينئذ أنها ماتت .
فيردها إلى مكانها ويشكرك على فعلك وتخلصين إن شاء الله تعالى من هذه الورطة .
فلما سمعت السيدة زبيدة كلامها ورأت أنه صواب خلعت عليها وأمرتها أن تفعل ذلك بعدما أعطتها جملة من المال فشرعت العجوز في ذلك الأمر حالاً ، وأمرت النجار أن يعمل لها صورة كما ذكرنا وبعد تمام الصورة جاءت بها إلى السيدة زبيدة فكفنتها وأوقدت الشموع والقناديل وفرشت البسط حول القبر ، ولبست السواد وأمرت الجواري أن يلبسن السواد واشتهر الأمر في القصر أن قوت القلوب ماتت ثم بعد مدة أقبل الخليفة من غيبته وطلع إلى قصره ولكن ما شغل إلا قوت القلوب فرأى الغلمان والخدام والجواري كلهم لابسين السواد فارتجف فؤاده .
فلما دخل القصر على السيدة زبيدة رآها لابسة السواد فسأل عن ذلك فأخبروه بموت قوت القلوب ، فوقع مغشياً عليه فلما أفاق سأل عن قبرها ، فقالت له السيدة زبيدة :
اعلم يا أمير المؤمنين أنني من معزتها عندي دفنتها في قصري .
فدخل الخليفة بثياب السفر إلى القصر ليزور قوت القلوب فوجد البسط مفروشة والشموع والقناديل موقودة ، فلما رأى ذلك شكرها على فعلها ، ثم إنه صار حائراً في أمره لم يزل ما بين مصدق ومكذب فلما غلب عليه الوسواس أمر بحفر القبر وإخراجها منه فلما رأى الكفن وأراد أن يزيله عنها ليراها خاف من الله تعالى فقالت العجوز :
ردوها إلى مكانها .
ثم إن الخليفة أمر في الحال بإحضار الفقهاء والمقرئين ، وقرؤوا الختمات على قبرها وجلس بجانب القبر يبكي إلى أن غشي عليه ولم يزل قاعداً على قبرها شهراً كاملاً .


وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:32 pm

تكملة حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة

الليلة السابعة والخمسين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة دخل الحريم بعد انفضاض الأمراء والوزراء من بين يديه إلى بيوتهم ونام ساعة فجلست عند رأسه جارية وعند رجليه جارية وبعد أن غلب عليه النوم تنبه وفتح عينيه فسمع الجارية التي عند رأسه تقول للتي عند رجليه :
ويلك يا خيزران .
قالت : لأي شيء يا قضيب ?
قالت لها : إن سيدنا ليس عنده علم بما جرى حتى أنه يسهر على قبر لم يكن فيه إلا خشبة منجرة صنعة النجار .
فقالت لها الأخرى : وقوت القلوب أي شيء أصابها ?
فقالت : اعلمي أن السيدة زبيدة أرسلت مع جارية بنجاً وبنجتها فلما تحكم البنج منها وضعتها في صندوق وأرسلتها مع صواب وكافور وأمرتهما أن يرمياها في التربة .
فقالت خيزران : ويلك يا قضيب هل السيدة قوت القلوب لم تمت ?
فقالت : سلامة شبابها من الموت ولكن أنا سمعت السيدة زبيدة تقول إن قوت القلوب عند شاب تاجر اسمه غانم الدمشقي وأن لها عنده إلى هذا اليوم أربعة أشهر وسيدنا هذا يبكي ويسهر الليالي على قبر لم يكن فيه الميت .
وصارتا تتحدثان بهذا الحديث والخليفة يسمع كلامهما .
فلما سمع فرغ الجاريتان من الحديث وعرف القضية وأن هذا القبر زور وأن قوت القلوب عند غانم بن أيوب مدة أربعة أشهر غضب غضباً شديداً وقام وأحضر أمراء دولته فعند ذلك أقبل الوزير جعفر البرمكي وقبل الأرض بين يديه ، فقال له الخليفة بغيظ :
انزل يا جعفر بجماعة واسأل عن بيت غانم بن أيوب واهجموا على داره وائتوني بجاريتي قوت القلوب ولا بد لي أن أعدمه .
فأجابه جعفر بالسمع والطاعة فعند ذلك نزل جعفر وأتباعه والوالي صحبته ولم يزالوا سائرين إلى أن وصلوا إلى دار غانم كان غانم خرج في ذلك الوقت وجاء بقدر لحم واراد أن يمد يده ليأكل منها هو وقوت القلوب فلاحت منه التفاتة فوجد البلاط أحاط بالدار والوزير والوالي والظلمة والمماليك بسيوف مجردة وداروا به كما يدور بالعين السواد فعند ذلك عرفت أن خبرها وصل إلى الخليفة سيدها فأيقنت بالهلاك واصفر لونها وتغيرت محاسنها ثم أنها نظرت إلى غانم وقالت له :
يا حبيبي فر بنفسك .
فقال لها : كيف أعمل وإلى أين أذهب ? ومالي ورزقي في هذا الدار ?
فقالت له : لا تمكث لئلا تهلك ويذهب مالك .
فقال لها : يا حبيبتي ونور عيني كيف أصنع في الخروج وقد أحاطوا بالدار ? فقالت له : لا تخف .
ثم إنها نزعت ما عليه من الثياب وألبسته خلقاناً بالية ، وأخذت القدر التي كان فيها اللحم ووضعتها فوق رأسه وحطت فيها بعض خبز وزبدية طعام وقالت له : اخرج بهذه الحيلة ولا عليك مني فأنا أعرف أي شيء في يدي من الخليفة .
فلما سمع غانم كلام قوت القلوب وما أشارت عليه به ، خرج من بينهم وهو حامل القدر وستر عليه الستار ونجا من المكايد والأضرار ببركة نيته ، فلما وصل الوزير جعفر إلى ناحية الدار ترجل عن حصانه ودخل البيت ونظر إلى قوت القلوب وقد تزينت وتبهرجت وملأت صندوقاً من ذهب ومصاغ وجواهر وتحف مما خف حمله وغلا ثمنه ، فلما دخل عليها جعفر قامت على قدميها وقبلت الأرض بين يديه وقالت له :
يا سيدي جرى أنكم بما حكم الها .
فلما رأى ذلك جعفر قال لها : والله يا سيدتي إنه ما أوصاني إلا بقبض غانم بن أيوب .
فقالت : اعلم أنه حزم تجاراته وذهب إلى دمشق ولا علم لي بغير ذلك واريد أن تحفظ لي الصندوق وتحمله إلى قصر أمير المؤمنين .
فقال :جعفر السمع والطاعة .
ثم أخذ الصندوق وأمر بحمله وقوت القلوب معهم إلى دار الخلافة وهي مكرمة معززة وكان هذا بعد أن نهبوا دار غانم ، ثم توجهوا إلى الخليفة فحكى له جعفر جميع ما جرى فأمر الخليفة لقوت القلوب بمكان مظلم وأسكنها فيه وألزم بها عجوزاً لقضاء حاجتها لأنه ظن أن غانماً فحش بها ثم كتب مكتوباً للأمير محمد بن سليمان الزيني وكان نائباً في دمشق ومضمونه :
ساعة وصول المكتوب إلى يديك تقبض على غانم بن أيوب وترسله إلي .
فلما وصل المرسوم إليه قبله ووضعه على رأسه ونادى في الأسواق :
من أراد أن ينهب فعليه بدار غانم بن أيوب .
فجاؤوا إلى الدار فوجدوا أم غانم ، وأخته قد صنعتا لهما قبراً وقعدتا عنده تبكيان فقبضوا عليهما ونهبوا الدار ولم يعلما ما الخبر ، فلما أحضرهما عند السلطان سألهما عن غانم بن أيوب ، فقالتا له :
من مدة سنة ما وقفنا له على خبر .
فردوهما إلى مكانهما ، هذا ما كان من أمرهما .
وأما ما كان من أمر غانم بن أيوب المتيم المسلوب ، فإنه لما سلبت نعمته تحير في أمره وصار يبكي على نفسه حتى انفطر قلبه وسار ولم يزل سائراً إلى آخر النهار وقد ازداد به الجوع وأضر به المشي حتى وصل إلى بلد فدخل المسجد وجلس على برش وأسند ظهره إلى حائط المسجد وارتمى وهو في غاية الجوع والتعب ولم يزل مقيماً هناك إلى الصباح ، وقد خفق قلبه من الجوع وركب جلده القمل وصارت رائحته منتنة وتغيرت أحواله ، فأتى أهل تلك البلدة يصلون الصبح فوجدوه مطروحاً ضعيفاً من الجوع وعليه آثار النعمة لائحة فلما أقبلوا عليه وجدوه بردان جائعاً ، فألبسوه ثوباً عتيقاً قد بليت أكمامه وقالوا له :
من أين أنت يا غريب ، وما سبب ضعفك ?
ففتح عينيه ونظر إليهم وبكى ولم يرد عليهم جواباً ، ثم إن بعضهم عرف شدة جوعه فذهب وجاء له بكرجة عسل ورغيفين فأكل وقعدوا عنده حتى طلعت الشمس ، ثم انصرفوا لأشغالهم ولم يزل على هذه الحالة شهراً وهو عندهم وقد تزايد عليه الضعف والمرض فتعطفوا عليه وتشاوروا مع بعضهم في أمره ، ثم اتفقوا على أن يوصلوه إلى المارستان الذي ببغداد .
فبينما هم كذلك وإذا بامرأتين سائلتين قد دخلتا عليه وهما أمه وأخته ، فلما رآهما أعطاهما الخبز الذي عند رأسه ونامتا عنده تلك الليلة ولم يعرفهما فلما كان ثاني يوم أتاه أهل القرية وأحضروا جملاً وقالوا لصاحبه :
احمل هذا الضعيف فوق الجمل فإذا وصلت إلى بغداد فأنزله على باب المارستان لعله يتعافى فيحصل لك الأجر .
فقال لهم : السمع والطاعة .
ثم إنهم أخرجوا غانم بن أيوب من المسجد وحملوه بالبرش الذي هو نائم عليه فوق الجمل وجاءت أمه وأخته يتفرجان عليه من جملة الناس ولم يعلما به ثم نظرتا إليه وتأملتاه وقالتا :
إنه يشبه غانماً ابننا فيا ترى هل هو هذا الضعيف أو لا ?
وأما غانم فإنه لم يفق إلا وهو محمول فوق الجمل ، فصار يبكي وينوح وأهل القرية ينظرون وأمه وأخته تبكيان عليه ولم يعرفانه ثم سافرت أمه وأخته إلى أن وصلتا إلى بغداد وأما الجمال فإنه لم يزل سائراً به حتى أنزله على باب المارستان وأخذ جمله ورجع فمكث غانم راقداً هناك إلى الصباح .
فلما درجت الناس في الطريق نظروا إليه وقد صار رق الحلال ولم يزل الناس يتفرجون عليه حتى جاء شيخ السوق ومنع الناس عنه ، وقال :
أنا أكتسب الجنة بهذا المسكين لأنهم متى أدخلوه المارستان قتلوه في يوم واحد .
ثم أمر صبيانه بحمله إلى بيته وفرش له فرشاً جديداً ووضع له مخدة جديدة وقال لزوجته : اخدميه يصح .
فقالت : على الرأس .
ثم تشمرت وسخنت له ماء وغسلت يديه ورجليه وبدنه والبسته ثوباً من لبس جواريها وسقته قدح شراب ورشت عليه ماء ورد فأفاق وتذكر محبوبته قوت القلوب فزادت به الكروب .
هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر قوت القلوب فإنه لما غضب عليها الخليفة .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:33 pm

تكملة حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة

الليلة الثامنة والخمسين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن قوت القلوب لما غضب عليها الخليفة وأسكنها في مكان مظلم استمرت فيه على هذا الحال ثمانين يوماً ، فاتفق أن الخليفة مر يوماً من الأيام على ذلك المكان فسمع قوت القلوب تنشد الأشعار فلما فرغت من إنشادها قالت :
يا حبيبي يا غانم ما أحسنك وما أعف نفسك قد أحسنت لمن أساءك وحفظت حرمة من انتهك حرمتك وسترت حريمه ، وهو سباك وسبى أهلك ولا بد أن تقف أنت وأمير المؤمنين بين يدي حاكم عادل وتنتصف عليه في يوم يكون القاضي هو الله ، والشهود هم الملائكة .
فلما سمع الخليفة كلامها وفهم شكواها علم أنها مظلومة فدخل قصره وأرسل الخادم لها فلما حضرت بين يديه أطرقت وهي باكية العين حزينة القلب ، فقال :
يا قوت القلوب أراك تنظلمين مني وتنسبينني إلى الظلم وتزعمين أني أسأت إلى من أحسن إلي فمن هو الذي حفظ حرمتي وانتهكت حرمته وستر حريمي وسبيت حريمه .
فقالت له : غانم بن أيوب فإنه لم يقربني بفاحشة وحق نعمتك يا أمير المؤمنين .
فقال الخليفة : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يا قوت القلوب تمني علي فأنا أبلغك مرادك .
قالت : تمنيت عليك محبوبي غانم بن أيوب .
فلما سمع كلامها قال : أحضره إن شاء الله مكرماً .
فقالت : يا أمير المؤمنين إن أحضرته أتهبني له ?
فقال : إن أحضرته وهبتك هبة كريم لا يرجع في عطائه .
فقالت : يا أمير المؤمنين ائذن لي أن أدور عليه لعل الله يجمعني به ?
فقال لها : افعلي ما بدا لك .
ففرحت وخرجت ومعها ألف دينار فزارت المشايخ وتصدقت عنه وطلعت ثاني يوم إلى التجار وأعطت عريف السوق دراهم وقالت له :
تصدق بها على الغرباء .
ثم طلعت ثاني جمعة ومعها ألف دينار ودخلت سوق الصاغة وسوق الجواهرجية وطلبت عريف السوق فحضر فدفعت له ألف دينار وقالت له :
تصدق بها على الغرباء .
فظهر إليها العريف وهو شيخ السوق وقال لها : هل لك أن تذهبي إلى داري وتنظري إلى هذا الشاب الغريب ما أظرفه وما أكمله ?
وكان هو غانم بن أيوب المتيم المسلوب ولكن العريف ليس له به معرفة وكان يظن أنه رجل مسكين مديون سلبت نعمته أو عاشق فارق أحبته ، فلما سمعت كلامه خفق قلبها وتعلقت به أحشاؤها .
فقالت له : أرسل معي من يوصلني إلى دارك .
فأرسل معها صبياً صغيراً ، فأوصلها إلى الدار التي فيها الغريب فشكرته على ذلك فلما دخلت تلك الدار وسلمت على زوجة العريف قامت زوجة العريف وقبلت الأرض بين يديها لأنها عرفتها فقالت لها قوت القلوب :
أين الضعيف الذي عندكم ?
فبكت وقالت : ها هو يا سيدتي إلا أنه ابن ناس وعليه أثر النعمة .
فالتفتت إلى الفرش الذي هو راقد عليه وتأملته فرأته كأنه هو بذاته ولكنه قد تغير حاله وزاد نحوله ورق إلى أن صار كالخلال وأنبهم عليها أمره فلم تتحقق أنه هو ولكن أخذتها الشفقة عليه فصارت تبكي وتقول :
إن الغرباء مساكين وإن كانوا أمراء في بلادهم .
ورتبت له الشراب والأدوية ، ثم جلست عند رأسه ساعة وركبت وطلعت إلى قصرها وصارت تطلع في كل سوق لأجل التفتيش على غانم ثم أن العريف أتى بأمه وأخته فتنة ودخل بهما على قوت القلوب وقال :
يا سيدة المحسنات قد دخل مدينتنا في هذا اليوم امرأة وبنت ، وهما من وجوه الناس وعليهما أثر النعمة لائح لكنهما لابستان ثياباً من الشعر وكل واحدة معلقة في رقبتها مخلاة وعيونهما باكية وقلوبهما حزينة ، وها أنا أتيت بهما إليك لتأويهما وتصونيهما من ذل السؤال لأنهما لستا أهلاً لسؤال اللئام وإن شاء الله ندخل بسببهما الجنة .
فقالت : والله يا سيدي لقد شوقتني إليهما واين هم ?
فأمرهما بالدخول فعند ذلك دخلت فتنة وأمها على قوت القلوب فلما نظرتهما قوت القلوب وهما ذاتا جمال بكت عليهما ، وقالت :
والله إنهما أولاد نعمة ويلوح عليهما أثر الغنى .
فقال العريف : يا سيدتي إننا نحب الفقراء والمساكين لأجل الثواب وهؤلاء ربما جار عليهم الظلمة وسلبوا نعمتهم وأخربوا ديارهم .
ثم إن المرأتين بكيتا بكاء شديداً وتفكرتا غانم بن أيوب المتيم المسلوب فزاد نحيبهما فلما بكيتا بكت قوت القلوب لبكائهما ثم إن أمه قالت :
نسأل الله أن يجمعنا بمن نريده وهو ولدي غانم بن أيوب .
فلما سمعت قوت القلوب هذا الكلام علمت أن هذه المرأة أم معشوقها وأن الأخرى أخته فبكت هي حتى غشي عليها ، فلما أفاقت أقبلت عليهما وقالت لهما :
لا بأس عليكما فهذا اليوم يوم سعادتكما ، وآخر شقاوتكما فلا تحزنا .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:34 pm

تكملة حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة

الليلة التاسعة والخمسين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن قوت القلوب قالت لهما :
لا تحزنا .
ثم أمرت العريف أن يأخذهما إلى بيته ويخلي زوجته تدخلهما الحمام وتلبسهما ثياباً حسنة وتتوصى بهما وتكرمهما غاية الإكرام وأعطته جملة من المال ، وفي ثاني يوم ركبت قوت القلوب وذهبت إلى بيت العريف ودخلت عند زوجته فقامت إليها وقبلت يديها وشكرت إحسانها ، ورأت أم غانم وأخته وقد أدخلتهما زوجة العريف الحمام ونزعت ما عليهما من الثياب فظهرت عليهما آثار النعمة فجلست تحادثهما ساعة ثم سألت زوجة العريف عن المريض الذي عندها فقالت :
هو بحاله .
فقالت : قوموا بنا نطل عليه ونعود .
فقامت هي وزوجة العريف وأم غانم وأخته ودخلن عليه وجلسن عنده .
فلما سمعهن غانم بن أيوب المتيم المسلوب يذكرن قوت القلوب وكان قد انتحل جسمه ورق عظمه ردت له روحه ورفع رأسه من فوق المخدة ونادى :
يا قوت القلوب .
فنظرت إليهم وتحققته فعرفته وصاحت بدورها : نعم يا حبيبي .
فقال لها : اقربي مني .
فقالت له : لعلك غانم بن أيوب المتيم المسلوب .
فقال لها : نعم أنا هو .
فعند ذلك وقعت مغشياً عليها .
فلما سمعت أمه وأخته كلامهما صاحتا بقولهما : وافرحتاه .
ووقعتا مغشياً عليهما وبعد ذلك استفاقتا فقالت له قوت القلوب : الحمد لله الذي جمع شملنا بك وبأمك وأختك .
وتقدمت إليه وحكت له جميع ما جرى لها مع الخليفة وقالت : إني قلت له قد أظهرت لك الحق يا أمير المؤمنين فصدق كلامي ورضي عنك وهو اليوم يتمنى أن يراك .
ثم قالت لغانم : إن الخليفة وهبني لك .
ففرح بذلك غاية الفرح فقالت لهم قوت القلوب : لا تبرحوا حتى أحضر .
ثم إنها قامت من وقتها وساعتها وانطلقت إلى قصرها وحملت الصندوق الذي أخذته من داره وأخرجت منه دنانير وأعطت العريف إياها وقالت له :
خذ هذه الدنانير واشتر لكل شخص منهم أربع بدلات كوامل من أحسن القماش وعشرين منديلاً وغير ذلك مما يحتاجون إليه ثم إنها دخلت بهما وبغانم الحمام وأمرت بغسلهم وعملت لهم المساليق وماء الخولجان وماء التفاح بعد أن خرجوا من الحمام ولبسوا الثياب وأقامت عندهم ثلاثة أيام وهي تطعمهم لحم الدجاج والمساليق وتسقيهم السكر المكرر وبعد ثلاثة أيام ردت لهم أرواحهم وأدخلتهم الحمام ثانياً وخرجوا وغيرت عليهم الثياب وخلتهم في بيت العريف وذهبت إلى الخليفة وقبلت الأرض بين يديه وأعلمته بالقصة وأنه قد حضر سيدها غانم بن أيوب المتيم المسلوب وأن أمه وأخته قد حضرتا .
فلما سمع الخليفة كلام قوت القلوب قال للخدام : علي بغانم .
فنزل جعفر إليه وكانت قوت القلوب قد سبقته ودخلت على غانم وقالت له : إن الخليفة قد أرسل إليك ليحضرك بين يديه فعليك بفصاحة اللسان وثبات الجنان وعذوبة الكلام .
وألبسته حلة فاخرة وأعطته دنانير بكثرة وقالت له : أكثر البذل إلى حاشية الخليفة وأنت داخل عليه .
وإذا بجعفر أقبل عليه وهو على بغلته فقام غانم وقابله وحياه وقبل الأرض بين يديه وقد ظهر كوكب سعده وارتفع طالع مجده فأخذه جعفر ولم يزالا سائرين حتى دخلا على أمير المؤمنين ، فلما حضرا بين يديه نظر إلى الوزراء والأمراء والحجاب والنواب وأرباب الدولة وأصحاب الصولة وكان غانم فصيح اللسان ثابت الجنان رقيق العبارة أنيق الإشارة فأطرق برأسه إلى الأرض ، ثم نظر إلى الخليفة وأنشد هذه الأبيات :
أفديك من ملك عظـيم الـشـان ........ متتابع الحسنـات والإحـسـان
متوقد العزمات فياض الـنـدى ........ حدث عن الطوفان والـنـيران
لا يلجون بغيره مـن قـيصـر ........ في ذا المقام وصاحـب الإيوان
تضع الملوك على ثرى أعتابـه ........ عند السلام جواهر الـتـيجـان
حتى إذا شخصت له أبصارهـم ........ خروا لهيبته عـلـى الأذقـان
ويفيدهم ذاك المقام مع الرضـا ........ رتب العلا وجلالة السلـطـان
ضاقت بعسكرك الفيافي والفـلا ........ فاضرب خيامك في ذرى كيوان
وأقري الكواكب بالمواكب محسناً ........ لشريف ذاك العالم الروحانـي
وملكت شامخة الصياصي عنوة ........ من حسن تدبير وثبت جـنـان
ونشرت عدلك في البسيطة كلها ........ حتى استوى القاصي بها والداني
فلما فرغ من شعره طرب الخليفة من محاسن رونقه وأعجبه فصاحة لسانه وعذوبة منطقه .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:36 pm

تكملة حكاية التاجر أيوب وابنه غانم وبنته فتنة
وبداية حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن غانم بن أيوب لما أعجب الخليفة فصاحته ونظمه وعذوبة منطقه قال له :
ادن مني .
فدنا منه ثم قال له : اشرح لي قصتك وأطلعني على حقيقة خبرك .
فقعد وحدث الخليفة بما جرى له من المبتدأ إلى المنتهى ، فلما علم الخليفة أنه صادق خلع عليه وقربه إليه وقال :
أبري ذمتي .
فأبرأ ذمته وقال له : يا أمير المؤمنين إن العبد وما ملكت يداه لسيده .
ففرح الخليفة بذلك ثم أمر أن يفرد له قصر ورتب له من الجوامك والجرايات شيئاً كثيراً فنقل أمه وأخته إليه وسمع الخليفة بأن أخته فتنة في الحسن فخطبها منه وقال له غانم :
إنها جاريتك وأنا مملوكك .
فشكره وأعطاه مائة ألف دينار وأتى بالقاضي والشهود وكتبوا الكتاب ودخل هو وغانم في نهار واحد فدخل الخليفة على فتنة وغانم بن أيوب على قوت القلوب فلما أصبح الصباح أمر الخليفة أن يؤرخ جميع ما جرى لغانم من أوله إلى آخره وأن يدون في السجلات لأجل أن يطلع عليه من يأتي بعده فيتعجب من تصرفات الأقدار ويفوض الأمر إلى خالق الليل والنهار وليس هذا بأعجب من حكاية عمر النعمان وولده ضوء المكان وما جرى لهم من العجائب والغرائب .
قال الملك شهريار : وما حكايتهم ?

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنه كان بمدينة دمشق قبل خلافة عبد الملك بن مروان ملك يقال له عمر النعمان وكان من الجبابرة الكبار وقد قهر الملوك الأكاسرة والقياصرة وكان لا يصطلى له بنار ولا يجاريه أحد في مضمار وإذا غضب يخرج من منخريه لهيب النار وكان قد ملك جميع الأقطار ونفذ حكمه في سائر القرى والأمصار وأطاع له جميع العباد ووصلت عساكره إلى أقصى البلاد ودخل في حكمه المشرق والمغرب وما بينهما من الهند والسند والصين واليمن والحجاز والسودان والشام والروم وديار بكر وجزائر البحار وما في الأرض من مشاهير الأنهار كسيحون وحجيجون والنيل والفرات وأرسل رسله إلى أقصى البلاد ليأتوا بحقيقة الأخبار فرجعوا وأخبروه بأن سائر الناس أذعنت لطاعته وجميع الجبابرة خضعت لهيبته وقد عمهم بالفضل والامتنان وأشاع بينهم العدل والأمان لأنه كان عظيم الشأن وحملت إليه الهدايا من الكل فكان واجبي إليه خراج الأرض في طولها وعرضها .
وكان له ولد وقد سماه شركان لأنه نشأ آفة من آفات الزمان وقهر الشجعان وأباد الأقران فأحبه والده حباً شديداً ما عليه من مزيد وأوصى له بالملك من بعده .
ثم إن شركان هذا حين بلغ مبلغ الرجال وصار له من العمر عشرون سنة أطاع له جميع العباد لما به من شدة البأس والعناد وكان والده عمر النعمان له اربع نساء بالكتاب والسنة لكنه لم يرزق منهن بغير شركان وهو من إحداهن والباقيات عواقر لم يرزق من واحدة منهن بولد ومع ذلك كله كان له ثلاثمائة وستون سرية على عدد أيام السنة القبطية وتلك السراري من سائر الأجناس وكان قد بنى لكل واحدة منهن مقصورة وكانت المقاصير من داخل القصر ، فإنه بنى اثني عشر قصراً على عدد شهور السنة وجعل في كل قصر ثلاثين مقصورة فكانت جملة المقاصير ثلاثمائة وستون مقصورة وأسكن تلك الجواري في هذه المقاصير وفرض لكل سرية منهن ليلة يبيتها عندها ولا يأتيها إلا بعد سنة كاملة ، فأقام على ذلك مدة من الزمن ، ثم إن ولده شركان اشتهر في سائر الأنحاء ففرح به والده وازداد قوة فطغى وتجبر وفتح الحصون والبلاد واتفق بالأمر المقدر أن جارية من جواري النعمان قد حملت واشتهر حملها وعلم الملك بذلك ففرح فرحاً شديداً وقال :
لعل ذريتي ونسلي تكون كلها ذكوراً .
فأرخ يوم حملها وصار يحسن إليها فعلم شركان بذلك فاغتم وعظم الأمر .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم



عدد المشاركات : 824
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:37 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الواحدة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن شركان لما علم أن جارية أبيه قد حملت اغتم وعظم عليه ذلك وقال :
قد جاءني من ينازعني في المملكة .
فأضمر في نفسه أن هذه الجارية إن ولدت ذكر أقتله وكتم ذلك في نفسه ، هذا ما كان من أمر شركان .
وأما ما كان من أمر الجارية فإنها كانت رومية وكان قد بعثها إليه هدية ملك الروم صاحب قيسارية وأرسل معها تحفاً كثيرة وكان اسمها صفية وكانت أحسن الجواري وأجملهن وجهاً وأصونهن عرضاً وكانت ذات عقل وافر وجمال باهر وكانت تخدم الملك ليلة مبيته عندها وتقول له :
أيها الملك كنت أشتهي من إله السماء أن يرزقك مني ولد ذكراً حتى أحسن تربيته لك وأبالغ في أدبه وصيانته .
فيفرح الملك ويعجبه ذلك الكلام ، فما زالت كذلك حتى كملت أشهرها فجلست على كرسي الطلق وكانت على صلاح تحسن العبادة فتصلي وتدعو الله أن يرزقها بولد صالح ويسهل عليها ولادته فتقبل الله منها دعاءها وكان الملك قد وكل بها خادماً يخبره بما تضعه هل هو ذكر أو أنثى وكذلك ولده شركان كان أرسل من يعرفه بذلك ، فلما وضعت صفية ذلك المولود تأملته القوابل فوجدنه بنتاً بوجه أبهى من القمر ، فأعلمن الحاضرين بذلك فرجع رسول الملك وأخبره بذلك وكذلك رسول شركان أخبره بذلك ففرح فرحاً شديداً .
فلما انصرف الخدام قالت صفية للقوابل : أمهلوا علي ساعة فإني أحس بأن أحشائي فيها شيء آخر ، ثم تأوهت وجاءها الطلق ثانياً وسهل الله عليها فوضعت مولوداً ثانياً فنظرت إليه القوابل فوجدته ذكراً يشبه البدر بجبين أزهر وخد أحمر مورد ففرحت به الجارية والخدام والحشم وكل من حضر ورمت صفية الخلاص وقد أطلقوا الزغاريد في القصر فسمع بقية الجواري بذلك فحسدنها . وبلغ عمر النعمان الخبر ففرح واستبشر وقام ودخل عليها وقبل رأسها ونظر إلى المولود ثم انحنى وقبله وضربت الجواري بالدفوف ولعبت بالآلات وأمر الملك أن يسموا المولود ضوء المكان وأخته نزهة الزمان فامتثلوا أمره وأجابوه بالسمع والطاعة ، ورتب لهم من يخدمهم من المراضع والخدم والحشم ورتب لهم الرواتب من السكر والأشربة والأدهان وغير ذلك مما يكل عن وصفه اللسان .
وسمع أهل دمشق وأقبل الأمراء والوزراء وأرباب الدولة وهنئوا الملك عمر النعمان بولده ضوء المكان وبنته نزهة الزمان فشكرهم الملك على ذلك وخلع عليهم وزاد إكرامهم من الأنعام وأحسن إلى الحاضرين من الخاص والعام ، وما زال على تلك الحالة إلى أن مضت أربعة أعوام وهو في كل يوم يسأل عن صفية وأولادها ، وبعد الأربعة أعوام أمر أن ينقل إليها من المصاغ والحلي والحمل والأموال شيء كثير وأوصاهم بتربيتهما وحسن أدبهما ، كل هذا وابن الملك شركان لا يعلم أن والده عمر النعمان رزق ولداً ذكراً ولم يعلم أنه رزق سوى نزهة الزمان وأخفوا عليه خبر ضوء المكان إلى أن مضت أيام وأعوام وهو مشغول بمقارعة الشجعان ومبارزة الفرسان . فبينما عمر النعمان جالس يوماً من الأيام إذ دخل عليه الحجاب وقبلوا الأرض بين يديه وقالوا :
أيها الملك قد وصلت إلينا رسل من ملك الروم صاحب القسطنطينية العظمى وإنهم يريدون الدخول عليك والتمثل بين يديك فإن أذن لهم الملك بذلك ندخلهم وإلا فلا مرد لأمره .
فعند ذلك أمر لهم بالدخول فلما دخلوا عليه مال إليهم وأقبل عليهم وسألهم عن حالهم وما سبب إقبالهم فقبلوا الأرض بين يديه وقالوا :
أيها الملك الجليل صاحب الباع الطويل اعلم أن الذي أرسلنا إليك الملك أفريدون صاحب البلاد اليونانية والعساكر النصرانية المقيم بمملكة القسطنطينية يعلمك أنه اليوم في حرب شديد مع جبار عنيد هو صاحب قيسارية والسبب في ذلك أن بعض ملوك العرب اتفق أنه وجد في بعض الفتوحات كنزاً من قديم الزمان في عهد الإسكندر فنقل منه أموالاً لا تعد ولا تحصى ، ومن جملة ما وجد فيه ثلاث خرزات مدورات على قدر بيض النعام ، وتلك الخرزات من أغلى الجواهر الأبيض الخالص الذي لا يوجد له نظير وكل خرزة منقوش عليها بالقلم اليوناني أمور من الأسرار ولهن منافع وخواص كثيرة ومن خواصهن أن كل مولود علقت عليه خرزة منهن لم يصبه ألم ما دامت الخرزة معلقة عليه ولا يحمي ولا يسخن .
فلما وضع يده عليها ووقع بها وعرف ما فيها من الأسرار أرسل إلى الملك أفريدون هدية من التحف والمال ومن جملتها الثلاث خرزات وجهز مركبين واحد فيه مال والآخر فيه رجال يحفظون تلك الهدايا ممن يتعرض لها في البحر ، وكان يعرف من نفسه أنه لا أحد يقرر أن يتعدى عليه لكونه ملك العرب ولا سيما وطريق المراكب التي فيها الهدايا في البحر الذي في مراكبه مملكة القسطنطينية وهي متوجهة غليه وليس في سواحل ذلك البحر إلا رعاياه ، فلما جهز المركبين سافر إلى أن قربا من بلادنا فخرج عليهما بعض قطاع الطرق من تلك الأرض وفيهم عساكر من عند صاحب قيسارية فأخذوا جميع ما في المركبين من التحف والأموال والذخائر والثلاث خرزات وقتلوا الرجال فبلغ ذلك ملكنا فأرسل إليهم عسكراً فهزموه ، فأرسل إليهم عسكراً أقوى من الأول فهزموه أيضاً .
فعنذ ذلك اغتاظ الملك وأقسم أنه لا يخرج إليهم إلا بنفسه في جميع عسكره وأنه لا يرجع عنهم حتى يخرب قيسارية ويترك أرضها وجميع البلاد التي يحكم عليها ملكاً والمراد من صاحب القوة والسلطان الملك عمر النعمان أن يمدنا بعسكر من عنده حتى يصير الفجر وقد أرسل إليك ملكنا معنا شيئاً من أنواع الهدايا ويرجو من إنعامك قبولها والتفضل عليه بالإنجاز .
ثم أن الرسل قبلوا الأرض بين يدي الملك عمر النعمان .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:37 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثانية والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن رسل ملك القسطنطينية قبلوا الأرض بين يدي الملك عمر النعمان بعد أن حكوا له ثم أعلموه بالهدية وكانت الهدية خمسين جارية من خواص بلاد الروم وخمسين مملوكاً عليه أقبية من الديباج بمناطق من الذهب والفضة وكل مملوك في أذنه حلقة من الذهب فيها لؤلؤة تساوي ألف مثقال من الذهب والجواري كذلك وعليهم من القماش ما يساوي مالاً جزيلاً ، فلما رآهم الملك قبلهم وفرح بهم وأمر بإكرام الرسل وأقبل على وزرائه يشاورهم فيما يغفل فنهض من بينهم وزير وكان شيخاً كبيراً يقال له دندان فقبل الأرض بين يدي الملك عمر النعمان وقال :
أيها الملك ما في الأمر أحسن من أنك تجهز عسكراً جراراً وتجعل قائدهم ولدك شركان ونحن بين يديه غلمان هذا الرأي أحسبن لوجهين ، الأول أن ملك الروم قد استجار بك وأرسل إليك هدية فقبلتها ، والوجه الثاني أن العدو لا يجسر على بلادنا فإذا منع عسكرك عن ملك الروم وهزم عدوه ينسب هذا الأمر إليك ويشيع ذلك في سائر الأقطار والبلاد ، ولا سيما إذا وصل الخبر إلى جزائر البحر وسمع بذلك أهل المغرب فإنهم يحملون إليك الهدايا والتحف والأموال .
فلما سمع لملك هذا الكلام من وزيره دندان أعجبه واستصوبه وخلع عليه وقال له :
مثلك من تستشيره الملوك ينبغي أن تكون أنت في مقدم العسكر وولدي شركان في ساقة العسكر .
ثم إن الملك أمر بإحضار ولده فلما حضر قص عليه القصة وأخبره بما قاله الرسل وبما قاله الوزير دندان وأوصاه بأخذ الأهبة والتجهيز للسفر وأنه لا يخالف الوزير دندان فيما يشور به عليه وأمره أن ينتخب من عسكره عشرة آلاف فارس كاملين العدة صابرين على الشدة فامتثل شركان ما قاله والده عمر النعمان وقام في الوقت واختار من عسكره عشرة آلاف فارس ثم دخل قصره وأخرج مالاً جزيلاً وأنفق عليهم المال وقال لهم :
قد أمهلتكم ثلاثة أيام .
فقبلوا الارض بين يديه مطيعين لأمره ، ثم خرجوا من عنده وأخذوا من الأهبة وإصلاح الشأن ثم إن شركان دخل خزائن السلاح وأخذ ما يحتاج إليه من العدد والسلاح ، دخل الإصطبل واختار منه الخيل المسالمة وأخذ غير ذلك وبعد ذلك أقاموا ثلاثة أيام ثم خرجت العساكر إلى ظاهر المدينة وخرج الملك عمر النعمان لوداع ولده شركان فقبل الأرض بين يديه وأهدى له سبع خزائن من المال وأقبل على الوزير دندان وأوصاه بعسكر ولده شركان فقبل الأرض بين يديه وأجابه بالسمع والطاعة وأقبل الملك على ولده شركان وأوصاه بمشاورة الوزير دندان في سائر الأمور ، فقبل ذلك ورجع والده إلى أن دخل المدينة ، ثم إن شركان أمر كبار العسكر بعرضهم عليه وكانت عدتهم عشرة آلاف فارس غير ما يتبعهم ثم إن القوم حملوا ودقت الطبول وصاح النفير وانتشرت الأعلام تخفق على رؤوسهم ولم يزالوا سائرين والرسل تقدمهم إلى أن ولى النهار وأقبل الليل ، فنزلوا واستراحوا وباتوا تلك الليلة .
فلما اصبح الصباح ركبوا وساروا ولم يزالوا سائرين ، والرسل يدلونهم على الطريق مدة عشرين يوماً ثم أشرفوا في اليوم الحادي والعشرين على واد واسع الجهات كثير الأشجار والنبات ، وكان وصولهم إلى ذات الوادي ليلاً فأمرهم شركان بالنزول والإقامة فيه ثلاثة أيام فنزل العساكر وضربوا الخيام وافترق العسكر يميناً وشمالاً ونزل الوزير دندان وصحبته رسل أفريدون ، صاحب القسطنطينية ، في وسط ذلك الوادي وأما الملك شركان فإنه كان في وقت وصول العسكر ، وقف بعدهم ساعة حتى نزلوا جميعهم وتفرقوا في جوانب الوادي ثم إنه أرخى عنان جواده وأراد أن يكشف ذلك الوادي ، ويتولى الحرس بنفسه لأجل وصية والده إياه فإنهم في أول بلاد الروم وأرض العدو فسار وحده بعد أن أمر مماليكه وخواصه بالنزول عند الوزير دندان ثم إنه لم يزل سائراً على ظهر جواده في جوانب الوادي ، إلى أن مضى من الليل ربعه فتعب وغلب عليه النوم فصار لا يقدر أن يركض الجواد وكان له عادة أنه ينام على ظهر جواده .
فلما هجم عليه النوم نام ولم يزل الجواد سائراً به إلى نصف الليل فدخل به في بعض الغابات وكانت تلك الغابة كثيرة الأشجار فلم ينتبه شركان حتى دق الجواد بحافره في الأرض فاستيقظ فوجد نفسه بين الأشجار ، وقد طلع عليه القمر وأضاء في الخافقين فاندهش شركان لما رأى نفسه في ذلك المكان وقال كلمة لا يخجل قائلها وهي :
لا حول ولا قوة إلا بالله .
فبينما هو كذلك خائف من الوحوش متحير لا يدري أين يتوجه فلما رأى القمر أشرف على مرج كأنه من مروج الجنة سمع كلاماً مليحاً وصوتاً علياً وضحكاً يسبي عقول الرجال فنزل الملك شركان عن جواده في الأسحار ومشى حتى أشرف على نهر فرأى فيه الماء يجري وسمع كلام امرأة تتكلم بالعربية وهي تقول :
وحق المسيح إن هذا منكن غير مليح ولكن كل من تكلمت بكلمة صرعتها وكتفتها بزنارها .
كل هذا وشركان يمشي إلى جهة الصوت حتى انتهى إلى طرف المكان ثم نظر فإذا بنهر مسرح وطيور تمرح وغزلان تسنح ووحوش ترتع والطيور بلغاتها لمعاني الحظ تنشرح وذلك المكان مزركش بأنواع النبات ، فقال هذه الأبيات :
ماتحسن الأرض إلا عند زهرتـها ........ والماء من فوقها يجري بإرسال
صنعا الاله العظيم الشأن مقـتـدرا ........ معطى العطايا ومعطي كل من فضال
فنظر شركان إلى ذلك المكان فرأى فيه ديراً ، ومن داخل الدير قلعة شاهقة في الهواء في ضوء القمر وفي وسطها نهر يجري الماء منه إلى تلك الرياض وهناك امرأة بين يديها عشر جوار كأنهن الأقمار وعليهن من أنواع الحلي والحلل ما يدهش الأبصار وكلهن أبكار بديعات كما قيل فيهن هذه الأبيات :
يشرق المرج بما فيه ........ من البيض العـوال
زاد حسناً وجـمـالاً ........ من بديعات الخلال
كل هيفاء قـوامـا ........ ذات غـنـج ودلال
راخيات الشـعـور ........ كاعناقيد الـدوالـي
فاتـنـات بـعـيون ........ راميات بالـنـبـال
مائسـات قـاتـلات ........ لصناديد الـرجـال
فنظر شركان إلى هؤلاء العشر جوار فوجد بينهن جارية كأنه البدر عند تمامه بحاجب مرجرج وخبير أبلج وطرف أهدب وصدغ معقرب فأنشد :
تزهو علي بألحـاظ بـديعـات ........ وقدها مخجل للسـمـهـريات
تبدو إلينـا وخـداهـا مـوردة ........ فيها منا لظرف أنواع الملاحات
كأن طرتها في نور طلعتـهـا ........ ليل يلوح على صبح المسرات
فسمعها شركان وهي تقول للجواري :
تقدموا حتى أصارعكم قبل أن يغيب القمر ويأتي الصباح .
فصارت كل واحدة منهن تتقدم إليها فتصرعها في الحال وتكتفها بزنارها فلم تزل تصارعهن وتصرعهن حتى صرعت الجميع ثم التفتت إليها جارية عجوز كانت بين يديها وقالت لها وهي كالمغضبة عليها :
يا فاجرة أتفرحين بصرعك للجواري فها أنا عجوز وقد صرعتهن أربعين مرة فكيف تعجبين ينفسك ولكن إن كان لك قوة على مصارعتي فصارعيني فإن أردت ذلك وقمت لمصارعتي أقوم لك وأجعل رأسك بين رجليك .
فتبسمت الجارية ظاهراً وقد امتلأت غيظاً منها باطناً وقامت إليها وقالت لها : يا سيدتي ذات الدواهي بحق المسيح أتصارعينني حقيقة أو تمزحين معي ?
قالت لها : بل اصارعك حقيقة .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:38 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثالثة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما قالت لها العجوز :
أصارعك حقيقة .
قالت لها : قومي للصراع إن كان لك قوة .
فلما سمعت العجوز منها اغتاظت غيظاً شديداً وقام شعر بدنها كأنه شعر قنفذ وقامت لها الجارية فقالت لها العجوز :
وحق المسيح لا أصارعك إلا وأنا عريانة يا فاجرة .
ثم إن العجوز أخذت منديل حرير بعد أن فكت سروالها وأدخلت يديها تحت ثيابها ونزعتها من فوق جسدها ولمت المنديل وشدته في وسطها فصارت كأنها عفريتة معطاء أو حية رقطاء ثم انحنت على الجارية وقالت لها :
افعلي كفعلي .
كل هذا وشركان ينظر إليهما ، ثم إن شركان صار يتأمل في تشويه صورة العجوز ويضحك ، ثم إن العجوز لما فعلت ذلك قامت الجارية على مهل وأخذت فوطة يمانية ، وتنتها مرتين وشمرت سراويلها فبان لها ساقان من المرمر ، وفوقهما كثيب من البلور ناعم مربرب ، وبطن يفوح المسك من أعكانه كأنه مصفح بشقائق النعمان وصدر فيه نهدان كفحلي رمان ثم انحنت عليها العجوز وتماسكا ببعضهما فرفع شركان رأسه إلى السماء ودعا الله أن الجارية تغلب العجوز ، فدخلت الجارية تحت العجوز ووضعت يدها الشمال في شفتها ويدها اليمين في رقبتها مع حلقها ورفعتها على يديها فانفلتت العجوز من يديها ، وارادت الخلاص فوقعت على ظهرها فارتفعت رجلاها إلى فوق فبان ما تحتها في القمر ، ثم ضرطت ضرطتين عفرت إحداهما في الأرض ودخنت الأخرى في السماء ، فضحك شركان منهما حتى وقع على الأرض ، ثم قام وسل حسامه والتفت يميناً وشمالاً فلم ير أحداً غير العجوز مرمية على ظهرها فقال في نفسه :
ما كذب من سماك ذات الدواهي ثم تقرب منهما ليسمع ما يجري بينهما .
فأقبلت الجارية ورمت على العجوز ملاءة من حرير رفيعة وألبستها ثيابها واعتذرت إليها وقالت لها :
يا سيدتي ذات الداواهي ما أردت إلا صرعك لأجل جميع ما حصل لك ولكن أنت انفلت من بين يدي فالحمد لله على السلامة .
فلم ترد عليها جواباً وقامت تمشي من خجلها ولم تزل ماشية إلى أن غابت عن البصر وصارت الجواري مكتفات مرميات ، والجارية واقفة وحدها فقال شركان في نفسه لكل رزق سبب ما غلب علي النوم وسار بي الجواد إلى هذا المكان إلا لبختي فلعل هذه الجارية وما معها يكون غنيمة لي ثم ركب جواده ولكزه ففر به كالسهم إذا فر من القوس وبيده حسامه ، مجرد من غلافه ثم صاح :
الله أكبر .
فلما رأته الجارية نهضت قائمة ، وقالت : اذهب إلى أصحابك قبل الصباح لئلا يأتيك البطارقة فيأخذونك على أسنة الرماح وأنت ما فيك قوة لدفع النسوان فكيف تدافع الرجال الفرسان .
فتحير شركان في نفسه وقال لها وقد ولت عنه معرضة لقصد الدير : يا سيدتي أتذهبين وتتركين المتيم الغريب المسكين الكسير القلب ?
فالتفتت إليه وهي تضحك ، ثم قالت له : ما حاجتك فإني أجيب دعوتك ?
فقال : كيف أطأ أرضك واتحلى بحلاوة لطفك وأرجع بلا أكل من طعامك وقد صرت من بعض خدامك ?
فقالت : لا يأبى الكرامة إلا لئيم تفضل باسم الله على الرأس والعين واركب جوادك وسر على جانب النهر مقابلي ، فأنت في ضيافتي .
ففرح شركان وبادر إلى جواده وركب وما زال ماشياً مقابلها وهي سائرة قبالته إلى أن وصل إلى جسر معمول بأخشاب من الجوز وفيه بكر بسلاسل من البولاد وعليها أقفال في كلاليب فنظر شركان إلى ذلك الجسر وإذا بالجواري اللاتي كن معها في المصارعة قائمات ينظرن إليها فلما أقبلت عليهن كلمت جارية منهن بلسان الرومية وقالت لها :
قومي غليه وأمسكي عنان جواده ثم سيري به إلى الدير .
فسار شركان وهي قدامه إلى أن عدي الجسر وقد اندهش عقله مما رأى ، وقال في نفسه :
يا ليت الوزير دندان كان معي في هذا المكان وتنظر عيناه إلى تلك الجواري الحسان .
ثم التفت إلى تلك الجارية وقال لها : يا بديعة الجمال قد صار لي عليك الآن حرمتان حرمة الصحبة وحرمة سيري إلى منزلك وقبول ضيافتك وقد صرت تحت حكمك وفي عهدك فلو أنك تنعمين علي بالمسير إلى بلاد الإسلام وتتفرجين على كل أسد ضرغام وتعرفين من أنا .
فلما سمعت كلامه اغتاظت منه وقالت له : وحق المسيح لقد كنت عندي ذا عقل ورأي ولكني اطلعت الآن على ما في قلبك من الفساد وكيف يجوز لك أن تتكلم بكلمة تنسب بها إلى الخداع كيف أصنع هذا ? وأنا أعلم متى حصلت عند ملككم عمر النعمان لا أخلص منه لأنه ما في قصوره مثلي ولو كان صاحب بغداد وخراسان ، وبنى له اثني عشر قصراً في كل قصر ثلاثمائة وست وستون جارية على عدد أيام السنة والقصور عدد أشهر السنة وحصلت عنده ما تركني لأن اعتقادكم أنه يحل لكم التمتع بمثلي كما في كتبكم حيث قيل فيها أو ما ملكت أيمانكم فكيف تكلمني بهذا الكلام ? وأما قولك : وتتفرجين على شجعان المسلمين فوحق المسيح إنك قلت قولاً غير صحيح فإني رأيت عسكركم لما استقبلتم أرضنا وبلادنا في هذين اليومين فلما أقبلتم لم أر تربيتكم تربية ملوك وإنما رأيتكم طوائف مجتمعة وأما قولك : تعرفين من أنا فأنا لا أصنع معك جميلاً لأجل إجلالك وإنما افعل ذلك لأجل الفخر ومثلك ما يقول لمثلي ذلك ولو كنت شركان بن الملك عمر النعمان الذي ظهر في هذا المكان .
فقال شركان في نفسه : لعلها عرفت قدوم العسكر وعرفت عدتهم وأنهم عشرة آلاف فارس وعرفت أن والدي أرسلهم معي لنصرة ملك القسطنطينية .
ثم قال شركان : يا سيدتي أقسمت عليك بمن تعتقدين من دينك أن تحدثيني بسبب ذلك حتى يظهر لي الصدق من الكذب ومن يكون عليه وبال ذلك .
فقالت له : وحق ديني لولا أني خفت أن يشيع خبري أني من بنات الروم لكنت خاطرت بنفسي وبارزت العشرة آلاف فارس وقتلت مقدمهم الوزير دندان وظفرت بفارسهم شركان وما كان علي من ذلك عار ولكني قرأت الكتب وتعلمت الأدب من كلام العرب ، ولست أصف لك نفسي بالشجاعة ، مع أنك رأيت مني العلامة والصناعة والقوة في الصراع والبراعة ولو حضر شركان مكانك في هذه الليلة وقيل له نط هذا النهر لأذعن واعترف بالعجز وإني أسأل المسيح أن يرميه بين يدي في هذا الدير حتى أخرج له في صفة الرجال أو أأسره واجعله في الأغلال .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:39 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الرابعة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الصبية النصرانية لما قالت هذا الكلام لشركان وهو يسمعه أخذته النخوة والحمية وغيره الأبطال وأراد أن يظهر لها نفسه ويبطش بها ولكن رده عنها فرط جمالها وبديع حسنها فأنشد هذا البيت :
وإذا المليح أتى بذنب واحد ........ جاءت محاسنه بألف شفيع
ثم صعدت وهو في أثرها فنظر شركان إلى ظهر الجارية ، فراى أردافها تتلاطم كالأمواج في البحر الرجراج فأنشد هذه الأبيات :
في وجهها شافع يمحو إساءتهـا ........ من القلوب وجيه حيثما شفعـا
إذا تأملتها ناديت مـن عـجـب ........ البدر في ليلة الإكمال قد طلعـا
لو أن عفريت بلقيس يصارعهـا ........ من فرط قوته في ساعة صرعا
ولم يزالا سائرين حتى وصلا إلى باب مقنطر وكانت قنطرته من رخام ففتحت الجارية الباب ودخلت ومعها شركان وسارا إلى دهليز طويل مقبى على عشر قناطر معقودة وعلى كل قنطرة قنديل من البلور يشتعل كاشتعال الشمس ، فلقيها الجواري في آخر الدهليز بالشموع المطيبة وعلى رؤوسهن العصائب المزركشة بالفصوص من أصناف الجواهر وسارت وهن أمامها وشركان وراءها إلى أن وصلوا إلى الدير فوجد بداخل ذلك الدير أسرة مقابلة لبعضها وعليها ستور مكللة بالذهب وأرض الدير مفروشة بأنواع الرخام المجزع ، وفي وسطه بركة ماء عليها أربع وعشرين قارورة من الذهب والماء يخرج منها كاللجين ورأى في الصدر سريراً مفروشاً بالحرير الملوكي فقالت له الجارية :
اصعد يا مولاي على هذا السرير .
فصعد شركان فوق السرير ، وذهبت الجارية وغابت عنه فسأل عنها بعض الخدام فقالوا له :
إنها ذهبت إلى مرقدها ونحن نخدمك كما أمرت .
ثم إنها قدمت إليه من غرائب الألوان فأكل حتى اكتفى ثم بعد ذلك قدمت إليه طشتاً وإبريقاً من الذهب فغسل يديه وخاطره مشغول بعسكره لكونه لا يعلم ما جرى لهم بعد ويتذكر أيضاً كيف نسي وصية أبيه فصار متحيراً في أمره نادماً على ما فعل إلى أن طلع الفجر وبان النهار وهو يتحسر على ما فعل وصار مستغرقاً في الفكر وأنشد هذه الأبيات :
لم أعدم الحزم ولـكـنـنـي ........ دهيت في الأمر فما حيلتـي
لو كان من يكشف عني الهوى ........ برئت من حولي ومن قوتـي
وإن قلبي في ضلال الهـوى ........ صب وأرجو الله في شدتـي
فلما فرغ من شعره رأى بهجة عظيمة قد أقبلت فنظر فإذا هو بأكثر من عشرين جارية كالأقمار حول تلك الجارية وهي بينهن كالبدر بين الكواكب وعليها ديباج ملوكي وفي وسطها زنار مرصع بأنواع الجواهر وقد ضم خصرها وأبرز ردفها فصارا كأنهما كثيب بلور تحت قضيب من فضة ونهداها كفحلي رمان ، فلما نظر شركان ذلك كاد عقله أن يطير من الفرح ونسي عسكره ووزيره وتأمل رأسها فرأى عليها شبكة من اللؤلؤ مفصلة بأنواع الجواهر والجواري عن يمينها ويسارها يرفعن أذيالها وهي تتمايل عجباً فعند ذلك وثب شركان قائماً على قدميه من هيبة حسنها وجمالها فصاح :
واحسرتاه من هذا الزنار وأنشد هذه الأبيات :
ثقـيلة الأرداف مــائلة ........ خرعوبة ناعمة النـهـد
تكتمت ما عندها من جوى ........ ولست أكتم الذي عنـدي
خدامها يمشين من خلفهـا ........ كالقبل في حل وفي عقد
ثم إن الجارية جعلت تنظر إليه طويلاً وتكرر فيه النظر إلى أن تحققته وعرفته فقالت له بعد أن أقبلت عليه :
قد أشرق بك المكان يا شركان كيف كانت ليلتك يا همام بعدما مضينا وتركناك ?
ثم قالت له : إن الكذب عند الملوك منقصة وعار ولا سيما عند أكابر الملوك وأنت شركان بن عمر النعمان فلا تنكر نفسك وحسبك ولا تكتم أمرك عني ولا تسمعني بعد ذلك غير الصدق . إن الكذب يورث البغض والعداوة ، فقد نفذ فيك سهم القضا فعليك بالتسليم والرضا .
فلما سمع كلامها لم يمكنه الإنكار فأخبرها بالصدق وقال لها : أنا شركان بن عمر النعمان الذي عذبني الزمان وأوقعني في هذا المكان ، فمهما شئت فافعليه الآن .
فأطرقت برأسها إلى الأرض برهة ثم التفتت إلهي وقالت له : طب نفساً وقر عيناً فإنك ضيفي وصار بيننا وبينك خبز وملح وحديث ومؤانسة فأنت في ذمتي وفي عهدي فكن آمناً . وحق المسيح لو أراد أهل الأرض أن يؤذوك لما وصلوا إليك إلا إن خرجت روحي من أجلك ، ولو كان خاطري في قتلك لقتلتك في هذا الوقت .
ثم تقدمت إلى المائدة وأكلت من كل لون لقمة ، فعند ذلك أكل شركان ففرحت الجارية وأكلت معه إلى أن اكتفيا ، وبعد أن غسلا أيديهما قامت وأمرت الجارية أن تأتي بالرياحين وآلات الشراب من أواني الذهب والفضة والبلور وأن يكون الشراب من سائر الألوان المختلفة والأنواع النفيسة فأتتها بجميع ما طلبته ، ثم إن الجارية ملأت أولاً القدح وشربته قبله كما فعلت في الطعام ، ثم ملأت ثانياً وأعطته إياه فشرب فقالت له :
يا مسلم انظر كيف أنت في ألذ عيش ومسرة .
ولم تزل تشرب معه إلى أن غاب عن رشده .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:40 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الخامسة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية ما زالت تشرب وتسقي شركان إلى أن غاب عن رشده من الشراب ومن سكر محبتها ، ثم إنها قالت الجارية :
يا مرجانة هات لنا شيئاً من آلات الطرب .
فقالت : سمعاً وطاعة .
ثم غابت لحظة وأتت بعود جلقي وجنك عجمي وناي تتري وقانون مصري ، فأخذت الجارية العود وأصلحته وشدت أوتاره وغنت عليه بصوت رخيم أرق من النسيم وأعذب من ماء التنسيم وأنشدت مطربة بهذه الأبيات :
عفا الله عن عينينك كم سفكت دما ........ وكم فوقت منك اللواحظ أسهما
أجل حبيباً حائراً في حـبـيبـه ........ حراً عـيه أن يرق ويرحـمـا
هنيئاً لطرف فيك بات مسـهـداً ........ وطوبى لقلب ظل فيك متـيمـا
تحكمت في قتلي فإنك مالـكـي ........ بروحي أفدي الحاكم المتحكمـا
ثم قامت واحدة من الجواري ومعها آلتها وأنشدت تقول عليها أبيات بلسان الرومية فطرب شركان ، ثم غنت الجارية سيدتهن أيضاً وقالت :
يا مسلم أما فهمت ما أقول ?
قال : لا ولكن ما طربت إلا على حسن أناملك .
فضحكت وقالت له : إن غنيت لك بالعربية ماذا تصنع ?
فقال : ما كنت أتمالك عقلي .
فأخذت آلة الطرب وغيرت الضرب وأنشدت هذه الأبيات :
طعم التفريق مـر ........ فهل لذلك صـبـر
أهوى ظريفاً سباني ........ بالحسن والهجر مر
فلما فرغت من شعرها نظرت إلى شركان فوجدته قد غاب عن وجوده ولم يزل مطروحاً بينهن ممدوداً ساعة ثم أفاق وتذكر الغناء فمال طرباً ، ثم إن الجارية أقبلت هي وشركان على الشراب ولم يزالا في لعب ولهو إلى أن ولى النهار بالرواح ونشر الليل الجناح فقامت إلى مرقدها فسأل شركان عنها فقالوا له أنها مضت إلى مرقدها فقال :
في رعاية الله وحفظه .
فلما أصبح أقبلت عليه الجارية وقالت له : إن سيدتي تدعوك إليها .
فقام معها وسار خلفها فلما قرب من مكانها زفته الجواري بالدفوف والمغاني إلى أن وصل إلى باب كبير من العاج مرصع بالدر والجوهر فلما دخلوا منه وجد داراً كبيرة أيضاً وفي صدرها إيوان كبير مفروش بأنواع الحرير وبدائر ذلك شبابيك مفتحة مطلة على أشجار وأنهار وفي البيت صور مجسمة يدخل فيها الهواء فتتحرك في جوفها آلات فيتخيل للناظر أنها تتكلم والجارية جالسة تنظر إليهم ، فلما نظرته الجارية نهضت قائمة إليه وأخذت يده وأجلسته بجانبها وسألته عن مبيته فدعا لها ثم جلسا يتحدثان فقالت له :
أتعرف شيئاً مما يتعلق بالعاشقين والمتيمين ?
فقال : نعم أعرف شيئاً من الأشعار .
فقالت أسمعني .
فأنشد هذه الأبيات :
لا.. لا أبوح بحب عزة إنهـا ........ أخذت علي مواثقاً وعهـودا
وهبان مدين والذين عهدتهـم ........ يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما سمعت حديثها ........ خروا لعزة ركعاً وسجـودا
فلما سمعته قالت : لقد كان باهراً كثيراً في الفصاحة بارع البلاغة لأنه بالغ في وصفه العزة حيث قال ، وأنشدت هذين البيتين :
لو أن عزة حاكمت شمس الضحى ........ في الحسن عند موفق لقضي لها
وسعت إلي بغيب عـزة نـسـوة ........ جعل الإله خدودهن نعـالـهـا
ثم قالت : وقيل أن عزة كانت في غاية الحسن والجمال .
ثم قالت له : يا ابن الملك إن كنت تعرف شيئاً من كلام جميل فأنشدنا منه .
فقال : إني أعرف به كل واحد ، ثم أنشد من شعر جميل هذا البيت :
تريدين قتلي لا تريدين غـيره ........ ولست أرى قصداً سواك أريد
فلما سمعت ذلك قالت له : أحسنت يا ابن الملك ، ما الذي ارادته عزة بجميل حتى قال هذا الشطر ? أي : تريدين قتلي لا تريدين غيره .
فقال لها شركان : يا سيدتي لقد أرادت به ما تريدين مني ولا يرضيك .
فضحكت لما قال لها شركان هذا الكلام ، ولم يزالا يشربان إلى أن ولى النهار وأقبل الليل بالاعتكار فقامت الجارية وذهبت مرقدها ونامت ونام شركان في مرقده إلى أن أصبح الصبح ، فلما أفاق أقبلت عليه الجواري بالدفوف وآلات الطرب كالعادة ومشى الجواري حوله يضربن بالدفوف والآلات إلى أن خرج من تلك الدار ودخل داراً غيره أعظم من الأولى وفيها من التماثيل وصور الوحوش ما لا يوصف فتعجب شركان مما رأى من صنع ذلك المكان فأنشد هذه الأبيات :
أجني رقيبي من ثمار قلائد ........ در النحور منضداً بالعسجد
وعيون ماء من سبائك فـضة ........ وخدود ورد في وجوه زبرجد
فكأنما لون البنفسج قد حكـى ........ زرق العيون وكحلت بالأثمد
فلما رأت الجارية شركان قامت له وأخذت يده وأجلسته إلى جانبها وقالت له :
أنت ابن الملك عمر النعمان فهل تحسن لعب الشطرنج ?
فقال : نعم ، ولكن لا تكوني كما قال الشاعر :
أقول والوجد يكويني وينـشـرنـي ........ ونهلة من رضاب الحب تروينـي
حضرت شطرنج من أهوى فلاعبني ....... بالبيض والسود ولكن ليس يرضيني
كأنما الشاة عند الرخ مـوضـعـه ........ وقد تفقـد دسـتـا بـالـفـرازين
فإن نظرت إلى معنى لواحظـهـا ........ فإن ألحاظهـا يا قـوم تـردينـي
ثم قدم الشطرنج ولعبت معه فصار شركان كلما أراد أن ينظر إلى نقلها نظر إلى وجهها فيضع الفرس موضع الفيل ويضع الفيل موضع الفرس فضحكت وقالت :
إن كان لعبك هكذا فأنت لا تعرف شيئاً .
فقال : هذا أول دست لا تحسبيه .
فلما غلبته رجع وصف القطع ولعب معها فغلبته ثانياً وثالثاً ورابعاً وخامساً ، ثم التفتت إليه وقالت له :
أنت في كل شيء مغلوب .
فقال : يا سيدتي مع مثلك يحسن أن أكون مغلوباً .
ثم أمرت بإحضار الطعام فأكلا وغسلا أيديهما وأمرت بإحضار الشراب فشربا وبعد ذلك أخذت القانون وكان لها بضرب القانون معرفة جيدة فأنشدت هذه الأبيات :
الدهر ما بين مطوي ومبسـوط ........ ومثله مثل محرور ومخـروط
فاضرب على إن كنت مقتـدراً ........ أن لا تفارقني في وجه التفريط
ثم إنهما لم يزالا على ذلك إلى أن أقبل الليل فكان ذلك اليوم أحسن من اليوم الذي قبله ، فلما أقبل الليل مضت الجارية إلى مرقدها وانصرف شركان إلى موضعه فنام إلى الصباح ثم أقبلت عليه الجواري بالدفوف وآلات الطرب وأخذوه كالعادة إلى أن وصلوا إلى الجارية فلما رأته نهضت قائمة وأمسكته من يده وأجلسته بجانبها وسألته عن مبيته فدعا لها بطول البقاء ، ثم أخذت العود وأنشدت هذين البيتين :
لا تركنني إلى الفراق ........ فإنه مـر الـمـذاق
الشمس عند غروبهـا ........ تصفر من ألم الفراق
فبينما هما على هذه الحالة وإذا هما بضجة فالتفتا فرأيا رجالاً وشباناً مقبلين وغالبهم بطارقة بأيديهم السيوف مسلولة تلمع وهم يقولون بلسان رومية : وقعت عندنا يا شركان فأيقن الهلاك .
فلما سمع شركان هذا الكلام قال في نفسه : لعل هذه الجارية الجميلة خدعتني وأمهلتني إلى أن جاء رجالها وهم البطارقة الذين خوفتني بهم ، ولكن أنا الذي جنيت على نفسي وألقيتها في الهلاك .
ثم التفت إلى الجارية ليعاتبها فوجد وجهها قد تغير بالاصفرار ، ثم وثبت على قدميها وهي تقول لهم :
من أنتم ?
فقال لها البطريق المقدم عليهم : أيتها الملكة الكريمة والدرة اليتيمة أما تعرفين الذي عندك من هو ?
قالت له : لا أعرفه فمن هو ?
فقال لها : هذا مخرب البلدان وسيد الفرسان هذا شركان ابن الملك عمر النعمان هذا الذي فتح القلاع وملك كل حصن منيع ، وقد وصل خبره إلى الملك حردوب والدك من العجوز ذات الدواهي وتحقق ذلك ملكنا نقلاً عن العجوز وها أنت قد نصرت عسكر الروم بأخذ هذا الأسود المشؤوم .
فلما سمعت كلام البطريق نظرت إليه وقالت له : ما اسمك ?
قالت لها : اسمي ماسورة بن عبدك موسورة بن كاشردة بطريق البطارقة .
قالت له : كيف دخلت علي بغير إذني ?
فقال لها : يا مولاتي إني لما وصلت إلى الباب ما منعني حاجب ولا بواب بل قام جميع البوابين ومشوا بين أيدينا كما جرت به العادة إنه إذا جاء غيرنا يتركونه واقفاً على الباب حتى يستأذنوا عليه الدخول وليس هذا وقت إطالة الكلام والملك منتظر رجوعنا إليه بهذا الملك الذي هو شرارة جمرة عسكر الإسلام لأجل أن يقتله ويرحل عسكره إلى المواضع الذي جاؤوا منه من غير أن يحصل لنا تعب في قتالهم .
فلما سمعت الجارية هذا الكلام قالت له : إن هذا الكلام غير حسن ولكن قد كذبت العجوز ذات الدواهي ظنها قد تكلمت بكلام باطل لا تعلم حقيقته ، وحق المسيح الذي عندي ما هو شركان وإلا كنت أسرته ولكن رجل أتى إلينا وقدم علينا فطلب الضيافة فأضفناه ، فإذا تحققنا أنه شركان بعينه وثبت عندنا أنه هو من غير شك فلا يليق بمروءتي أن أمكنكم منه لأنه دخل تحت عهدي وذمتي ، فلا تخونوني في ضيفي ولا تفضحوني بين الأنام بل ارجع أنت إلى الملك أبي وقبل الأرض بين يديه وأخبره بأن الأمر بخلاف ما قالته العجوز ذات الدواهي .
فقال البطريق ماسورة : يا إبريزة أنا ما أقدر أن أعود إلى الملك إلا بغريمه .
فلما سمعت هذا الكلام قالت : لا كان هذا الأمر فإنه عنوان السفه لأن هذا الرجل واحد وأنتم مائة ، فإذا أردتم مصادمته فابرزوا له واحداً بعد واحد ليظهر عند الملك من هو البطل منكم .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:56 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السادسة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملكة أبريزة لما قالت للبطريق ذلك قال :
وحق المسيح لقد قلت الحق ولكن ما يخرج له ولا غيري .
فقالت الجارية : اصبر حتى أذهب إليه وأعرفه بحقيقة الأمر وأنظر ما عنده من الجواب فإن أجاب الأمر كذلك وإن أبى فلا سبيل لكم إليه وأكون أنا ومن في الدير فداءه .
ثم أقبلت على شركان وأخبرته بما كان فتبسم وعلم أنها لم تخبر أحداً بأمره وإنما شاع خبره حتى وصل إلى الملك بغير إرادتها فرجع باللوم على نفسه وقال :
كيف رميت روحي في بلاد الروم ?
ثم إنه لما سمع كلام الجارية قال لها : إن بروزهم لي واحداً واحد جحاف بهم فهلا يبرزون لي عشرة بعد عشرة ?
وبعد ذلك وثب على قدميه وسار إلى أن أقبل عليهم وكان معه سيفه وآلة حربه ، فلما رآه البطريق وثب إليه وحل عليه فقابله شركان كأنه الأسد وضربه بالسيف على عاتقه فخرج السيف يلمع من أمعائه ، فلما نظرت الجارية ذلك عظم قدر شركان عندها وعرفت أنها لم تصرعه حين صرعته بقوتها بل بحسنها وجمالها .
ثم إن الجارية أقبلت على البطارقة وقالت لهم : خذوا بثأر صاحبكم .
فخرج له أخو المقتول وكان جباراً عنيداً فحمل على شركان فلم يمهله شركان دون أن ضربه بالسيف على عاتقه فخرج السيف يلمع من أمعائه .
فعند ذلك نادت الجارية وقالت : يا عباد المسيح خذوا بثأر صاحبكم .
فلم يزالوا يبرزوا إليه واحداً بعد واحد وشركان يلعب فيهم بسيفه حتى قتل منهم خمسين بطريقاً والجارية تنظر غلتهم وقد قذف الله الرعب في قلوب من بقي منهم وقد تأخروا عن البراز ولم يجسروا على البراز إليه واحداً واحداً بل حملوا عليه حملة واحدة بأجمعهم وحمل عليهم بقلب أقوى من الحجر إلى أن طحنهم طحن الدروس وسلب منهم العقول والنفوس فصاحت الجارية على جواريها وقالت لهن :
من بقي في الدير ?
فقلن لها : لم يبق إلا البوابين .
ثم إن الملكة لاقته وأخذته بالأحضان وطلع شركان معها إلى القصر بعد فراغه من القتال ، وكان قد بقي منهم قليل كامن في زوايا الدير فلما نظرت الجارية إلى ذلك لقليل قامت من عند شركان ثم رجعت إليه وعليها زردية ضيقة العيون وبيدها صارم مهند وقالت :
وحق المسيح لا أبخل بنفسي على ضيفي ولا أتخلى عنه ولم أبق بسبب ذلك معيرة في بلاد الروم .
ثم إنها تأملت البطارقة فوجدتهم قد قتل منهم ثمانون وانهزم منهم عشرون ، فلما نظرت إلى ما صنع بالقوم قالت له :
بمثلك تفتخر الفرسان فلله درك يا شركان .
ثم إنه قام بعد ذلك يمسح سيفه من دم القتلى وينشد هذه الأبيات :
وكم من فرقة في الحرب جاءت ........ تركت كمماتهم طعم السـبـاع
سلوا عني إذا شـئتـم نـزالـي ........ جميع الخلق في يوم الـقـراع
تركت ليوثهم في الحرب صرعى ........ على الرمضاء في تلك البقـاع
فلما فرغ من شعره أقبلت عليه الجارية مبتسمة وقبلت يده وقلعت الدرع الذي كان عليها فقال لها :
يا سيدتي لأي شيء لبست الدرع الزرد وشهرت حسامك ?
قالت : حرصاً عليك من هؤلاء اللئام .
ثم إن الجارية دعت البوابين وقالت لهم : كيف تركتم أصحاب الملك يدخلون منزلي بغير إذني ?
فقالوا لها : أيتها الملكة ما جرت العادة أن نحتاج إلى استئذان منك على رسل الملك خصوصاً البطريق الكبير .
فقالت لهم : أظنكم ما أردتم إلا هتكي وقتل ضيفي .
ثم أمرت شركان أن يضرب رقابهم وقالت لباقي خدامها أنهم يستحقون أكثر من ذلك ، ثم التفتت لشركان وقالت له :
الآن ظهر لك ما كان خافياً فها أنا أعلمك بقصتي :
اعلم أني بنت ملك الروم حردوب واسمي إبريزة والعجوز التي تسمى ذات الدواهي جدتي أم أبي وهي التي أعلمت أبي بك ولا بد أنها تدبر حيلة في هلاكي خصوصاً وقد قتلت بطارقة أبي وشاع أني قد تحزبت مع المسلمين ، فالرأي السديد أنني أترك الإقامة هنا ما دامت ذات الدواهي خلفي ، ولكن أريد منك أن تفعل معي مثل ما فعلت معك من الجميل ، فإن العداوة قد أوقعت بيني وبين أبي فلا تترك من كلامي شيئاً فإن هذا كله ما وقع إلا من أجلك .
فلما سمع شركان هذا الكلام طار عقله من الفرح واتسع صدره وانشرح وقال :
والله لا يصل إليك أحداً ما دامت روحي في جسدي ولكن هل لك صبر على فراق والدك وأهلك ?
قالت : نعم .
فحلف لها شركان وتعاهدا على ذلك ، فقالت له :
إنك ترجع بعسكرك إلى بلادك .
فقال لها : يا سيدتي إن أبي عمر النعمان أرسلني إلى قتال والدك بسبب المال الذي أخذه ومن جملته الثلاث خرزات الكثيرة البركات .
فقالت له : طب نفساً وقر عيناً فها أنا أحدثك بحديثها وأخبرك بسبب معاداتهما لملك القسطيطينية وذلك أن لنا عيداً يقال له عيد الدير كل سنة تجتمع فيه الملوك من جميع الأقطار وبنات الأكابر والتجار ويقعدون فيه سبعة أيام وأنا من جملتهم ، فلما وقعت بيننا العداوة منعني أبي من حضور ذلك العيد مدة سبع سنين فاتفق في سنة من السنين أن بنات الأكابر من سائر الجهات قد جاءت من أماكنها إلى الدير في ذلك العيد على العادة ومن جملة من جاء إليه بنت ملك القسطنطينية وكان يقال لها صفية فأقاموا في الدير ستة أيام وفي اليوم السابع انصرف الناس فقالت صفية :
أنا ما أرجع إلى القسطنطينية إلا في البحر .
فجهزوا لها مركباً فنزلت فيها هي وخواصها وأحلوا القلوع وساروا ، فبينما هم سائرون وإذا بريح قد هبت عليهم فأخرج المركب عن طريقها وكان هناك بالقضاء والقدر مركب نصارى من جزيرة الكافور وفيها خمسمائة إفرنجي ومعهم العدة والسلاح وكان لهم مدة في البحر .
فلما لاح لهم قلع المركب التي فيها صفية ومن معها من البنات انقضوا علها مسرعين فما كان غير ساعة حتى وصلوا إلى ذلك المركب ووضعوا فيه الكلاليب وجروها وحلوا قلوعهم وقصدوا جزيرتهم فما بعدوا غير قليل حتى انعكس عليهم الريح فجذبهم إلى شعب بعد أن مزق قلوع مركبهم وقربهم منا فخرجنا فرأيناهم غنيمة قد انساقت إلينا ، فأخذناهم وقتلناهم واغتنمنا ما معهم من الأموال والتحف وكان في مركبهم أربعون جارية ومن جملتهم ابنة الملك أفريدون ملك القسطنطينية ، فاختار أبي منهن عشر جواري وفيهن ابنة الملك وفرق الباقي على حاشيته ثم عزل خمسة منهن ابنة الملك من العشر جواري وأرسل تلك الخمسة هدية إلى والدك عمر النعمان مع شيء من الجوخ ومن قماش الصوف ومن قماش الحرير الرومي فقبل الهدية أبوك واختار من الخمس جواري صفية ابنة الملك أفريدون .
فلما كان أول هذا العام أرسل أبوها إلى والدي مكتوباً فيه كلام لا ينبغي ذكره حيث راح يهدده في ذلك المكتوب ويوبخه ويقول له :
إنكم أخذتم مركبنا منذ سنتين وكان في يد جماعة لصوص من الإفرنج وكان من جملة ما فيه ابنتي صفية ومعها من الجواري نحو ستين جارية ولم ترسلوا إلى أحداً يخبرني بذلك وأنا لا أقدر أن أظهر خبرها خوفاً أن يكون في حقي عاراً عند الملوك من أجل هتك ابنتي فكتمت أمري إلى هذا العام والذي بين لي كذلك أني كاتبت هؤلاء اللصوص وسألتهم عن خبر ابنتي وأكدت لهم أن يفتشوا عليها ويخبروني عند أي ملك هي من ملوك الجزائر ، فقالوا :
والله ما خرجنا بها من بلادك ثم قال في المكتوب الذي كتبه لوالدي إن لم يكن مرادكم معاداتي ولا فضيحتي ولا هتك ابنتي فساعة وصول كتابي إليكم ترسلوا إلي ابنتي من عندكم وإن أهملتم كتابي وعصيتم أمري فلا بد لي من أن أكافئكم على قبيح أفعالكم وسوء أعمالكم . فلما وصلت هذه المكاتبة إلى أبي وقرأها وفهم ما فيها شق عليه ذلك وندم حيث لا يعرف أن صفية بنت الملك في تلك الجواري ليردها إلى والدها فصار متحيراً في أمره ولم يمكنه بعد هذه المدة الطويلة أن يرسل إلى الملك النعمان ويطلبها منه ولاسيما وقد سمعنا من مدة يسيرة أنه رزق من جاريته التي قال لها صفية بنت الملك أفريدون أولاد ، فلما تحققا ذلك علمنا أن هذه الورطة هي المصيبة العظمى ولم يكن لأبي حيلة ، غير أنه كتب جواباً للملك أفريدون يعتذر إليه ويحلف له بالأقسام أنه لا يعلم أن ابنته من جملة الجواري التي كانت في ذلك المركب ثم أظهر له على أنه أرسلها إلى الملك عمر النعمان وأنه رزق منها أولاد ، فلما وصلت رسالة أبي إلى أفريدون ملك القسطنطينية قام وقعد وأرغى وأزبد وقال :
كيف تكون ابنتي مسبية بصفة الجواري وتتداولها أيدي الملوك ويطئونها بلا عقد ، ثم قال : وحق المسيح والدين الصحيح أنه لا يمكنني أن أتعاقد مع هذا الأمر دون أخذ الثأر وكشف العار ، فلا بد من أن أفعل فعلاً يتحدث به الناس من بعدي ، وما زال صابراً إلى أن عمل الحيلة ونصب مكيدة عظيمة وأرسل رسلاً إلى والدك عمر النعمان وذكر له ما سمعت من الأقوال حتى جهزك والدك بالعساكر التي معك من أجلها وسيرك إليه حتى يقبض عليك أنت ومن معك من عساكرك ، وأما الثلاث خرزات التي أخبر والدك بها في مكتوبه فليس لذلك صحة وإنما كانت مع صفية ابنته وأخذها أبي حين استولى عليها هي والجواري التي معها ثم وهبها إلي وهي عندي الآن ، فاذهب أنت إلى عسكرك وردهم قبل أن يتوغلوا في بلاد الإفرنج والروم فإنكم إذا توغلتم في بلادهم يضيقون عليكم الطرق ولا يكن لكم خلاص من أيديهم إلى يوم الجزاء والقصاص ، وأنا اعرف أن الجيوش مقيمون في مكانهم لأنك أمرتهم بالإقامة ثلاثة أيام مع أنهم فقدوك في هذه المدة ولم يعلموا ماذا يفعلون .
فلما سمع شركان هذا لكلام صار مشغول الفكر بالأوهام ، ثم إنه قبل يد الملكة إبريزة وقال :
الحمد لله الذي منّ علي بك وجعلك سبباً لسلامتي ومن معي ولكن يعز علي فراقك ولا أعلم ما يجري عليك من بعدي ?
فقالت له : اذهب أنت الآن إلى عسكرك وردهم وإن كانت الرسل عندهم فاقبض عليهم ، حتى يظهر لكم الخبر وأنتم بالقرب من بلادكم ، وبعد ثلاثة أيام أنا ألحقكم وما تدخلون بغداد إلا وأنا معكم فندخل كلنا سواء .
فلما أراد الانصراف قالت له : لا تنسى العهد الذي بيني وبينك .
ثم إنها نهضت قائمة معه لأجل التوديع والعناق وإطفاء نار الأشواق وبكت بكاء يذيب الأحجار وأرسلت الدموع كالأمطار فلما رأى منها ذلك البكاء والدموع اشتد به الوجد والولوع ونزع في الوداع دمع العين وأنشد هذين البيتين :
ودعتها ويدي اليمين لأدمعـي ........ ويدي اليسار لضمة وعـنـاق
قال أما تخشى الفضيحة قلت لا ........ يوم الوداع فضيحة العـشـاق
ثم فارقها شركان ونزلا من الدير وقدموا له جواده وخرج متوجهاً إلى الجسر فلما وصل إليه مر من فوقه ودخل بين تلك الأشجار فلما تخلص من الأشجار ومشى في ذلك المرج وإذا هو بثلاثة فوارس فأخذ لنفسه الحذر منهم وشهر سيفه وانحدر فلما قربوا منه ونظر بعضهم بعضاً عرفوه وعرفهم ووجد أحدهم الوزير دندان ومعه أميران وعندما عرفوه ترجلوا له وسلوا عليه وسأله الوزير دندان عن سبب غيابه فأخبره بجميع ما جرى له من الملكة إبريزة من أوله إلى آخره فحمد الله تعالى على ذلك ثم قال شركان :
ارحلوا بنا من هذه البلاد لأن الرسل الذين جاؤوا معنا رحلوا من عندنا ، ليعلموا ملكهم بقدومنا فربما أسرعوا إلينا وقبضوا علينا ثم نادى شركان في عسكره بالرحيل فرحلوا كلهم ولم يزالوا سائرين مجدين في السير حتى وصلوا إلى سطح الوادي وكانت الرسل قد توجهوا إلى ملكهم ، وأخبروه بقدوم شركان فجهز إليه عسكراً ليقبضوا عليه وعلى من معه ، هذا ما كان من أمر الرسل وملكهم .
وأما ما كان من أمر شركان فإنه سافر بعسكره مدة خمسة وعشرين يوماً حتى أشرفوا على أوائل بلادهم فلما وصلوا هناك أمنوا على أنفسهم ونزلوا لأخذ الراحة فخرج إليهم أهل تلك البلاد بالضيافات وعليق البهائم ثم أقاموا يومين ورحلوا طالبين ديارهم وتأخر شركان بعدهم في مائة فارس وجعل الوزير دندان أميراً على من معه من الجيش فسار الوزير دندان بمن معه مسيرة يوم ثم بعد ذلك ركب شركان هو والمائة فارس الذين معه ، وساروا مقدار فرسخين حتى وصلوا إلى محل مضيق بين جبلين وإذا أمامهم غبرة وعجاج فمنعوا خيولهم من السير مقدار ساعة حتى انكشف الغبار وبان من تحته مائة فارس ليوث عوابس وفي الحديد والزرد غواطس فلما قربوا من شركان ومن معه صاحوا عليهم وقالوا :
وحق يومنا ومريم إننا قد بلغنا ما أملناه ونحن خلفكم مجدون السير ليلاً ونهاراً حتى سبقناكم إلى هذا المكان فانزلوا عن خيولكم وأعطونا أسلحتكم ، وسلموا لنا أنفسكم حتى نجود عليكم بأرواحكم .
فلما سمع شركان ذلك الكلام لاجت عيناه واحمرت وجنتاه وقال لهم :
يا كلاب النصارى كيف تجاسرتم علينا وجئتم بلادنا ومشيتم أرضنا وما كفاكم ذلك حتى تخاطبونا بهذا الخطاب أظننتم أنكم تخلصون من أيدينا وتعودون إلى بلادكم ?
ثم صاح على المائة فارس الذين معه وقال لهم : دونكم وهؤلاء الكلاب فإنهم في عددكم ثم سل سيفه وحمل عليهم وحملت معه المائة فارس فاستقبلتهم الإفرنج بقلوب أقوى من الصخر واصطدمت الرجال بالرجال ووقعت الأبطال بالأبطال والتحم القتال واشتد النزال وعظمت الأهوال وقد بطل القيل والقال ولم يزالوا في الحرب والكفاح والضرب بالصفاح حتى ولى النهار وأقبل الليل بالاعتكار فانفصلوا عن بعضهم واجتمع شركان بأصحابه فلم يجد أحداً منهم مجروحاً غير أربعة أنفس حصل لهم جراحات سليمة .
فقال لهم شركان : أنا عمري أخوض بحر الحرب العجاج المتلاطم من السيوف بالأمواج وأقاتل الرجال فوالله ما لقيت أصبر على الجلاد ، وملاقاة الرجال مثل هؤلاء الأبطال .
فقالوا له : اعلم أيها الملك أن فيهم فارساً إفرنجياً ، وهو المقدم عليهم له شجاعة وطعنات نافذات ، غير أن كل من وقع منا بين يديه يتغافل عنه ولا يقتله فوالله لو أراد قتلنا لقتلنا بأجمعنا .
فتحير شركان لما سمع ذلك المقال وقال في غد نصطف ونبارزهم فها نحن مائة وهم مائة ونطلب النصر عليهم من رب السماء .
وباتوا تلك الليلة على ذلك الاتفاق وأما الإفرنج فإنهم اجتمعوا عند مقدمهم وقالوا له : إننا ما بلغنا اليوم في هؤلاء إرباً .
فقال لهم : في غد نصطف ونبارزهم واحداً بعد واحد .
فباتوا على ذلك الاتفاق أيضاً فلما أصبح الصباح وأضاء بنوره ولاح وطلعت الشمس على رؤوس الروابي والبطاح وسلمت على محمد زين الملاح ركب الملك شركان وركب معه المائة فارس وأتوا إلى الميدان كلهم فوجدوا الإفرنج قد اصطفوا للقتال فقال شركان لأصحابه :
إن أعداءنا قد اصطفوا فدونكم والمبادرة إليهم .
فنادى مناد من الإفرنج : لا يكون قتالنا في هذا اليوم إلا مناوبة بأن يبرز بطل منكم إلى بطل منا .
فعند ذلك برز فارس من أصحاب شركان وسار بين الصفين وقال :
هل من مبارز ? هل من مناجر ? لا يبرز لي اليوم كسلان ولا عاجز .
فلم يتم كلامه حتى برز إليه فارس من الإفرنج غريق في سلاحه وقماشه من ذهب ، وهو راكب على جواد أشهب وذلك الإفرنجي لا نبات بعارضيه فسار جواده حتى وقف في وسط الميدان وصادمه بالضرب والطعان فلم يكن غير ساعة حتى طعنة الإفرنجي بالرمح فنكسه عن جواده وأخذه أسيراً وقاده حقيراً ففرح به قومه ومنعوه أن يخرج إلى الميدان وأخرجوا غيره ، وقد خرج إليه من المسلمين آخر وهو أخو الأسير ووقف معه في الميدان وحمل الاثنان على بعضهما ساعة يسيرة ثم كر الإفرنجي على المسلم وغالطه وطعنه بعقب الرحم فنكسه عن جواده وأخذه أسيراً وما زال يخرج إليهم من المسلمين واحداً بعد واحد والإفرنج يأسرونهم إلى أن ولى النهار وأقبلا لليل باعتكار وقد أسروا من المسلمين عشرون فارساً .
فلما عاين شركان ذلك عظم عليه الأمر ، فجمع أصحابه وقال لهم :
ما هذا الأمر الذي حل بنا أنا أخرج في غد إلى الميدان وأطلب براز الإفرنجي المقدم عليهم وأنظر ما الذي حمله على أن يدخل بلادنا وأحذره من قتالنا ، فإن أبى قاتلناه .
وباتوا على هذا الحال إلى أن أصبح الصباح وأضاء بنوره ولاح ثم ركب الطائفتان واصطف الفريقان فلما خرج شركان إلى الميدان رأى الإفرنج قد ترجل منهم أكثر من نصفهم قدام فارس منهم ومشوا قدامه إلى أن صاروا في وسط الميدان فتأمل شركان ذلك الفارس ، فرآه الفارس المقدام عليهم وهو لابس قباء من أطلس أزرق وجهه فيه كالبدر إذا أشرق ومن فوقه زردية ضيفة العيون وبيده سيف مهند وهو راكب على جواد أدهم في وجهه غرة كالدرهم وذلك الإفرنجي لا نبات بعارضيه ، ثم إنه لكز جواده حتى صار في وسط الميدان ، وأشار إلى المسلمين وهو يقول بلسان عربي فصيح :
يا شركان يا ابن عمر النعمان الذي ملك الحصون والبلدان دونك والحرب والطعان وأبرز إلى من قد ناصفك في الميدان ، فأنت سيد قومك وأنا سيد قومي فمن غلب منا صاحبه أخذه هو وقومه تحت طاعته .
فما استتم كلامه حتى برز له شركان وقلبه من الغيظ ملآن وساق جواده ، حتى دنا من الإفرنجي في الميدان فكر عليه الإفرنجي كالأسد الغضبان ، وصدمه صدمة الفرسان وأخذا في الطعن والضرب وصارا إلى حومة الميدان كأنهما جبلان يصطدمان أو بحران يلتطمان ولم يزالا في قتال وحرب ونزال من أول النهار إلى أن اقبل الليل بالاعتكار ثم انفصل كل منهما من صاحبه وعاد إلى قومه .
فلما اجتمع شركان بأصحابه قال لهم : ما رأيت مثل هذا الفارس قط إلا أني رأيت منه خصلة لم أرها من أحد غيره وهو أنه إذا لاح في خصمه مضرب قاتل يقلب الرمح ويضرب بعقبه ولكن ما أدري ماذا يكون مني ومنه ومرادي أن يكون عسكرنا مثله ومثل أصحابه .
وبات شركان ، فلما أصبح الصباح خرج له الإفرنجي ونزل في وسط الميدان وأقبل عليه شركان ثم أخذا في القتال وأوسعا في الحرب والمجال وامتدت إليهما الأعناق ولم يزالا في حرب وكفاح وطعن بالرماح إلى أن ولى النهار وأقبل الليل بالاعتكار ثم افترقا ورجعا إلى قومهم وصار كل منهما يحكي لأصحابه ما لاقاه من صاحبه ثم إن الإفرنجي قال لأصحابه :
في غد يكون الانفصال .
وباتوا تلك الليلة إلى الصباح ثم ركب الاثنان وحملا على بعضهما ، ولم يزالا في الحرب إلى نصف النهار وبعد ذلك عمل الإفرنجي ولكز جواده ثم جذبه اللجام فعثر به فرماه فانكب عليه شركان ، وأراد أن يضربه بالسيف خوفاً أن يطول به المطال فصاح به الإفرنجي وقال :
يا شركان ما هكذا تكون الفرسان ، إنما هو فعل المغلوب بالنسوان .
فلما سمع شركان من ذلك الفارس هذا الكلام ، رفع طرف إليه وأمعن النظر فيه فوجده الملكة إبريزة التي وقع له معها ما وقع في الدير ، فلما عرفها رمى السيف من يده وقبل الأرض بين يديها ، وقال لها :
ما حملك على هذه الأفعال ?
فقالت له: أردت أن أختبرك في الميدان ، وأنظر ثباتك في الحرب والطعان وهؤلاء الذين معي كلهن جواري وكلهن بنات أبكار وقد قهرن فرسانك في حزمة الميدان ولولا أن جوادي قد عثر بي ، لكنت ترى قوتي وجلادي .
فتبسم شركان من قولها وقال : الحمد لله على السلامة وعلى اجتماعي بك يا ملكة الزمان .
ثم إن الملكة إبريزة صاحت على جواريها وأمرتهن بالرحيل بعد أن يطلقن العشرين أسيراً الذين كن أسرتهن من قوم شركان ، فامتثلت الجواري لأمرها ثم قبلن الأرض بين يديها ، فقال لهن :
مثلكن من يكون عند الملوك مدخراً للشدائد .
ثم إنه أشار إلى أصحابه أن يسلموا عليها فترجلوا جميعاً وقبلوا الأرض بين يدي الملكة إبريزة ثم ركب المائتا فارس وساروا في الليل والنهار مدة ستة أيام وبعد ذلك أقبلوا على الديار ، فأمر شركان الملكة إبريزة وجواريها أن ينزعن ما عليهن من لباس الإفرنج .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 5:58 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السابعة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن شركان أمر الملكة إبريزة وجواريها أن ينزعن ما عليهن من الثياب وأن يلبسن لباس بنات الروم ففعلن ذلك ، ثم إنه أرسل جماعة من أصحابه إلى بغداد ليعلم والده عمر النعمان بقدومه ، ويخبره أن الملكة إبريزة بنت ملك الروم جاءت صحبته لأجل أن يرسل مركباً لملاقاتهم ثم إنهم نزلوا من وقتهم وساعتهم في المكان الذي وصلوا إليه وباتوا فيه إلى الصباح فلما أصبح ركب شركان هو ومن معه وركبت أيضاً الملكة إبريزة هي ومن معها واستقبلوا المدينة وإذا بالوزير دندان قد أقبل في ألف فارس من أجل ملاقاة الملكة إبريزة هي وشركان وكان خروجه بإشارة الملك عمر النعمان كما أرسل إليه ولده شركان فلما قربوا منهما توجهوا إليهما وقبلوا الأرض بين أيديهما ، ثم ركبا وركبوا معهما وصاروا في خدمتهما حتى وصلا إلى المدينة وطلعا قصر الملك ودخل شركان على والده ، فقام إليه واعتنقه وسأل عن الخبر فأخبره بما قالته الملكة إبريزة وما اتفق له معها ، وكيف فارقت مملكتها وفارقت أباها ، وقال لها إنها اختارت الرحيل معنا والقعود عندنا وأن ملك القسطنطينية أراد أن يعمل لنا حيلة من أجل صفية بنته لأن ملك الروم قد أخبره بحكايتها وبسبب إهدائها إليك وأن ملك الروم ما كان يعرف ذلك ما كان أهداها إليك بل كان يردها إلى والدها ثم قال شركان لوالده :
وما يخلصنا من هذه الحيل والمكايد إلا إبريزة بنت ملك القسطنطينية وما رأينا أشجع منها .
ثم أنه شرع يحكي لأبيه ما وقع له معها من أوله إلى آخره من أمر المصارعة والمبارزة .
فلما سمع الملك عمر النعمان من ولده شركان ذلك الكلام عظمت إبريزة عنده وصار يتمنى أن يراها ، ثم إنه طلبها لأجل أن يسألها فعند ذلك ذهب شركان إليها وقال لها :
إن الملك يدعوك .
فأجابت بالسمع والطاعة ، فأخذها شركان وأتى بها إلى والده وكان والده قاعداً على كرسيه وأخرج من كان عنده ولم يبق عنده غير الخدم فلما دخلت الملكة إبريزة على الملك عمر النعمان وقبلت الأرض بين يديه وتكلمت بأحسن الكلام فتعجب الملك من فصاحتها وشكرها على ما فعلت مع ولده شركان وأمرها بالجلوس فجلست وكشفت عن وجهها فلما رآها الملك خبل بينه وبين عقله ثم إنه قربها إليه وأدناها منه وأفرد لها قصراً مختصاً بها وبجواريها ورتب ثم أخذ يسألها عن تلك الخرزات الثلاث التي تقدم ذكرها سابقاً فقالت له :
إن تلك الخرزات معي يا ملك الزمان .
ثم إنها قامت ومضت إلى محلها وفتحت صندوقاً وأخرجت منه علبة وأخرجت من العلبة حقاً من الذهب وفتحته وأخرجت منه تلك الخرزات الثلاث ثم قبلته وناولتها للملك وانصرفت فأخذت قلبه معها وبعد انصرافها أرسل إلى ولده شركان فحضر فأعطاه خرزة من الثلاث خرزات فسأله عن الاثنتين الأخريين فقال : يا ولدي قد أعطيت منهما واحد لأخيك ضوء المكان والثانية لأختك نزهة الزمان .
فلما سمع شركان أن له أخاً يسمى ضوء المكان وما كان يعرف إلا أخته نزهة الزمان التفت إلى والده الملك النعمان وقال له :
يا والدي ألك ولد غيري ?
قال : نعم وعمره الآن ست سنين .
ثم أعلمه أن اسمه ضوء المكان وأخته نزهة الزمان وأنهما ولدا في بطن واحد فصعب عليه ذلك ولكنه كتم سره وقال لوالده :
على بركة الله تعالى .
ثم رمى الخرزة من يده ونفض أثوابه فقال له الملك : مالي أراك قد تغيرت لما سمعت هذا الخبر مع أنك صاحب المملكة من بعدي وقد عاهدت امراء الدولة على ذلك ، وهذه خرزة لك من الثلاث خرزات ?
فأطرق شركان برأسه إلى الأرض واستحى أن يكافح والده ثم قام وهو لا يعلم كيف يصنع من شدة الغيظ وما زال ماشياً حتى دخل قصر الملكة إبريزة فلما أقبل عليها نهضت إليه قائمة وشكرته على أفعاله ودعت له ولوالده وجلست وأجلسته في جانبها فلما استقر به الجلوس رأت في وجهه الغيظ فسألته عن حاله ، وما سبب غيظه فأخبرها أن والده الملك عمر النعمان رزق من صفية ولدين ذكراً وأنثى ، وسمى الولد ضوء المكان والأنثى نزهة الزمان وقال لها :
إنه أعطاهما خرزتين وأعطاني واحدة فتركتها وأنا إلى الآن لم أعلم بذلك إلا في هذا الوقت فخنقني الغيظ ، وقد أخبرتك بسبب غيظي ولم أخف عنك شيئاً وأخشى عليك أن يتزوجك فإني رأيت منه علامة الطمع في أنه يتزوج بك فما تقولين أنت في ذلك ?
فقالت : اعلم يا شركان أن أباك ما له حكم علي ولا يقدر أن يأخذني بغي بغير رضاي وإن كان يأخذني غصباً قتلت روحي وأما الثلاث خرزات فما كان على بالي أنه ينعم علي أحد من أولاده بشيء منها وما ظننت إلا أنه يجعلها في خزائنه مع ذخائره ولكن أشتهي من إحسانك أن تهب لي الخرزة التي أعطاها لك والدك إن قبلتها منه .
فقال : سمعاً وطاعة .
ثم قالت له : لا تخف .
وتحدثت معه ساعة وقالت له : إني أخاف أن يسمع أبي أني عندكم فيسعى في طلبي ويتفق هو والملك أفريدون من أجل ابنته صفية فيأتيان إليكم بعساكر وتكون ضجة عظيمة .
فلما سمع شركان ذلك قال لها : يا مولاتي إذا كنت راضية بالإقامة عندنا لا تفكري فيهم فلو اجتمع علينا كل من في البر والبحر لغلبناهم .
فقالت : ما يكون إلا الخير وها أنتم إن أحسنتم إلي إن قعدت عندكم وإن أسأتموني رحلت من عندكم .
ثم إنها امرت الجواري بإحضار شيء من الأكل فقدمن المائدة فأكل شركان شيئاً يسيراً ومضى إلى داره مهموماً مغموماً ، هذا ما كان من أمر شركان .
وأما ما كان من أمر أبيه عمر النعمان فإنه بعد انصراف ولده شركان من عنده قام ودخل على جاريته صفية ومعه تلك الخرزات فلما رأته نهضت قائمة على قدميها إلى أن جلس فأقبل عليه ولداه ضوء المكان ونزهة الزمان فلما رآهما قبلهما وعلق على كل واحد منهما خرزة ففرحا بالخرزتين وقبلا يديه وأقبلا على أمهما ففرحت بهما ودعت للملك بطول الدوام فقال لها الملك :
يا صفية حيث أنك ابنة الملك أفريدون ملك القسطنطينية لأي شيء لم تعلميني لأجل أن أزيد في إكرامك ورفع منزلتك ?
فلما سمعت صفية ذلك قالت : أيها الملك وماذا أريد أكثر من هذا زيادة على هذه المنزلة التي أنا فيها ، فها أنا مغمورة بأنعامك وخيرك وقد رزقني الله منك بولدين ذكر وأنثى .
فأعجب الملك عمر النعمان كلامها واستظرف عذوبة ألفاظها ودقة فهمها وظرف أدبها ومعرفتها ثم إنه مضى من عنده من عندها وأفرج لها ولأولادها قصراً عجيباً ورتب لهم الخدم والحشم والفقهاء والحكماء والفلكية والأطباء والجرائحية وأوصاهم بهم وزاد في رواتبهم وأحسن إليهم غاية الإحسان ، ثم رجع إلى قصر المملكة والمحاكمة بين الناس هذا ما كان من أمره مع صفية وأولادها .
وأما ما كان من أمره مع الملكة إبريزة فإنه اشتغل بحبها وصار ليلاً ونهاراً مشغوفاً بها وفي كل ليلة يدخل إليها ويتحدث عندها ويلوح لها بالكلام فلم ترد له جواباً بل تقول :
يا ملك الزمان أنا في هذا الوقت مالي غرض في الرجال .
فلما رأى تمنعها منه اشتد به الغرام وزاد عليه الوجد والهيام ، فلما أعياه ذلك أحضر وزيره دندان وأطلعه على ما في قلبه من محبة الملكة إبريزة ابنة الملك حردوب وأخبره أنها لا تدخل في طاعته وقد قتله حبها ولم ينل منها شيئاً فلما سمع الوزير دندان ذلك قال للملك :
إذا جن الليل فخذ معك قطعة بنج مقدار مثقال وادخل عليها واشرب معها شيئاً من الخمر فإذا كان وقت الفراغ من الشرب فأعطها القدح الأخير واجعل فيه ذلك البنج واسقها إياه فإنها ما تصل إلى مرقدها ، إلا وقد تحكم عليها البنج فتبلغ غرضك منها وهذا ما عندي من الرأي .
فقال له الملك : نعم ما أشرت به علي .
ثم إنه عمد إلى خزائنه وأخرج منها قطعة بنج مكرر لو شمه الفيل لرقد من السنة إلى السنة ثم إنه وضعها في جيبه وصبر إلى أن مضى قليل من الليل ودخل على الملكة إبريزة في قصرها ، فلما رأته نهضت إليه قائمة فأذن لها بالجلوس وجلس عندها وصار يتحدث معها في أمر الشراب فقدمت سفرة الشراب وصفت له الأواني وصار يشرب معها وينادمها إلى أن دب السكر في رأس الملكة إبريزة .
فلما علم الملك عمر النعمان ذلك أخرج قطعة البنج من يده وجعلها بين أصابعه وملأ كأساً بيده وشربه وملأ ثانياً وأسقط قطعة البنج من يده فيه وهي لا تشعر بذلك ، ثم قال لها :
خذي اشربي .
فأخذته الملكة إبريزة وشربته فما كان إلا دون ساعة حتى تحكم البنج عليها وسلب إدراكها فقام إليها ملقاة على ظهرها وقد كانت قلعت السراويل من رجليها ورفع الهواء ذيل قميصها عنها فلما دخل عليها الملك ورآها على تلك الحالة ووجد عند رأسها شمعة وعند رجليها شمعة تضيء على ما بين فخذيها خيل بينه وبين عقله ووسوس له الشيطان ، فما تمالك نفسه حتى قلع سراويله ووقع عليها وأزال بكارتها وقام من فوقها ودخل إلى جارية من جواريها يقال لها مرجانة وقال لها : ادخلي على سيدتك وكلميها فدخلت الجارية على سيدتها ، فوجدت دمها يجري على سيقانها وهي ملقاة على ظهرها فمدت يدها إلى منديل من مناديلها وأصلحت به شأن سيدتها ومسحت عنها ذلك الدم .
فلما أصبح الصباح تقدمت الجارية مرجانة وغسلت وجه سيدتها ويديها ورجليها ثم جاءت بماء الورد وغسلت وجهها وفمها فعند ذلك عطست الملكة إبريزة وتقيأت ذلك البنج لنزلت قطعة البنج من باطنها كالقرص ، ثم إنها غسلت فمها ويدها وقالت :
أعلميني بما كان من أمري .
فأخبرتها أنها رأتها ملقاة على ظهرها ودمها سائل على فخذيها فعرفت أن الملك عمر النعمان قد وقع بها وواصلها وتحت حيلته عليها فاغتمت لذلك غماً شديداً وحجبت نفسها وقالت لجواريها : امنعوا كل من أراد أن يدخل علي وقولوا له : إنها ضعيفة حتى أنظر ماذا يفعل الله بي .
فعند ذلك وصل الخبر إلى الملك عمر النعمان بأن الملكة إبريزة ضعيفة فصار يرسل إليها الأشربة والسكر والمعاجين وأقامت على ذلك شهوراً وهي محجوبة ، ثم إن الملك قد بردت ناره وانطفأ شوقه إليها وصبر عنها وكانت قد علقت به ، فلما مرت عليها أشهر وظهر الحمل وكبر بطنها ضاقت بها الدنيا فقالت لجاريتها مرجانة :
اعلمي أن القوم ما ظلموني وإنما أنا الجانية على نفسي حيث أبي وأمي ومملكتي وأنا قد كرهت الحياة وضعفت همتي ولم يبق عندي من الهمة ولا من القوة شيء ، وكنت إذا ركبت جوادي أقدر عليه وأنا الآن لا أقدر الركوب ومتى ولدت عندهم صرت معيرة عند الجواري وكل من في القصر يعلم أنه أزال بكارتي سفاحاً وإذا رجعت لأبي بأي وجه ألقاه وبأي وجه أرجع إليه وما أحسن قول الشاعر :
بم التغلل من أهلي ولا وطني ........ ولا نديم ولا كأس ولا سكن
فقالت لها مرجانة : الأمر أمرك وأنا في طوعك .
فقالت : وأنا اليوم أريد أن أخرج سراً بحيث لا يعلم بي أحد غيرك وأسافر إلى أبي وأمي فإن اللحم إذا أنتن ما له إلا أهله والله يفعل بي ما يريد .
فقالت لها : ما تفعلين أيتها الملكة ?
ثم إنها جهزت أحوالها وكتمت سرها وصبرت أياماً حتى خرج الملك للصيد والقنص وخرج ولده شركان إلى القلاع ليقيم بها مدة من الزمان فأقبلت إبريزة على جاريتها مرجانة وقالت لها :
أريد أن أسافر في هذه الليلة ولكن كيف أصنع في المقادير وقد قرب ? وإن قعدت خمسة أيام أو أربعة وضعت هنا ولم أقدر أن أروح بلادي وهذا ما كان مكتوباً على جبيني ومقدراً علي في الغيب .
ثم تفكرت برهة وبعد ذلك قالت لمرجانة : انظري لنا رجلاً يسافر معنا ويخدمنا في الطريق فإنه ليس لي قوة على حمل السلاح .
فقالت مرجانة : والله يا سيدتي ما أعرف غير عبد أسود اسمه الغضبان وهو من عبيد الملك عمر النعمان وهو شجاع ملازم لباب قصرنا فإن الملك أمره أن يخدمنا وقد غمرناه بإحساننا فها أنا أخرج إليه وأكلمه في شأن هذا الأمر وأعده بشيء من المال وأقول له : إذا أردت المقام عندنا أزوجك بمن تشاء ، وكان قد ذكر لي قبل اليوم أنه كان يقطع الطريق فإن هو وافقنا بلغنا مرادنا ووصلنا إلى بلادنا .
فقالت لها : هاتيه عندي حتى أحدثه .
فخرجت له مرجانة وقالت له : يا غضبان قد أسعدك الله إن قبلت من سيدتك ما تقوله لك من الكلام .
ثم أخذت بيده واقبلت على سيدتها فلما رآها قبل الأرض بين يديها فحين رأته نفر قلبها منه لكنها قالت في نفسها : إن الضرورة لها أحكام .
وأقبلت عليه تحدثه وقلبها نافر منه وقالت له :
يا غضبان هل فيك مساعدة لنا على غدرات الزمان وإذا أظهرتك على أمري تكون كاتماً له .
فلما نظر العبد إليها ورأى حسنها ملكت قلبه وعشقها لوقته وقال لها :
يا سيدتي إن أمرتيني بشيء لا أخرج عنه .
فقالت له : أريد منك في هذه الساعة أن تأخذني وتأخذ جاريتي هذه وتشد لنا راحلتين وفرسين من خيل الملك وتضع على كل فرس خرجاً من المال وشيئاً من الزاد وترحل معنا إلى بلادنا وإن أقمت عندنا زوجناك من تختارها من جواري وإن طلبت الرجوع إلى بلادك أعطيناك ما تحب ثم ترجع إلى بلادك بعد أن تأخذ ما يكفيك من المال .
فلما سمع الغضبان ذلك الكلام فرح فرحاً شديداً وقال : يا سيدتي إني أخدمكما بعيوني وأمضي معكما وأشد لكما الخيل .
ثم مضى وهو فرحان وقال في نفسه : قد بلغت ما أريد منهما ، وإن لم يطاوعني قتلتهما وأخذت ما معهما من المال .
وأضمر ذلك في سره ، ثم مضى وعاد ومعه راحلتان وثلاث من الخيل وهو راكب إحداهن وأقبل على الملكة إبريزة وقدم إليها فرساً فركبتها وهي متوجعة من الطلق فما قدرت أن تمسك نفسها على الفرس ، فقالت للغضبان :
أنزلني فقد لحقني الطلق .
وقالت لمرجانة : انزلي واقعدي تحتي وولديني .
فعند ذلك نزلت مرجانة من فوق رأسها ونزل الغضبان من فوق فرسه وشد لجام الفرسين ونزلت الملكة إبريزة من فوق فرسها وهي غائبة عن الدنيا من شدة الطلق ، وحين رآها الغضبان نزلت على الأرض وقف الشيطان في وجهه فشهر حسامه في وجها وقال : يا سيدتي ارحميني بوصلك .
فلما سمعت مقالته التفتت إليه وقالت له : ما بقي إلا العبيد السود بعد ما كنت لا أرضى بالملوك الصناديد .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:00 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثامنة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن لملكة إبريزة لما قالت للعبد ، العبد هو الغضبان :
ما بقي إلا العبيد السود .
ثم صارت تبكته وأظهرت له الغيظ وقالت له :
ويلك ما هذا الكلام الذي تقوله لي ? فلا تتكلم بشيء من هذا في حضرتي واعلم أنني لا أرضى بشيء مما قلته ولو سقيت كأس الردى ولكن اصبر حتى أصلح الجنين وأصلح شأني وأرمي الخلاص ثم بعد ذلك إن قدرت علي فافعل بي ما تريد وإن لم تترك فاحش الكلام في هذا الوقت فإني أقتل نفسي بيدي وأرتاح من هذا كله .
ثم أنشدت هذه الأبيات :
أيا غضبان دعني قد كفانـي ........ مكايدة الحوادث والـزمـان
عن الفحشاء ربي قد نهـاني ........ وقال النار مثوى من عصاني
وإني لا أميل بفـعـل سـوء ........ بعين النقص دعني لا تراني
ولم تترك الفحشـاء عـنـي ........ وترعى حرمتي فيمن رعاني
لأسرح طاقتي لرجال قومي ........ وأجلب كل قاصيها ودانـي
ولو قطعت بالسيف اليمانـي ........ لما خليت فحـاشـاً يرانـي
من الأحرار والكبراء طـرا ........ فكيف العبد من نسل الزواني
فلما سمع الغضبان ذلك الشعر غضب عضباً شديداً واحمرت مقلته واغبرت سحنته وانتفخت ناخره وامتدت مشافره وزادت به النفرات وأنشد هذه الأبيات :
أيا إبريزة لا تـتـركـينـي ........ قتيل هواك باللحظ اليمانـي
فقلبي قد تقطع من جـفـاك ........ وجسمي ناحل والصبر فاني
ولفظك قد سبى الألباب سحراً ........ فعقلي نازح والشوق دانـي
ولو أجلبت ملء الأرض جيشاً ........ لأبلغ مأربي في ذا الرمـان
فلما سمعت إبريزة كلامه بكت بكاء شديداً وقالت :
ويلك يا غضبان وهل بلغ من قدرك أن تخاطبني بهذا الخطاب يا ولد الزنا وتربية الخنا ، أتحسب أن الناس كلهم سواء ?
فلما سمع ذلك العبد النحس هذا الكلام غضب منها غضباً شديداً وتقدم إليها وضربها بالسيف فقتلها وساق جوادها بعد أن أخذ المال وفر بنفسه هارباً في الجبال .
هذا ما كان من أمر الغضبان .
وأما ما كان من أمر الملكة إبريزة فإنها صارت طريحة على الأرض وكان الولد الذي ولدته ذكراً فحملته مرجانة في حجرها وصرخت صرخة عظيمة وشقت أثوابها وصارت تحثو التراب على رأسها وتلطم على خدها حتى طلع الدم من وجهها وقالت :
واحسرتاه كيف قتل سيدتي عبد أسود لا قيمة له بعد فروسيتها ?
فبينما هي تبكي وإذا بغبار قد ثار حتى سد الأقطار ولما انكشف ذلك الغبار بان من تحته عسكر جرار وكانت العساكر عساكر ملك الروم والد الملكة إبريزة ، وسبب ذلك أنه لما سمع أن ابنته هربت هي وجواريها إلى بغداد وأنها عند الملك عمر النعمان خرج بمن معه ليسأل المسافرين من أين أتوا لعله يعلم بخبر ابنته وكان على بعد هؤلاء الثلاثة ابنته والعبد الغضبان وجاريتها مرجانة فقصدهم ليسألهم ، فلما قصدهم خاف العبد على نفسه بسبب قتلها فنجا بنفسه فلما أقبلوا عليها رآها أبوها مرمية على الأرض وجاريتها تبكي عليها ، فرمى نفسه من فوق جواده ووقع على الأرض مغشياً عليه فترجل كل من كان معه من الفرسان والأمراء والوزراء وضربوا الخيام ونصبوا قبة الملك حردوب ووقف أرباب الدولة خارج تلك القبة ، فلما رأت مرجانة سيدها عرفته وزادت في البكاء والنحيب فلما أفاق الملك من غشيته سألها عن الخبر فأخبرته بالقصة وقالت له :
إن الذي قتل ابنتك عبد أسود من عبيد الملك عمر النعمان .
وأخبرته بما فعله الملك عمر النعمان بابنته ، فلما سمع الملك حردوب ذلك الكلام اسودت الدنيا في وجهه وبكى بكاء شديداً ، ثم أمر بإحضار محفة وحمل ابنته فيها ومضى إلى قيسارية وأدخلوها القصر ثم إن الملك حردوب دخل على أمه ذات الدواهي وقال لها :
أهكذا يفعلون المسلمون ببنتي ? فإن الملك عمر النعمان أزال بكارتها قهراً ، وبعد ذلك قتلها عبد أسود من عبيده فواحق المسيح لا بد من أخذ ثأر ابنتي أو كشف العار عن عرضي وإلا قتلت نفسي بيدي .
ثم بكى بكاء شديداً ، فقالت له أمه ذات الدواهي :
ما قتل ابنتك إلا مرجانة لأنها كانت تكرهها في الباطن .
ثم قالت لولدها :
لا تحزن من أخذ ثأرها فواحق المسيح ، لا أرجع عن الملك النعمان حتى أقتله وأقتل أولاده ولأعملن معه عملاً تعجز عنه الدهاة والأبطال ويتحدث عنه المتحدثون في جميع الأقطار ولكن ينبغي لك أن تمتثل أمري في كل ما أقوله وأنت تبلغ ما تريد .
فقال الملك حردوب :
وحق المسيح لا أخالفك أبداً فيما تقولينه .
قالت له العجوز الداهيه شواهي ذات الدواهي :
إئتني بجوار نهد أبكار وائتني بحكماء الزمان وأجزل لهم العطايا وامرهم أن يعلموا الجواري الحكمة والأدب وخطاب الملوك ومنادمتهم والأشعار وأن يتعلموا بالحكمة والمواعظ ، ويكون الحكماء مسلمين لأجل أن يعلموهن أخبار العرب وتواريخ الخلفاء وأخبار من سلف من ملوك الإسلام ولو أقمنا على ذلك عشرة أعوام وطول روحك واصبر فإن بعض الأعراب يقول :
أن أخذ الثأر بعد أربعين عاماً مدته قليلة ، ونحن إذا علمنا تلك الجواري بلغنا من عدونا ما نختار لأنه ممن يحب الجواري وعنده ثلثمائة وست وستون جارية وازددن مائة جارية من خواص جواريك اللاتي كن مع المرحومة فإذا تعلم الجواري ما أخبرتك من العلوم فإني آخذهن بعد ذلك وأسافر بهن .
فلما سمع الملك حردوب كلام أمه ذات الدواهي فرح فرحاً شديداً وقبل رأسها ، ثم أرسل من وقته وساعته المسافرين والقصاد إلى أطراف البلاد ، ليأتوا إليه بالحكماء من المسلمين فامتثلوا لأمره وسافروا إلى بلاد بعيدة ، وأتوا بما طلبه من الحكماء والعلماء فلما حضروا بين يديه أكرمهم غاية الإكرام وخلع عليهم الخلع ورتب لهم الرواتب والجرايات ووعدهم بالمال الجزيل إذا فعلوا ما أمرهم به ، ثم أحضر لهم الجواري .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:00 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة التاسعة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العلماء والحكماء لما حضروا عند الملك حردوب أكرمهم إكراماً زائداً وأحضروا الجواري بين أيديهم وأوصاهم أن يعلموهن الحكمة والأدب فامتثلوا أمره .
هذا ما كان من أمر الملك حردوب .
وأما ما كان من أمر الملك عمر النعمان فإنه لما عاد من الصيد والقنص وطلع القصر طلب الملكة إبريزة فلم يجدها ولم يخبره أحد عنها فعظم عليه ذلك ، وقال :
كيف تخرج هذه الجارية من القصر ولم يعلم بها أحد ، فإن كانت مملكتي على هذا الأمر فإنها ضائعة المصلحة ولا ضابط بها فما بقيت أخرج إلى الصيد والقنص حتى ارسل إلى الأبواب من يتوكل بها .
واشتد حزنه وضاق صدره ، لفراق الملكة إبريزة فبينما هو كذلك وإذا بولده شركان قد أتى من سفره ، فأعلمه والده بذلك وأخبره أنها هربت وهو في الصيد والقنص فاغتم شركان ذلك غماً شديداً ثم إن الملك صار يتفقد أولاده كل يوم ويكرمهم وكان قد أحضر العلماء والحكماء ليعلموهم العلم ، ورتب لهم الرواتب فلما رأى شركان ذلك الأمر غضب غضباً شديداً وحسد أخوته على ذلك إلى أن ظهر أثر الغيظ في وجهه ولم يزل متمرضاً حتى هذا الأمر .
فقال له والده يوماً من الأيام :
مالي أراك تزداد ضعفاً في جسمك واصفرار في لونك ?
فقال له شركان :
يا والدي كلما رأيتك تقرب أخواتي وتحسن إليهم يحصل عندي حسد وأخاف أن يزيد بي الحسد فأقتلهم وتقتلني أنت بسببهم إذا أنا قتلتهم فمرض جسمي وتغير لوني بسبب ذلك ، ولكن أنا أشتهي من أحسانك أن تعطيني قلعة من القلاع حتى أقيم بها بقية عمري ، فإن صاحب المثل يقول :
بعدي عن حبيبي أجمل وأحسن عين لا تنظر وقلب لا يحزن .
ثم أطرق برأسه إلى الأرض .
فلما سمع الملك عمر النعمان كلامه عرف سبب ما هو فيه من التغير فأخذ بخاطره وقال له :
يا ولد إني أجيبك إلى ما تريد ، وليس في ملكي أكبر من قلعة دمشق فقد ملكتها من هذا الوقت .
ثم أحضر الموقعين في الوقت والساعة وأمرهم بكتابة تقليد ولده شركان ولاية دمشق الشام فكتبوا له ذلك وجهزوه وأخذ الوزير دندان معه وأوصاه بالمملكة والسياسة وقلده أموره ، ثم ودعه والده وودعته الأمراء وأكابر الدولة وسار بالعسكر حتى وصل إلى دمشق فلما وصل إليها دق له أهلها الكاسات ، وصاحوا بالبوقات وزينوا المدينة ، وقابلوه بموكب عظيم سار فيه أهل الميمنة ميمنة وأهل الميسرة ميسرة .
فهذا ما كان من أمر شركان .
وأما ما كان من أمر والده عمر النعمان فإنه بعد سفر ولده شركان أقبل عليه الحكماء وقالوا له :
يا مولانا إن أولادك تعلموا الحكمة والأدب .
فعند ذلك فرح عمر النعمان فرحاً شديداً وأنعم على جميع الحكماء حيث رأى ضوء المكان كبر وترعرع وركب الخيل وصار له من العمر أربع عشر سنة وطلع مشتغلاً بالدين والعبادة محباً للفقراء وأهل العلم والقرآن ، وصار أهل بغداد بحبونه نساء ورجالاً إلى أن طاف بغداد محمل العراق من أهل الحج ، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى ضوء المكان مركب المحمل اشتاق إلى الحج فدخل على والده وقال له :
إني أتيت إليك لأستأذنك في أن أحج .
فمنعه من ذلك ، وقال له :
اصبر إلى العام القابل وأنا أتوجه إلى الحج وآخذك معي .
فلما رأى الأمر يطول عليه دخل على أخته نزهة الزمان ، فوجدها قائمة تصلي فلما قضت الصلاة قال لها :
إني قد قتلني الشوق إلى حج بين الله الحرام وزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام واستأذنت والدي فمنعني من ذلك ، فالمقصود أن آخذ شيئاً من المال وأخرج إلى الحج سراً ولا أعلم أبي بذلك .
فقالت له أخته :
بالله عليك أن تأخذني معك ولا تحرمني من زيارة النبي صلى الله عليه وسلم .
فقال لها :
إذا جن الظلام فاخرجي من هذا المكان ولا تعلمي أحداً بذلك .
فلما كان نصف الليل قامت نزهة الزمان وأخذت شيئاً من المال ولبست لباس الرجال وكانت قد بلغت من العمر مثل عمر ضوء المكان ومشت متوجهة إلى باب القصر فوجدت أخاها ضوء المكان قد جهز الجمال فركب وأركبها وسارا ليلاً واختلطا بالحجيج ومشيا إلى أن صارا في وسط الحجاج العراقيين وما زالا سائرين وكتب الله لهما السلامة ، حتى دخلا مكة المشرفة ووقفا بعرفات وقضيا مناسك الحج ثم توجها إلى زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فزاراه ، وبعد ذلك أرادا الرجوع مع الحجاج إلى بلادهما فقال ضوء المكان لأخته :
يا أختي أريد أن أزور بيت المقدس والخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام .
فقالت له :
وأنا كذلك .
واتفقا على ذلك ثم خرجا واكترى له ولها مع المقادسة وجهزا حالهما وتوجها مع الركب فحصل لأخته في تلك الليلة حمى باردة فتشوشت ثم شفيت وتشوش الآخر فصارت تلاطفه في ضعفه ولم يزالا سائرين إلى أن أدخلا بيت المقدس واشتد المرض على ضوء المكان ثم إنهما نزلا في خان هناك واكتريا لهما فيه حجرة واستقرا فيها ولم يزل المرض يتزايد على ضوء المكان حتى أنحله وغاب عن الدنيا .
فاغتمت لذلك أخته نزهة الزمان وقالت :
لا حول ولا قوة إلا بالله هذا حكم الله .
ثم إنها قعدت هي وأخوها في ذلك المكان وقد زاد به الضعف وهي تخدمه وتتفق عليه وعلى نفسها حتى فرغ ما معها من المال وافتقرت ولم يبق معها دينار ولا درهم فأرسلت صبي الخان إلى السوق بشيء من قماشها فباعه وأنفقته على أخيها ثم باعت شيئاً آخر ولم تزل تبيع من متاعها شيئاً فشيئاً حتى لم يبق لها غير حصير مقطعة فبكت ، وقالت :
لله الأمر من قبل ومن بعد .
ثم قال لها أخوها :
يا أختي إني قد أحسست بالعافية وفي خاطري شيء من اللحم المشوي .
فقالت له أخته :
إني ما لي وجه للسؤال ، ولكن غداً أدخل بيت أحد الأكابر وأخدم وأعمل بشيء نقتات به أنا وأنت .
ثم تفكرت ساعة وقالت :
إني لا يهون علي فراقك وأنت في هذه الحالة ولكن لا بد من طلب المعاش قهراً عني .
فقال لها أخوها : بعد العز تصبحين ذليلة ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم بكى وبكت وقالت له :
يا أخي نحن غرباء وقد أقمنا هنا سنة كاملة ما دق علينا الباب أحد فهل نموت من الجوع ? فليس عندي من الرأي إلا أني أخرج وأخدم وآتيك بشيء تقتات به إلى أن تبرأ من مرضك ثم نسافر إلى بلادنا .
ومكثت تبكي ساعة ، ثم بعد ذلك قامت نزهة الزمان وغطت رأسها بقطعة عباءة من ثياب الجمالين كان صاحبها نسيها عندهما وقبلت رأس أخيها وغطته وخرجت من عنده وهي تبكي ولم أين تمضي وما زال أخوها ينتظرها إلى أن قرب وقت العشاء ، ولم تأت فمكث بعد ذلك هو ينتظرها إلى أن طلع النهار فلم تعد إليه ولم يزل على هذه الحالة يومين فعظم ذلك عنده وارتجف قلبه عليها واشتد به الجوع ، فخرج من الحجرة وصاح على صبي الخان وقال له :
أريد أن تحملني إلى السوق .
فحمله والقاه في السوق فاجتمع عليه أهل القدس وبكوا عليه لما رأوه على تلك الحالة وأشار إليهم بطلب شيء يأكله فجاؤوا له من التجار الذين في السوق ببعض دراهم واشتروا له شيئاً وأطعموه إياه ، ثم حملوه ووضعوه على دكان وفرشوا له قطعة برش ووضعوا عند رأسه إبريقاً .
فلما أقبل الليل انصرف عنه الناس وهم حاملون همه ، فلما كان نصف الليل تذكر أخته فازداد به الضعف وامتنع من الأكل والشرب وغاب عن الوجود فقام أهل السوق وأخذوا له من التجار ثلاثين درهماً ، واكتروا له جملاً وقالوا للجمال :
احمل هذا وأوصله إلى دمشق وأدخله المارستان لعله أن يبرأ .
فقال لهم :
على الرأس .
ثم قال في نفسه :
كيف أمضي بهذا المريض وهو مشرف على الموت ?
ثم خرج به إلى مكان واختفى به إلى الليل ثم ألقاه على مزبلة مستوقد حمام ثم مضى إلى حال سبيله .
فلما أصبح الصباح طلع وقاد الحمام إلى شغله فوجده ملقى على ظهره فقال في نفسه :
لأي شيء ما يرمون هذا الميت إلا هنا ?
ورفسه برجله فتحرك فقال الوقاد :
الواحد منكم يأكل قطعة حشيش ويرمي نفسه في أي موضع كان .
ثم نظر إلى وجهه فرآه لا نبات بعارضيه ، وهو ذو بهاء وجمال فأخذته الرأفة عليه وعرف أنه مريض وغريب فقال :
لا حول ولا قوة إلا بالله إني دخلت في خطيئة هذا الصبي وقد أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام الغريب لاسيما إذا كان الغريب مريضاً .
ثم حمله وأتى به إلى منزله ودخل به على زوجته وأمرها أن تخدمه وتفرش له بساطاً ففرشت له وجعلت تحت رأسه وسادة وسخنت له ماء وغسلت له يديه ورجليه ووجهه وخرج الوقاد إلى السوق وأتى له بشيء من ماء الورد والسكر ، ورش على وجهه وسقاه السكر وأخرج له قميصاً نظيفاً وألبسه إياه فشم نسيم الصحة وتوجهت إليه العافية واتكأ على المخدة ففرح الوقاد بذلك وقال :
الحمد لله على عافية هذا الصبي اللهم إني أسألك بسرك المكنون أن تجعل سلامة هذا الشاب على يدي .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:01 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوقاد ما زال يتعهد ضوء المكان ثلاثة أيام ، وهو يسقيه السكر وماء الحلاف وماء الورد ويتعطف عليه ويتلطف به حتى عادت الصحة في جسمه وفتح عينيه فاتفق أن الوقاد دخل عليه فرآه جالساً وعليه آثار العافية فقال له :
ما حالك يا ولدي في هذا الوقت ?
فقال ضوء المكان :
بخير وعافية .
فحمد الوقاد ربه وشكره ثم نهض إلى السوق واشترى له عشر دجاجات وأتى إلى زوجته ، وقال لها :
اذبحي له في كل يوم اثنتين واحدة في أول النهار وواحدة في آخر النهار .
فقامت وذبحت له دجاجة وسلقتها ، وأتت بها إليه وأطعمته إياها وسقته مرقتها فلما فرغ من الأكل قدمت له ماء مسخناً فغسل يديه واتكأ على الوسادة وغطته بملاءة فنام إلى العصر ثم قامت وسلقت دجاجة أخرى وأتته بها وفسختها وقالت له :
كل يا ولدي .
فبينما هو يأكل وإذا بزوجها قد دخل فوجدها تطعمه فجلس عند رأسه وقال له : ما حالك يا ولدي في هذا الوقت ?
فقال ضوء المكان :
الحمد لله على العافية جزاك الله عني خير .
ففرح الوقاد بذلك ثم إنه خرج وأتى بشراب البنفسج وماء الورد وسقاه وكان ذلك الوقاد يعمل في الحمام كل يوم بخمسة دراهم فيشتري له بدرهم فراريج وما زال يلاطفه إلى أن مضى عليه شهر من الزمان حتى زالت عنه آثار المرض وتوجهت إليه العافية ففرح الوقاد هو وزوجته بعافية ضوء المكان وقال له :
يا ولدي هل لك أن تدخل معي الحمام ?
قال ضوء المكان :
نعم .
فمضى إلى السوق وأتى له بمكاري وأركبه حماراً وجعل يسنده إلى أن وصل إلى الحمام ثم دخل معه الحمام وأجلسه في داخله ومضى إلى السوق واشترى له سدراً ودقاقاً وقال لضوء المكان :
يا سيدي بسم الله أغسل لك جسدك .
وأخذ الوقاد يحك لضوء المكان رجليه ، وشرع يغسل له جسده بالسدر والدقاق ، وغذا ببلان قد أرسله معلم الحمام إلى ضوء المكان فوجد الوقاد يحك رجليه فتقدم إليه البلان ، وقال له :
هذا نقص في حق المعلم .
فقال الوقاد :
والله إن المعلم غمرنا بإحسانه .
فشرع البلان يحلق رأس ضوء المكان ثم اغتسل هو والوقاد وبعد ذلك رجع به الوقاد إلى منزله وألبسه قميصاً رفيقاً وثوباً من ثيابه وعمامة لطيفة وأعطاه حزاماً وكانت زوجة الوقاد قد ذبحت دجاجتين وطبختهما .
فلما طلع ضوء المكان وجلس على الفراش قام الوقاد وأذاب له السكر في ماء الورد وسقاه ثم قدم له السفرة وصار الوقاد يفسخ له من ذلك الدجاج ويطعمه ويسقيه من المسلوقة إلى ان اكتفى وغسل يديه وحمد الله تعالى على العافية ثم قال ضوء المكان للوقاد :
أنت الذي منّ الله بك علي وجعل سلامتي على يديك .
فقال الوقاد :
دع عنك هذا الكلام وقل لنا ما سبب مجيئك إلى هذه المدينة ومن أنت فإني أرى على وجهك آثار النعمة ?
فقال له ضوء المكان :
قل لي أنت كيف وقعت بي حتى أخبرك بحديثي ?
فقال له الوقاد :
أما أنا فإني وجدتك مرمياً على القمامة في المستوقد حين لاح الفجر لما توجهت إلى أشغالي ولم أعرف من رماك .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:02 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الحادية والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوقاد قال :
لم أعرف من رماك فأخذتك عندي وهذه حكايتي .
فقال ضوء المكان :
سبحان من يحيي العظام ، وهي رميم إنك يا أخي ما فعلت الجميل إلا مع أهله وسوف تجني ثمرة ذلك .
ثم قال للوقاد :
وأنا الآن في أي بلاد ?
فقال الوقاد :
أنت في مدينة القدس .
فعند ذلك تذكر ضوء المكان غربته وفراق أخته وبكى حيث باح بسره إلى الوقاد وحكى له حكايته ثم أنشد هذه الأبيات :
لقد حملوني في الهوى غير طاقتي ........ ومن أجلهم قامت علي الـقـيامة
ألا فارقوا يا هاجرين بمهجـتـي ........ فقد رق لي من بعدكم كل شامت
ولا تمنعوا أن تسمحوا لي بنظـرة ........ تخفف أحوالي فرط سبـابـتـي
سألت فؤادي الصبر عنكم فقال لي ........ إليك فإن الصبر من غير عادتـي
ثم زاد بكائه فقال له الوقاد :
لا تبك واحمد الله على السلامة والعافية .
فقال ضوء المكان :
كم بيننا وبين دمشق ?
فقال :
ستة أيام فقال .
ضوء المكان :
هل لك أن ترسلني إليها ?
فقال له الوقاد :
يا سيدي كيف أدعك تروح وأنت شاب صغير فإن شئت السفر إلى دمشق فأنا الذي أروح معك وإن أطاعتني زوجتي وسافرت معي أقمت هناك فإنه لا يهون علي فراقك .
ثم قال الوقاد لزوجته :
هل لك أن تسافري معي إلى دمشق الشام أو تكوني مقيمة هنا ، حتى أوصل سيدي هذا إلى دمشق الشام وأعود إليك فإنه يطلب السفر إليها فإني والله لا يهون علي فراقه وأخاف عليه من قطاع الطرق .
فقالت له زوجته :
أسافر معكما .
فقال الوقاد :
الحمد لله على الموافقة .
ثم أن الوقاد قام وباع أمتعته وأمتعة زوجته .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:03 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثانية والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوقاد اتفق هو وزوجته على السفر مع ضوء المكان وعلى أنهما يمضيان معه إلى دمشق ثم إن الوقاد باع أمتعته وأمتعة زوجته ثم اكترى حماراً وأركب ضوء المكان إياه وسافروا ولم يزالوا مسافرين ستة أيام إلى أن دخلوا دمشق فنزلوا هناك في آخر النهار وذهب الوقاد واشترى شيئاً من الأكل والشرب على العادة وما زالوا على ذلك الحال خمسة أيام وبعد ذلك مرضت زوجة الوقاد أياماً قلائل وانتقلت إلى رحمة الله تعالى فعظم ذلك على ضوء المكان لأنه قد اعتاد عليها وكانت تخدمه ، وحزن عليها الوقاد حزناً شديداً فالتفت ضوء المكان إلى الوقاد ، فوجده حزيناً فقال له :
لا تحزن فإننا كلنا داخلون في هذا الباب .
فالتفت الوقاد إلى ضوء المكان وقال له :
جزاك الله خيراً يا ولدي فالله تعالى يعوض علينا بفضله ويزيل عنا الحزن فهل لك يا ولدي أن تخرج بنا ونتفرج في دمشق ، لنشرح خاطرك ?
فقال له ضوء المكان :
الرأي رأيك .
فقام الوقاد ووضع يده في يد ضوء المكان وسارا إلى أن أتيا تحت إصطبل والى دمشق فوجدا جمالاً محملة صناديق وفرشاً وقماشاً من الديباج وغيره وجنائب مسرجة ونجاتي وعبيداً ومماليك والناس في هرج فقال ضوء المكان :
يا ترى لمن تكون هؤلاء المماليك والجمال والأقمشة .
وسأل بعض الخدم عن ذلك ، فقال له المسؤول :
هذه هدية من أمير دمشق يريد إرسالها إلى الملك عمر النعمان مع خراج الشام .
فلما سمع ضوء المكان هذا الكلام تغرغرت عيناه بالدموع وأنشد يقول :
إن شكونا البعاد ماذا تـقـول ........ أو تلفنا الشوق فكيف السبـيل
أو رأينا رسلاً تترجـم عـنـا ........ ما يودي شكوى لمحب رسول
أو صبرنا فما من الصبر عندي ........ بعد فقد الأحبـاب إلا قـلـيل
وقال أيضاً :
رحلوا غائبين عن جفن عيني ........ ليس تحلوا والاشتياق يحول
غاب عني جمالهم فحـيانـي ........ أذكر الوجد في حديث يطول
ولما فرغ من شعره بكى ، فقال له الوقاد :
يا ولدي نحن ما صدقنا أنك جاءتك العافية فطب نفساً ولا تبك فإني أخاف عليك من النكسة .
وما زال يلاطفه ويمازحه وضوء المكان يتنهد ويتحسر على غربته وعلى فراقه لأخته ومملكته ويرسل العبرات ثم أنشد هذه الأبيات :
تزود من الدنيا فـإنـك راحـل ........ وأيقن بأن الموت لا شك نـازل
نعيمك في الدنيا غرور وحسـرة ........ وعيشك في الدنيا محال وبـال
ألا إنما الدنيا كمـنـزل راكـب ........ أناخ عيناً وهو في الصبح راحل
ثم إن ضوء المكان جعل يبكي وينتحب على غربته وكذلك الوقاد صار يبكي على فراق زوجته ولكنه مازال يتلطف بضوء المكان إلى أن أصبح الصباح فلما طلعت الشمس قال له الوقاد :
كأنك تذكرت بلادك ?
فقال له ضوء المكان :
نعم ولا أستطيع أن أقيم هنا وأستودعك الله فإني مسافر مع هؤلاء القوم وأمشي معهم قليلاً قليلاً حتى أصل بلادي .
فقال له الوقاد :
وأنا معك فإني لا أقدر أن أفارقك فإني عملت معك حسنة ، وأريد أن أتممها بخدمتي لك .
فقال له ضوء المكان :
جزاك الله عني خيراً .
وفرح ضوء المكان بسفر الوقاد معه ثم إن الوقاد خرج من ساعته واشترى حماراً وهيأ زاداً ، وقال لضوء المكان :
اركب هذا الحمار في السفر فإذا تعبت من الركوب فانزل وامش .
فقال له ضوء المكان :
بارك الله فيك وأعانني على مكافأتك فإنك فعلت معي من الخير ما لا يفعله أحد مع أخيه .
ثم صبرا إلى أن جن الظلام فحملا زادهما وأمتعتهما على ذلك الحمار وسافرا . هذا ما كان من أمر ضوء المكان والوقاد .
وأما ما كان من أمر أخته نزهة الزمان فإنها لما فارقت أخاها ضوء المكان خرجت من الخان الذي كانا فيه في القدس بعد أن التفت بالعباءة لأخل أن تخدم أحداً وتشتري لأخيها ما اشتهاه من اللحم المشوي ، وصارت تبكي في الطريق وهي لا تعرف أين تتوجه وصار خاطرها مشغولاً بأخيها وقلبها مفتكر في الأهل والأوطان ، فصارت تتضرع إلى الله تعالى في دفع هذه البليات وأنشدت هذه الأبيات :
جن الظلام وهاج الوجد بالسـقـم ........ والشوق حرك ما عندي من الألم
ولوعة البين في الأحشاء قد سكنت ........ والوجد صيرني في حالة العـدم
والحزن أقلقني والشوق أحرقنـي ........ والدمع باح بحب لي مكـتـتـم
وليس لي حيلة في الوصل أعرفها ........ حتى تزحزح ما عندي من الغمم
فنار قلبي بـالأشـواق مـوقـدة ........ ومن لظاها يظل الصب في نقـم
يا من يلوم على ما حل بي وجرى ........ إني صبرت على ما خط بالقلـم
أقسمت بالحب مالي سلـوة أبـداً ........ يمين أهل الهوى مبرورة القسـم
يا ليل بلغ رواة الحب عن خبري ........ واشهد بعلمك أني فيك لـم أنـم
ثم إن نزهة الزمان أخت ضوء المكان صارت تمشي وتلتفت يميناً ويساراً وإذا بشيخ مسافر من البدو ومعه خمسة أنفار من العرب قد التفت إلى نزهة الزمان فرآها جميلة وعلى رأسها عباءة مقطعة ، فتعجب من حسنها وقال في نفسه :
إن هذه جميلة ولكنها ذات قشف فإن كانت من أهل المدينة أو كانت غريبة فلا بد لي منها .
ثم إنه تبعها قليلاً قليلاً حتى تعرض لها في الطريق في مكان ضيق وناداها ليسألها عن حالها وقال لها :
يا بنية هل انت حرة أم مملوكة ?
فلما سمعت كلامه نظرت إليه وقال له :
بحياتك لا تجدد علي الأحزان .
فقال لها :
إني رزقت ست بنات مات لي منهن خمسة وبقيت واحدة وهي أصغرهن وأتيت إليك لأسألك هل أنت من أهل المدينة أو غريبة لأجل أن آخذك وأجعلك عندها لتؤانسيها فتشتغل بك عن الحزن على أخواتها فإن لم يكن لك أحد جعلتك مثل واحدة منهن وتصيرين مثل أولادي .
فلما سمعت نزهة الزمان كلامه قالت في سرها :
عسى أن آمن على نفسي عند هذا الشيخ .
ثم أطرقت برأسها من الحياء وقالت :
يا عم أنا بنت غريبة ولي أخ ضعيف فأنا أمضي معك إلى بيتك بشرط أن أكون عندك بالنهار وبالليل أمضي إلى أخي فإن قبلت هذا الشرط مضيت معك لأني غريبة ، وكنت عزيزة فأصبحت ذليلة حقيرة وجئت أنا وأخي من بلاد الحجاز وأخاف أن أخي لا يعرف مكاناً لي .
فلما سمع البدوي كلامها قال في نفسه :
والله إني فزت بمطلوبي .
ثم قال لها :
ما أريد إلا لتؤانسي بنتي نهاراً وتمضي إلى أخيك ليلاً وإن شئت فانقليه إلى مكاننا .
ولم يزل البدوي يطيب قلبها ويلين لها الكلام إلى أن وافقته على الخدمة ومشى قدامها وتبعته ولم يزل سائر إلى جماعته وكانوا قد هيئوا الجمال ووضعوا عليها الأحمال ووضعوا فوقها الماء والزاد وكان البدوي قاطع الطريق وخائن الرفيق وصاحب مكر وحيل ولم يكن عنده بيت ولا ولد وإنما قال ذلك الكلام حيلة على هذه البنت المسكينة لأمر قدره الله .
ثم إن البدوي صار يحدثها في الطريق إلى أن خرج من مدينة القدس واجتمع برفاقه فوجدهم قد رحلوا الجمال فركب البدوي وأردفها خلفه وساروا معظم الليل فعرفت نزهة الزمان أن كلام البدوي كان حيلة عليها وأنه مكر بها ، فصارت تبكي وتصرخ وهم في الطريق قاصدين الجبال خوفاً من أن يراهم أحد ، فلما صاروا قريب الفجر نزلوا عن الجمال وتقدم البدوي إلى نزهة الزمان وقال لها :
يا مدنية ما هذا البكاء ، والله إن لم تتركي البكاء ضربتك إلى أن تهلكي يا قطعة حضرية .
فلما سمعت نزهة الزمان كلامه كرهت الحياة وتمنت الموت فالتفتت إليه وقالت له :
يا شيخ السوء يا شبيهة جهنم كيف استأمنتك وأنت تخونني وتمكر بي ?
فلما سمع البدوي كلامها قال لها :
يا قطعة حضرية لك لسان تجاوبينني به .
وقام إليها ومعه سوط فضربها وقال :
إن لم تسكتي قتلتك .
فسكتت نزهة ثم تفكرت أخاها وما هو فيه من الأمراض فبكت سراً ، وفي ثاني يوم التفتت إلى البدوي وقالت له :
كيف تعمل على هذه الحيلة حتى أتيت بي إلى هذه الجبال القفرة وما قصدك مني ?
فلما سمع كلامها قسا قلبه وقال لها :
يا قطعة حضرية ألك لسان تجاوبينني .
وأخذ السوط ونزل على ظهرها إلى أن غشي عليها فانكبت على رجليه وقبلتهما فكف عنها الضرب وصار يشتمها ويقول لها :
وحق طرطوري إن سمعتك تبكين قطعت لسانك ودسسته في فرجك يا قطعة حضرية .
فعند ذلك سكتت ولم ترد جواباً وآلمها الضرب فقعدت على قرافيصها وجعلت رأسها في طوقها وصارت تتفكر في حالها وفي حال أخيها وفي ذلها بعد العز وفي مرض أخيها ووحدته واغترابهما وأرسلت دموعها على الوجنات وأنشدت هذه الأبيات :
من عادة الدهـر إدبـار وإقـبـال ........ فما يدوم له بـين الـورى حـال
وكل شيء من الـدنـيا لـه أجـل ........ وتنقضي لجمـيع الـناس آجـال
كما أحمل الضيم والأهوال يا أسفـي ........ من عيشة كلـها ضـيم وأهـوال
لا أسعد الله أيامـاً عـززت بـهـا ........ دهراً وفي طي ذاك الـعـز إذلال
قد خاب قصدي وآمالي بها انصرمت ........ وقد تقطع بالـتـغـريب أوصـال
يا من يمر على دار بها سـكـنـي ........ بلغه عنـي أن الـدمع هـطـال
فلما سمع البدوي شعرها عطف عليها ورثى لها ورحمها وقام إليها ومسح دموعها وأعطاها قرصاً من شعير وقال لها :
أنا لا أحب من يجاوبني في وقت الغيظ وأنت بعد ذلك لا تجاوبينني بشيء من هذا الكلام الفاحش وأنا أبيعك لرجل جيد مثلي يفعل معك الخير مثل ما فعلت معك .
قالت :
نعم ما تفعل .
ثم إنها لما طال عليها الليل وأحرقها الجوع أكلت من ذلك القرص الشعير شيئاً يسيراً ، فلما انتصف الليل أمر البدوي جماعته أن يسافروا .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:04 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثانية والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوقاد اتفق هو وزوجته على السفر مع ضوء المكان وعلى أنهما يمضيان معه إلى دمشق ثم إن الوقاد باع أمتعته وأمتعة زوجته ثم اكترى حماراً وأركب ضوء المكان إياه وسافروا ولم يزالوا مسافرين ستة أيام إلى أن دخلوا دمشق فنزلوا هناك في آخر النهار وذهب الوقاد واشترى شيئاً من الأكل والشرب على العادة وما زالوا على ذلك الحال خمسة أيام وبعد ذلك مرضت زوجة الوقاد أياماً قلائل وانتقلت إلى رحمة الله تعالى فعظم ذلك على ضوء المكان لأنه قد اعتاد عليها وكانت تخدمه ، وحزن عليها الوقاد حزناً شديداً فالتفت ضوء المكان إلى الوقاد ، فوجده حزيناً فقال له :
لا تحزن فإننا كلنا داخلون في هذا الباب .
فالتفت الوقاد إلى ضوء المكان وقال له :
جزاك الله خيراً يا ولدي فالله تعالى يعوض علينا بفضله ويزيل عنا الحزن فهل لك يا ولدي أن تخرج بنا ونتفرج في دمشق ، لنشرح خاطرك ?
فقال له ضوء المكان :
الرأي رأيك .
فقام الوقاد ووضع يده في يد ضوء المكان وسارا إلى أن أتيا تحت إصطبل والى دمشق فوجدا جمالاً محملة صناديق وفرشاً وقماشاً من الديباج وغيره وجنائب مسرجة ونجاتي وعبيداً ومماليك والناس في هرج فقال ضوء المكان :
يا ترى لمن تكون هؤلاء المماليك والجمال والأقمشة .
وسأل بعض الخدم عن ذلك ، فقال له المسؤول :
هذه هدية من أمير دمشق يريد إرسالها إلى الملك عمر النعمان مع خراج الشام .
فلما سمع ضوء المكان هذا الكلام تغرغرت عيناه بالدموع وأنشد يقول :
إن شكونا البعاد ماذا تـقـول ........ أو تلفنا الشوق فكيف السبـيل
أو رأينا رسلاً تترجـم عـنـا ........ ما يودي شكوى لمحب رسول
أو صبرنا فما من الصبر عندي ........ بعد فقد الأحبـاب إلا قـلـيل
وقال أيضاً :
رحلوا غائبين عن جفن عيني ........ ليس تحلوا والاشتياق يحول
غاب عني جمالهم فحـيانـي ........ أذكر الوجد في حديث يطول
ولما فرغ من شعره بكى ، فقال له الوقاد :
يا ولدي نحن ما صدقنا أنك جاءتك العافية فطب نفساً ولا تبك فإني أخاف عليك من النكسة .
وما زال يلاطفه ويمازحه وضوء المكان يتنهد ويتحسر على غربته وعلى فراقه لأخته ومملكته ويرسل العبرات ثم أنشد هذه الأبيات :
تزود من الدنيا فـإنـك راحـل ........ وأيقن بأن الموت لا شك نـازل
نعيمك في الدنيا غرور وحسـرة ........ وعيشك في الدنيا محال وبـال
ألا إنما الدنيا كمـنـزل راكـب ........ أناخ عيناً وهو في الصبح راحل
ثم إن ضوء المكان جعل يبكي وينتحب على غربته وكذلك الوقاد صار يبكي على فراق زوجته ولكنه مازال يتلطف بضوء المكان إلى أن أصبح الصباح فلما طلعت الشمس قال له الوقاد :
كأنك تذكرت بلادك ?
فقال له ضوء المكان :
نعم ولا أستطيع أن أقيم هنا وأستودعك الله فإني مسافر مع هؤلاء القوم وأمشي معهم قليلاً قليلاً حتى أصل بلادي .
فقال له الوقاد :
وأنا معك فإني لا أقدر أن أفارقك فإني عملت معك حسنة ، وأريد أن أتممها بخدمتي لك .
فقال له ضوء المكان :
جزاك الله عني خيراً .
وفرح ضوء المكان بسفر الوقاد معه ثم إن الوقاد خرج من ساعته واشترى حماراً وهيأ زاداً ، وقال لضوء المكان :
اركب هذا الحمار في السفر فإذا تعبت من الركوب فانزل وامش .
فقال له ضوء المكان :
بارك الله فيك وأعانني على مكافأتك فإنك فعلت معي من الخير ما لا يفعله أحد مع أخيه .
ثم صبرا إلى أن جن الظلام فحملا زادهما وأمتعتهما على ذلك الحمار وسافرا . هذا ما كان من أمر ضوء المكان والوقاد .
وأما ما كان من أمر أخته نزهة الزمان فإنها لما فارقت أخاها ضوء المكان خرجت من الخان الذي كانا فيه في القدس بعد أن التفت بالعباءة لأخل أن تخدم أحداً وتشتري لأخيها ما اشتهاه من اللحم المشوي ، وصارت تبكي في الطريق وهي لا تعرف أين تتوجه وصار خاطرها مشغولاً بأخيها وقلبها مفتكر في الأهل والأوطان ، فصارت تتضرع إلى الله تعالى في دفع هذه البليات وأنشدت هذه الأبيات :
جن الظلام وهاج الوجد بالسـقـم ........ والشوق حرك ما عندي من الألم
ولوعة البين في الأحشاء قد سكنت ........ والوجد صيرني في حالة العـدم
والحزن أقلقني والشوق أحرقنـي ........ والدمع باح بحب لي مكـتـتـم
وليس لي حيلة في الوصل أعرفها ........ حتى تزحزح ما عندي من الغمم
فنار قلبي بـالأشـواق مـوقـدة ........ ومن لظاها يظل الصب في نقـم
يا من يلوم على ما حل بي وجرى ........ إني صبرت على ما خط بالقلـم
أقسمت بالحب مالي سلـوة أبـداً ........ يمين أهل الهوى مبرورة القسـم
يا ليل بلغ رواة الحب عن خبري ........ واشهد بعلمك أني فيك لـم أنـم
ثم إن نزهة الزمان أخت ضوء المكان صارت تمشي وتلتفت يميناً ويساراً وإذا بشيخ مسافر من البدو ومعه خمسة أنفار من العرب قد التفت إلى نزهة الزمان فرآها جميلة وعلى رأسها عباءة مقطعة ، فتعجب من حسنها وقال في نفسه :
إن هذه جميلة ولكنها ذات قشف فإن كانت من أهل المدينة أو كانت غريبة فلا بد لي منها .
ثم إنه تبعها قليلاً قليلاً حتى تعرض لها في الطريق في مكان ضيق وناداها ليسألها عن حالها وقال لها :
يا بنية هل انت حرة أم مملوكة ?
فلما سمعت كلامه نظرت إليه وقال له :
بحياتك لا تجدد علي الأحزان .
فقال لها :
إني رزقت ست بنات مات لي منهن خمسة وبقيت واحدة وهي أصغرهن وأتيت إليك لأسألك هل أنت من أهل المدينة أو غريبة لأجل أن آخذك وأجعلك عندها لتؤانسيها فتشتغل بك عن الحزن على أخواتها فإن لم يكن لك أحد جعلتك مثل واحدة منهن وتصيرين مثل أولادي .
فلما سمعت نزهة الزمان كلامه قالت في سرها :
عسى أن آمن على نفسي عند هذا الشيخ .
ثم أطرقت برأسها من الحياء وقالت :
يا عم أنا بنت غريبة ولي أخ ضعيف فأنا أمضي معك إلى بيتك بشرط أن أكون عندك بالنهار وبالليل أمضي إلى أخي فإن قبلت هذا الشرط مضيت معك لأني غريبة ، وكنت عزيزة فأصبحت ذليلة حقيرة وجئت أنا وأخي من بلاد الحجاز وأخاف أن أخي لا يعرف مكاناً لي .
فلما سمع البدوي كلامها قال في نفسه :
والله إني فزت بمطلوبي .
ثم قال لها :
ما أريد إلا لتؤانسي بنتي نهاراً وتمضي إلى أخيك ليلاً وإن شئت فانقليه إلى مكاننا .
ولم يزل البدوي يطيب قلبها ويلين لها الكلام إلى أن وافقته على الخدمة ومشى قدامها وتبعته ولم يزل سائر إلى جماعته وكانوا قد هيئوا الجمال ووضعوا عليها الأحمال ووضعوا فوقها الماء والزاد وكان البدوي قاطع الطريق وخائن الرفيق وصاحب مكر وحيل ولم يكن عنده بيت ولا ولد وإنما قال ذلك الكلام حيلة على هذه البنت المسكينة لأمر قدره الله .
ثم إن البدوي صار يحدثها في الطريق إلى أن خرج من مدينة القدس واجتمع برفاقه فوجدهم قد رحلوا الجمال فركب البدوي وأردفها خلفه وساروا معظم الليل فعرفت نزهة الزمان أن كلام البدوي كان حيلة عليها وأنه مكر بها ، فصارت تبكي وتصرخ وهم في الطريق قاصدين الجبال خوفاً من أن يراهم أحد ، فلما صاروا قريب الفجر نزلوا عن الجمال وتقدم البدوي إلى نزهة الزمان وقال لها :
يا مدنية ما هذا البكاء ، والله إن لم تتركي البكاء ضربتك إلى أن تهلكي يا قطعة حضرية .
فلما سمعت نزهة الزمان كلامه كرهت الحياة وتمنت الموت فالتفتت إليه وقالت له :
يا شيخ السوء يا شبيهة جهنم كيف استأمنتك وأنت تخونني وتمكر بي ?
فلما سمع البدوي كلامها قال لها :
يا قطعة حضرية لك لسان تجاوبينني به .
وقام إليها ومعه سوط فضربها وقال :
إن لم تسكتي قتلتك .
فسكتت نزهة ثم تفكرت أخاها وما هو فيه من الأمراض فبكت سراً ، وفي ثاني يوم التفتت إلى البدوي وقالت له :
كيف تعمل على هذه الحيلة حتى أتيت بي إلى هذه الجبال القفرة وما قصدك مني ?
فلما سمع كلامها قسا قلبه وقال لها :
يا قطعة حضرية ألك لسان تجاوبينني .
وأخذ السوط ونزل على ظهرها إلى أن غشي عليها فانكبت على رجليه وقبلتهما فكف عنها الضرب وصار يشتمها ويقول لها :
وحق طرطوري إن سمعتك تبكين قطعت لسانك ودسسته في فرجك يا قطعة حضرية .
فعند ذلك سكتت ولم ترد جواباً وآلمها الضرب فقعدت على قرافيصها وجعلت رأسها في طوقها وصارت تتفكر في حالها وفي حال أخيها وفي ذلها بعد العز وفي مرض أخيها ووحدته واغترابهما وأرسلت دموعها على الوجنات وأنشدت هذه الأبيات :
من عادة الدهـر إدبـار وإقـبـال ........ فما يدوم له بـين الـورى حـال
وكل شيء من الـدنـيا لـه أجـل ........ وتنقضي لجمـيع الـناس آجـال
كما أحمل الضيم والأهوال يا أسفـي ........ من عيشة كلـها ضـيم وأهـوال
لا أسعد الله أيامـاً عـززت بـهـا ........ دهراً وفي طي ذاك الـعـز إذلال
قد خاب قصدي وآمالي بها انصرمت ........ وقد تقطع بالـتـغـريب أوصـال
يا من يمر على دار بها سـكـنـي ........ بلغه عنـي أن الـدمع هـطـال
فلما سمع البدوي شعرها عطف عليها ورثى لها ورحمها وقام إليها ومسح دموعها وأعطاها قرصاً من شعير وقال لها :
أنا لا أحب من يجاوبني في وقت الغيظ وأنت بعد ذلك لا تجاوبينني بشيء من هذا الكلام الفاحش وأنا أبيعك لرجل جيد مثلي يفعل معك الخير مثل ما فعلت معك .
قالت :
نعم ما تفعل .
ثم إنها لما طال عليها الليل وأحرقها الجوع أكلت من ذلك القرص الشعير شيئاً يسيراً ، فلما انتصف الليل أمر البدوي جماعته أن يسافروا .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:05 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثالثة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن البدوي لما أعطى نزهة الزمان القرص الشعير ووعدها أن يبيعها لرجل يجيد مثله قالت له :
نعم ما تفعل .
فلما انتصف الليل وأحرقها الجوع أكلت من القرص الشعير شيئاً يسيراً ، ثم إن البدوي العجوز وضع نزهة الزمان خلفه وساروا وما زالوا سائرين مدة ثلاثة أيام ثم دخلوا مدينة دمشق ونزلوا في خان السلطان بجانب باب الملك وقد تغير لون نزهة الزمان من الحزن وتعب السفر فصارت تبكي من أجل ذلك فأقبل عليها البدوي وقال لها :
يا حضرية وحق طرطوري إن لم تتركي هذا البكاء لا أبيعك إلا ليهودي .
ثم إنه قام وأخذ بيدها وأدخلها في مكان وتمشى إلى السوق ومر على التجار الذين يتجرون في الجواري وصار يكلمهم ثم قال لهم :
عندي جارية أتيت بها معي وأخوها ضعيف فأرسلته إلى أهلي في مدينة القدس لأجل أن يداووه حتى يبرأ وقصدي أن أبيعها ومن يوم ضعف أخوها وهي تبكي وصعب عليها فراقه وأريد أن الذي يشتريها مني يلين لها الكلام ويقول لها :
إن أخاك عندي في القدس ضعيف وأنا أرخص له ثمنها .
فنهض رجل من التجار وقال له :
كم عمرها ?
فقال :
هي بكر بالغة ذات عقل وأدب وفطنة وحسن وجمال ، ومن حين أرسلت أخاها إلى القدس اشتغل قلبها وتغيرت محاسنها وانهزل سمنها .
فلما سمع التاجر ذلك تمشى مع البدوي وقال له :
اعلم يا شيخ العرب أني أروح معك وأشتري منك الجارية التي تمدحها وتشكر عقلها وأدبها وحسنها وجمالها وأعطيك ثمنها وأشترط عليك شروطاً أن قبلتها نقدت لها ثمناً وإن لم تقبلها رددتها عليك .
إن شئت فاطلع بها إلى السلطان واشترط علي ما شئت من الشروط فإنك إذا أوصلتها إلى الملك شركان ابن الملك عمر النعمان صاحب بغداد وخراسان ربما تليق بعقله فيعطيك ثمنها ويكثر لك الربح فيها .
فقال له البدوي :
قبلت منك هذا الشرط .
ثم مشى الاثنان إلى أن اقبلا على المكان الذي فيه نزهة الزمان ووقف البدوي على باب الحجرة وناداها :
يا ناحبة .
وكان قد سماها بهذا الاسم فلما سمعته بكت ولم تجبه فالتفت البدوي إلى التاجر وقال له :
ها هي قاعدة دونك فأقبل عليها وانظرها ولاطفها مثل ما أوصيتك .
فتقدم التاجر إليها فرآها بديعة الحسن والجمال لاسيما وكانت تعرف بلسان العرب .
فقال التاجر :
إن كانت كما وصفت لي فإني أبلغ بها عند السلطان ما أريد .
ثم أن التاجر قال لها :
السلام عليك يا بنية كيف حالك ?
فالتفتت إليه وقالت :
كان ذلك في الكتاب مسطوراً .
ونظرت إليه فإذا هو رجل ذو وقار ووجه حسن فقالت في نفسها : أظن أن هذا جاء ليشتريني ، ثم قالت :
إن امتنعت عنه صرت عند هذا الظالم فيهلكني من الضرب فعلى كل حال هذا رجل وجهه حسن وهو أرجى للخير من هذا البدوي الجلف ، ولعله ما جاء إلا ليسمع منطقي فأنا أجاوبه جواباً حسناً .
كل ذلك وعينها على الأرض ثم رفعت بصرها إليه وقالت بكلام عذب :
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا سيدي بهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأما سؤالك عن حالي فإن شئت أن تعرفه فلا تتمنه إلا لأعدائك .
ثم سكتت فلما سمع التاجر كلامها طار عقله فرحاً بها والتفت إلى البدوي وقال له :
كم ثمنها فإنها جليلة .
فاغتاظ البدوي وقال له :
أفسدت علي الجارية بهذا الكلام لأي شيء تقول إنها جليلة مع أنها من رعاع الناس فأنا لا أبيعها لك .
فلما سمع التاجر كلامه عرف أنه قليل العقل فقال له :
طب نفساً وقر عيناً فأنا أشتريها على هذا العيب الذي ذكرتها .
فقال له البدوي :
وكم تدفع لي فيها ?
فقال له التاجر :
ما يسمي الولد إلا أبوه فاطلب فيها مقصودك .
فقال له البدوي :
ما يتكلم إلا أنت .
فقال التاجر في نفسه :
إن هذا البدوي جلف يابس الرأس وأنا لا أعرف لها قيمة إلا أنها ملكت قلبي بفصاحتها وحسن منظرها وإن كانت تكتب وتقرأ فهذا من تمام النعمة عليها وعلى من يشتريها ، لكن هذا البدوي لا يعرف لها قيمة .
ثم التفت إلى البدوي وقال له :
يا شيخ العرب أدفع لك فيها مائتي دينار سالمة ليدك غير الضمان وقانون السلطان .
فلما سمع البدوي اغتاظ غيظاً شديداً وصرخ في ذلك التاجر وقال له :
قم إلى حال سبيلك لو أعطيتني مائة دينار في هذه القطعة العباءة التي علها ما بعتها لك فأنا لا أبيعها بل أخليها عندي ترعى الجمال وتطحن الطحين .
ثم صاح عليها وقال :
تعالي يا منتنة أنا لا أبيعك .
ثم التفت إلى التاجر وقال له :
كنت أحسبك أهل معرفة ، وحق طرطوري إن لم تذهب عني لأسمعتك ما لا يرضيك .
فقال التاجر في نفسه :
إن هذا البدوي مجنون ولا يعرف قيمتها ولا أقول له شيئاً في ثمنها في هذا الوقت فإنه لو كان صاحب عقل ما قال وحق طرطوري والله إنها تساوي خزنة من الجواهر وأنا معي ثمنها ولكن إن طلب مني ما يريد أعطيته إياه ولو أخذ جميع مالي .
ثم التفت إلى البدوي وقال له :
يا شيخ العرب طول بالك وقل لي ما لها من القماش عندك ?
فقال البدوي :
وما تعمل قطاعة الجواري هذه القماش والله إن هذه العباءة التي هي ملفوفة فيها كثيرة عليها .
فقال له التاجر :
عن إذنك أكشف عن وجهها وأقلبها كما يقلب الناس الجواري لأجل الاشتراء .
فقال له البدوي :
دونك ما تريد الله يحفظ شبابك فقلبها ظاهراً وباطناً فإن شئت فعرها من الثياب ثم انظرها وهي عريانة .
فقال التاجر :
معاذ الله أنا ما أنظر إلا وجهها .
ثم إن التاجر تقدم إليها وهو خجلان من حسنها وجمالها .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:06 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الرابعة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر تقدم إلى نزهة الزمان وهو خجلان من حسنها وجلس إلى جانبها وقال لها :
يا سيدتي ما اسمك ?
فقالت له :
تسألني عن اسمي في هذا الزمان أو عن اسمي القديم ?
فقال لها التاجر :
هل لك اسم جديد واسم قديم ?
قالت :
نعم اسمي القديم نزهة الزمان واسمي الجديد غصة الزمان .
فلما سمع التاجر منها هذا الكلام تغرغرت عيناه بالدموع وقال لها :
هل لك أخ ضعيف ?
فقالت له :
إي والله يا سيدي ولكن فرق الزمان بيني وبينه وهو مريض في بيت المقدس .
فتحير عقل التاجر من عذوبة منطقها وقال في نفسه :
لقد صدق البدوي في مقالته .
ثم إن نزهة الزمان تذكرت أخاها ومرضه وغربته وفراقها عنه وهو ضعيف ولا تعلم ما وقع له وتذكرت ما جرى لها من هذا الأمر مع البدوي ومن بعدها عن أمها وأبيها ومملكتها فجرت دموعها على خدها وأرسلت العبرات وأنشدت هذه الأبيات :
حينـمـا قـد وقـاك إلـهـي ........ أيها الراحل المقيم بـقـلـبـي
ولك الله حيث أمـسـيت جـار ........ حافظ من صروف دهر وخطب
غبت فاستوحشت لقربك عينـي ........ واستهلت مدامعي أي سـكـب
ليت شعري بـأي ربـع وأرض ........ أنت مستوطن بـدار وشـعـب
إن يكن شـاربـاً لـمـاء حـياة ........ حضر الورد فالمدامع شربـي
أو شهدت الرقاد يوماً فجـمـر ........ من سهاد بين الفراش وجنـبـي
كل شيء إلا فـراقـك سـهـل ........ عند قلبي وغيره غير صـعـب
فلما سمع التاجر ما قالته من الشعر بكى ومد يده ليمسح دموعها عن خدها فغطت وجهها وقالت له :
حاشاك يا سيدي .
ثم إن البدوي قعد ينظر إليها وهي تغطي وجهها من التاجر حيث أراد أن يمسح دمعها عن خدها فاعتقد أنها تمنعه من التقليب فقام إليها يجري وكان معه مقود جمل فرفعه في يده وضربها به على أكتافها فجاءت الضربة قوية فانكبت بوجهها على الأرض فجاءت حصاة من الأرض في حاجبها فشقته فسال دمها على وجهها فصرخت صرخة عظيمة وغشي عليها وبكت وبكى التاجر معها فقال التاجر :
لا بد أن أشتري هذه الجارية ولو بثقلها ذهباً وأريحها من هذا الظالم .
وصار التاجر يشتم البدوي وهي في غشيتها فلما أفاقت مسحت الدموع والدم عن وجهها وعصبت رأسها ورفعت طرفها إلى السماء وطلبت من مولاها بقلب حزين وأنشدت هذين البيتين :
وارحـمة لـعــزيزة ........ بالضيم قد صارت ذليلة
تبكي بـدمـع هـاطـل ........ وتقول ما في الوعد حيلة
فلما فرغت من شعرها التفتت إلى التاجر وقالت له بصوت خفي :
بالله لا تدعني عند هذا الظالم الذي لا يعرف الله تعالى ، فإن بت هذه الليلة عنده قتلت نفسي بيدي فخلصني منه يخلصك الله مما تخاف في الدنيا والآخرة .
فقام التاجر وقال للبدوي :
يا شيخ العرب هذه ليست غرضك بعني إياها بما تريد .
فقال البدوي :
خذها وادفع ثمنها وإلا أروح بها إلى النجع وأتركها تلم وترعى الجمال .
فقال التاجر :
أعطيك خمسمائة دينار .
فقال البدوي :
يفتح الله .
فقال التاجر :
سبعمائة دينار .
فقال البدوي :
يفتح الله هذا ما هو رأس مالها لأنها أكلت عندي أقراص من الشعير بتسعمائة دينار شعير .
قال التاجر :
أقول لك كلمة واحدة فإن لم ترض بها غمزت عليك والي دمشق فيأخذها منك قهراً .
فقال البدوي :
تكلم .
فقال :
بألف دينار .
فقال البدوي :
بعتك إياها بهذا الثمن وأقدر أنني اشتريت بها ملحاً .
فلما سمعه التاجر ضحك ومضى إلى منزله وأتى بالمال وقيضه إياه فأخذه البدوي وقال في نفسه :
لا بد أن أذهب إلى القدس لعلي أجذ أخاها فأجيء به وأبيعه .
ثم ركب وسافر إلى بيت المقدس فذهب إلى الخان وسأل عن أخيها فلم يجده . هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر التاجر ونزهة الزمان فإنه لما أخذها ألقى عليها شيئاً من ثيابه ومضى بها إلى منزله .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:07 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الرابعة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر تقدم إلى نزهة الزمان وهو خجلان من حسنها وجلس إلى جانبها وقال لها :
يا سيدتي ما اسمك ?
فقالت له :
تسألني عن اسمي في هذا الزمان أو عن اسمي القديم ?
فقال لها التاجر :
هل لك اسم جديد واسم قديم ?
قالت :
نعم اسمي القديم نزهة الزمان واسمي الجديد غصة الزمان .
فلما سمع التاجر منها هذا الكلام تغرغرت عيناه بالدموع وقال لها :
هل لك أخ ضعيف ?
فقالت له :
إي والله يا سيدي ولكن فرق الزمان بيني وبينه وهو مريض في بيت المقدس .
فتحير عقل التاجر من عذوبة منطقها وقال في نفسه :
لقد صدق البدوي في مقالته .
ثم إن نزهة الزمان تذكرت أخاها ومرضه وغربته وفراقها عنه وهو ضعيف ولا تعلم ما وقع له وتذكرت ما جرى لها من هذا الأمر مع البدوي ومن بعدها عن أمها وأبيها ومملكتها فجرت دموعها على خدها وأرسلت العبرات وأنشدت هذه الأبيات :
حينـمـا قـد وقـاك إلـهـي ........ أيها الراحل المقيم بـقـلـبـي
ولك الله حيث أمـسـيت جـار ........ حافظ من صروف دهر وخطب
غبت فاستوحشت لقربك عينـي ........ واستهلت مدامعي أي سـكـب
ليت شعري بـأي ربـع وأرض ........ أنت مستوطن بـدار وشـعـب
إن يكن شـاربـاً لـمـاء حـياة ........ حضر الورد فالمدامع شربـي
أو شهدت الرقاد يوماً فجـمـر ........ من سهاد بين الفراش وجنـبـي
كل شيء إلا فـراقـك سـهـل ........ عند قلبي وغيره غير صـعـب
فلما سمع التاجر ما قالته من الشعر بكى ومد يده ليمسح دموعها عن خدها فغطت وجهها وقالت له :
حاشاك يا سيدي .
ثم إن البدوي قعد ينظر إليها وهي تغطي وجهها من التاجر حيث أراد أن يمسح دمعها عن خدها فاعتقد أنها تمنعه من التقليب فقام إليها يجري وكان معه مقود جمل فرفعه في يده وضربها به على أكتافها فجاءت الضربة قوية فانكبت بوجهها على الأرض فجاءت حصاة من الأرض في حاجبها فشقته فسال دمها على وجهها فصرخت صرخة عظيمة وغشي عليها وبكت وبكى التاجر معها فقال التاجر :
لا بد أن أشتري هذه الجارية ولو بثقلها ذهباً وأريحها من هذا الظالم .
وصار التاجر يشتم البدوي وهي في غشيتها فلما أفاقت مسحت الدموع والدم عن وجهها وعصبت رأسها ورفعت طرفها إلى السماء وطلبت من مولاها بقلب حزين وأنشدت هذين البيتين :
وارحـمة لـعــزيزة ........ بالضيم قد صارت ذليلة
تبكي بـدمـع هـاطـل ........ وتقول ما في الوعد حيلة
فلما فرغت من شعرها التفتت إلى التاجر وقالت له بصوت خفي :
بالله لا تدعني عند هذا الظالم الذي لا يعرف الله تعالى ، فإن بت هذه الليلة عنده قتلت نفسي بيدي فخلصني منه يخلصك الله مما تخاف في الدنيا والآخرة .
فقام التاجر وقال للبدوي :
يا شيخ العرب هذه ليست غرضك بعني إياها بما تريد .
فقال البدوي :
خذها وادفع ثمنها وإلا أروح بها إلى النجع وأتركها تلم وترعى الجمال .
فقال التاجر :
أعطيك خمسمائة دينار .
فقال البدوي :
يفتح الله .
فقال التاجر :
سبعمائة دينار .
فقال البدوي :
يفتح الله هذا ما هو رأس مالها لأنها أكلت عندي أقراص من الشعير بتسعمائة دينار شعير .
قال التاجر :
أقول لك كلمة واحدة فإن لم ترض بها غمزت عليك والي دمشق فيأخذها منك قهراً .
فقال البدوي :
تكلم .
فقال :
بألف دينار .
فقال البدوي :
بعتك إياها بهذا الثمن وأقدر أنني اشتريت بها ملحاً .
فلما سمعه التاجر ضحك ومضى إلى منزله وأتى بالمال وقيضه إياه فأخذه البدوي وقال في نفسه :
لا بد أن أذهب إلى القدس لعلي أجذ أخاها فأجيء به وأبيعه .
ثم ركب وسافر إلى بيت المقدس فذهب إلى الخان وسأل عن أخيها فلم يجده . هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر التاجر ونزهة الزمان فإنه لما أخذها ألقى عليها شيئاً من ثيابه ومضى بها إلى منزله .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:08 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الخامسة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر لما تسلم الجارية من البدوي وضع عليها شيئاً من ثيابه ومضى بها إلى منزله وألبسها أفخر الملبوس ، ثم أخذها ونزل بها إلى السوق وأخذ لها مصاغاً ووضعه في بقجة من الأطلس ووضعها بين يديها وقال لها :
هذا كله من أجلك ولا أريد منك إلا إذا طلعت بك إلى السلطان والي دمشق أن تعلميه بالثمن الذي اشتريتك به وإن كان قليلاً في ظفرك وإذا اشتراك مني فاذكري له ما فعلت معك واطلبي لي منه مرقوماً سلطانياً بالوصية علي لأذهب به إلى والده صاحب بغداد الملك عمر النعمان لأجل أن يمنع من يأخذ مني مسكاً على القماش أو غيره من جميع ما أجر فيه .
فلما سمعت كلامه بكت وانتحبت فقال لها التاجر :
يا سيدتي إني أراك كلما ذكرت لك بغداد تدمع عيناك ألك فيها أحد تحبينه ? فإن كان تاجراً أو غيره فأخبريني فإني أعرف جميع ما فيها من التجار وغيرهم وإن أردت رسالة أنا أوصلها إليه .
فقالت :
والله ما لي معرفة تاجر ولا غيره وإنما معرفة بالملك عمر النعمان صاحب بغداد .
فلما سمع التاجر كلامها ضحك وفرح فرحاً شديداً وقال في نفسه :
والله إني وصلت إلى ما أريد .
ثم قال لها :
أنت عرضت عليه سابقاً ?
فقالت :
لا بل تربيت أنا وبنته فكنت عزيزة عنده ، ولي عنده حرمة كبيرة ، فإن كان غرضك أن الملك النعمان يبلغك ما تريد فأتني بدواة وقرطاس فإني أكتب لك كتاباً فإذا دخلت مدينة بغداد فسلم الكتاب من يدك إلى يد الملك عمر النعمان وقل له إن جاريتك نزهة الزمان قد طرقتها صروف الليالي والأيام حتى بيعت من مكان إلى مكان وهي تقرئك السلام ، وإذا سألك عني فأخبره أني عند نائب دمشق .
فتعجب التاجر من فصاحتها وازدادت عنده محبتها قال :
ما أظن إلا أن الرجال لعبوا بعقلك وباعوك بالمال فهل تحفظين القرآن ?
قالت :
نعم وأعرف الحكمة والطب ومقدمة المعرفة وشرح فصول بقراط لجالينوس الحكيم وشرحه أيضاً وقرأت التذكرة ، وشرحت البرهان وطالعت مفردات ابن البيطار وتكلمت على القانون لابن سينا وحللت الرموز ووضعت الأشكال وتحدثت في الهندسة وأتقنت حكمة الأبدان وقرأت كتب الشافعية وقرأت الحديث والنحو وناظرت العلماء وتكلمت في سائر العلوم وألفت في علم البيان والمنطق والحساب والجدل والعرف الروحاني والميقات وفهمت هذه العلوم كلها .
ثم قالت :
ائتني بدواة وقرطاس حتى أكتب كتاباً يسليك في الأسفار ويغنيك عن مجلدات الأسفار .
فلم اسمع التاجر منها هذا الكلام صاح :
بخ بخ فيا سعد من تكونين في قصره .
ثم أتاها بدواة وقرطاس وقلم من نحاس ، فلما أحضر التاجر ذلك بين يديها وقبل الأرض تعظيماً أخذت نزهة الزمان الدرج وتناولت القلم وكتبت في الدرج هذه الأبيات :
ما بال نومي من عيني قد نـفـرا ........ أأنت علمت طرفي بعدك السهر ?
وما لذكرك يذكي النار في كبـدي ........ أهكذا كل صـب للهـوى ذكـرا
سقا الأيام مـا كـان أطـيبـهـا ........ مضت ولم أقض من لذاتها وطرا
أستعطف الريح إن الريح حامـلة ........ إلى المتيم من أكتافكـم خـبـرا
يشكو إليك محب قـل نـاصـره ........ وللفراق خطوب تصدع الحجـرا
ثم إنها لما فرغت من كتابة هذا الشعر كتبت بعده هذا الكلام وهي تقول :
ممن استوى عليها الفكر وأنحلها السهر ، فظلمتها لا تجد لها من أنوار ولا تعلم الليل من النهار وتتقلب على مراقد البيت وتكتحل بموارد الأرق ، ولم تزل للنجوم رقيبة وللظلام نقيبة قد أذابها الفكر والنحول وشرح حالها يطول ، لا مساعد لها غير العبرات وأنشدت هذه الأبيات :
ما غردت سحراً ورقـاء فـتـن ........ إلا تحرك عندي قاتل الشـجـن
ولا تأثر مشـتـاق بـه طـرب ........ إلى الأحبة إلا ازددت في حزني
أشكو الغرام إلى من ليس يرحمني ........ كم فرق الوجد بين الروح والبدن
ثم أفاضت دموع العين وكتبت أيضاً هذين البيتين :
أبلى الهوى أسفاً يوم النوى بدني ........ وفرق المجربين الجفن والوسن
كفى بجسمي نحولاً أنني دنـف ........ لولا مخاطبتي إياك لم ترنـي
وبعد ذلك كتبت في أسفل الدرج :
هذا من عند البعيدة عن الأهل والأوطان حزينة القلب والجنان نزهة الزمان .
ثم طوت الظرف وناولته للتاجر فأخذه وقبله وعرف ما فيه ففرح وقال :
سبحان من صورك .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:10 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السادسة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان كتبت الكتاب وناولته للتاجر أخذه وقرأه وعلم ما فيه فقال :
سبحان من صورك .
وزاد في إكرامها وصار يلاطفها نهاره كله فلما أقبل الليل خرج إلى السوق وأتى بشيء فأطعمها إياه ثم أدخلها الحمام وأتى لها ببلانة وقال لها :
إذا فرغت من غسل رأسها فألبسيها ثيابها ثم أرسلي أعلميني بذلك .
فقالت :
سمعاً وطاعة .
ثم أحضر لها طعاماً وفاكهة وشمعاً وجعل ذلك على مصطبة الحمام فلما فرغت البلانة من تنظيفها ألبستها ثيابها ، ولما خرجت من الحمام وجلست على مصطبة الحمام وجدت المائدة حاضرة فأكلت هي والبلانة من الطعام والفاكهة وتركت الباقي لحارسة الحمام ثم باتت إلى الصباح وبات التاجر منعزلاً عنها في مكان آخر .
فلما استيقظ من نومه أيقظ نزهة الزمان وأحضر لها قميصاً رفيعاً وكوفية بألف دينار وبدلة تركية مزركشة بالذهب ، وخفاً مزركشاً بالذهب الأحمر مرصعاً بالدرر والجوهر وجعل في أذنيها حلقاً من اللؤلؤ بألف دينار وفوق صرتها وتلك القلادة فيها عشر أكر وتسعة أهلة كل هلال في وسطه فص من الياقوت وكل أكرة فيها فص البلخش وثمن تلك القلادة ثلاثة آلاف دينار فصارت الكسوة التي كساها إياها بجملة بليغة من المال ، ثم أمرها التاجر بأن تتزين بأحسن الزينة ومشت ومشى التاجر قدامها فلما عاينها الناس بهتوا في حسنها وقالوا :
تبارك الله أحسن الخالقين هنيئاً لمن كانت هذه عنده .
ومازال التاجر يمشي وهي تمشي خلفه حتى دخل على الملك شركان فلما دخل على الملك قبل الأرض بين يديه وقال :
أيها الملك السعيد أتيت لك بهدية غريبة الأوصاف ، عديمة النظر في هذا الزمان قد جمعت بين الحسن والإحسان .
فقال له الملك :
قصدي أن أراها عياناً .
فخرج التاجر وأتى بها حتى أوقفها قدامه فلما رآها الملك شركان حن الدم إلى الدم وكانت قد فارقته وهي صغيرة ، ولم ينظرها لأنه بعد مدة من ولادتها ، سمع أن له أختاً تسمى نزهة الزمان وأخاً يسمى ضوء المكان فاغتاظ من أبيه غيظاً شديداً غيرة على المملكة كما تقدم ولما قدمها إليه التاجر ، قال له :
يا ملك الزمان إنها مع كونها بديعة الحسن والجمال ، بحيث لا نظير لها في عصرها تعرف جميع العلوم الدينية والدنيوية والسياسية والرياضية .
فقال له الملك :
خذ ثمنها مثل ما اشتريتها ودعها وتوجه إلى حال سبيلك .
فقال له التاجر :
سمعاً وطاعة ولكن اكتب لي مرقوماً لأني لا أدفع عشراً أبداً على تجارتي .
فقال الملك :
إني أفعل لك ذلك ولكن أخبرني كم وزنت ثمنها ?
فقال :
وزنت ثمنها ألف دينار وكسوتها بمائة ألف دينار .
فلما سمع ذلك قال :
أنا أعطيك في ثمنها أكثر من ذلك .
ثم دعا بخازنداره وقال له :
أعط هذا التاجر ثلثمائة ألف وعشرين ألف دينار .
ثم إن شركان أحضر القضاة الأربعة وقال لهم :
أشهدكم أني أعتقت جاريتي هذه وأريد أن أتزوجها .
فكتب القضاة حجة بأعناقها ، ثم اكتبوا كتابي عليها ونثر المسك على رؤوس الحاضرين ذهباً كثيراً وصار الغلمان والخدم يلتقطون ما نثره عليهم الملك من الذهب ، ثم إن الملك أمر بكتابة منشور إلى التاجر على طبق مراده من أنه لا يدفع على تجارته عشراً ولا يتعرض له أحد بسوء في سائر مملكته وبعد ذلك أمر له بخلعة سنية .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:12 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السابعة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد ، أن الملك صرف جميع من عنده غير القضاة والتاجر وقال للقضاة :
أريد أن تسمعوا من ألفاظ هذه الجارية ما يدل على علمها وأدبها من كل ما ادعاه التاجر لنتحقق صدق كلامه .
فقالوا :
لا بأس من ذلك .
فأمر بإرخاء ستارة بينه هو ومن معه وبين الجارية ومن معها وصار جميع النساء اللاتي مع الجارية خلف الستارة يقبلن يديها ورجلها لما علموا أنها صارت زوجة الملك ، ثم درن حولها وقمن بخدمتها وخففن ما عليها من الثياب وصرن ينظرن حسنها وجمالها وسمعت نساء الأمراء والوزراء أن الملك شركان اشترى جارية لا مثيل لها في الجمال والعلم والأدب وأنها حوت جميع العلوم وقد وزن ثمنها ثلثمائة وعشرين ألف دينار وأعتقها وكتب كتابه عليها وأحضر القضاة الأربعة لأجل امتحانها حتى ينظر كيف تجاوبهم عن أسئلتهم ، فطلب النساء الإذن من أزواجهن ومضين إلى القصر الذي فيه نزهة الزمان .
فلما دخلن عليها وجدن الخدم وقوفاً بين يديها وحين رأت نساء الأمراء والوزراء داخلة عليها قامت إليهن وقابلتهن وقامت الجواري خلفها وتلقت النساء بالترحيب وصارت تتبسم في وجوههن فأخذت قلوبهن وأنزلتهن في مراتبهن كأنها تربت معهن فتعجبن من حسنها وجمالها وعقلها وأدبها وقلن لبعضهن :
ما هذه جارية بل هي ملكة بنت ملك .
وصرن يعظمن قدرها وقلن لها :
يا سيدتنا أضاءت بك بلدتنا وشرفت بلادنا ومملكتنا فالمملكة مملكتك ، والقصر قصرك وكلنا جواريك فبالله لا تخلينا من إحسانك والنظر إلى حسنك .
فشكرتهن على ذلك ، هذا كله والستارة مرخاة بين نزهة الزمان ومن عندها من النساء وبين الملك شركان هو والقضاة الأربعة والتاجر ثم بعد ذلك ناداها الملك شركان ، وقال لها :
أيتها الجارية العزيزة في زمانها إن هذا التاجر قد وصفك بالعلم والأدب وادعى أنك تعرفين في جميع العلوم ، حتى علم النحو فأسمعينا من كل باب طرقاً يسير .
فلما سمعت كلامه قالت :
سمعاً وطاعة أيها الملك ، الباب الأول في السياسات الملكية وما ينبغي لولاة الأمور الشرعية وما يلزمهم من قبل الأخلاق المرضية اعلم أيها الملك أن مقاصد الخلق منتهية إلى الدين والدنيا لأنه لا يتوصل أحد إلى الدين إلا بالدنيا فإن الدنيا نعم الطريق إلى الآخرة لأن الله تعالى جعل الدنيا للعباد كزاد المسافر إلى تحصيل المراد فينبغي لكل إنسان أن يتناول منها بقدر ما يوصله إلى الله ولا يتبع في ذلك نفسه وهواه ، ولو تتناولها الناس بالعدل لانقطعت الخصومات ولكنهم تناولونها بالجور ومتابعة الهوى فتسبب عن انهماكهم عليها الخصومات فاحتاجوا إلى سلطان لأجل أن ينصف بينهم ويضبط أمورهم ولولا ردع الملك الناس عن بعضهم لغلب قويهم على ضعيفهم وقد قال إزدشير :
إن الدين والملك توأمان فالدين كنز والملك حارس وقد جلت الشرائع والعقول ، على أنه يجب على الناس أن يتخذوا سلطاناً يدفع الظالم عن المظلوم ، وينصف الضعيف من القوي ويكف بأس العاتي والباغي ، واعلم أيها الملك أنه على قدر حسن أخلاق السلطان يكون الزمان فإنه قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
شيئان في الناس إن صلحا صلح الناس وإن فسدا فسد الناس العلماء والأمراء .
وقد قال بعض الحكماء الملوك الثلاثة :
ملك ودين وملك محافظة على الحرمات وملك هوى فأما ملك الدين فإنه يلزم رعيته بإتباع دينهم وينبغي أن يكون أدينهم لأنه هو الذي يقتدي به في أمور الدين ويلزم الناس طاعته فيما أمر به موافقاً للأحكام الشرعية ولكنه ينزل السخط منزلة الراضي بسبب التسليم إلى الأقدار .
وأما ملك المحافظة على الحرمات فإنه يقوم بأمور الدين والدنيا يلزم الناس بإتباع الشرع والمحافظة على المروءة ويكون جامعاً بين العلم والسيف فمن ذاع عما سطر القلم زلت به القدم فيقوم اعوجاجه بحد الحسام وينشر العدل في جميع الأنام .
وأما ملك الهوى فلا يدين له إلا اتباع هواه ولم يخش سطوة مولاه الذي ولاه فمال ملكه إلى الدمار ونهاية عنوه إلى دار البوار .
وقالت الحكماء :
الملك يحتاج إلى كثير من الناس وهم محتاجون إلى واحد ولأجل ذلك وجب أن يكون عارفاً باختلافهم ، ليرد اختلافهم إلى أوقاتهم ويعمهم بعدله وبغمرهم بفضله واعلم أيها الملك أن إزدشير وهو الثالث من ملوك الفرس قد ملك الأقاليم جميعاً وقسمها على أربعة أقسام وجعل له من أجل ذلك أربعة خواتم لكل قسم خاتم ، الأول خاتم البحر والشرطة والمحاماة وكتب عليه النيابات ، الثاني خاتم الخراج وجباية الأموال وكتب عليه العمارة ، الثالث خاتم التجارة وكتب عليه الرخاء ، الرابع خاتم المظالم وكتب عليه العدل واستمرت هذه الرسوم في الفرس إلى أن ظهر الإسلام وكتب كسرى لابنه وهو في جيشه :
بل توسعن على جيشك فيستغنوا عنك .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:13 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثامنة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد ، أن نزهة الزمان قالت :
كسرى كتب لابنه وهو في جيشه :
لا توسعن على جيشك فيستغنوا عنك ولا تضيق عليهم فيضجروا منك وأعطهم عطاءاً مقتصداً وامنحهم منحاً جميلاً ووسع عليهم في الرخاء ولا تضيق عليهم في الشدة .
وروي أن أعرابياً جاء إلى المنصور وقال له :
أجع كلبك يتبعك .
فغضب المنصور من الأعرابي لما سمع منه هذا الكلام فقال له أبو العباس الطوسي :
أخشى أن يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويتركك .
فسكن غيظ المنصور وعلم أنها كلمة لا تخطيء وأمر للأعرابي بعطية واعلم أيها الملك أنه كتب عبد الملك بن مروان لأخيه عبد العزيز بن مروان حين وجهه إلى مصر :
تفقد كتابك وحجابك فإن الثابت يخبرك عنه كتابك والترسيم تعرفك به حجابك والخارج من عندك يعرفك بجيشك .
وكان عمر بن الخطاب إذا استخدم خادماً شرط عليه أربعة شروط :
أن لا يركب البرازين وأن لا يلبس الثياب النفيسة وأن لا يأكل من القيء وأن لا يؤخر الصلاة عن وقتها .
وقيل :
لا مال أجود من العقل ولا عقل كالتدبير والحزم ولا حزم كالتقوى ولا قربة كحسن الخلق ولا ميزان كالأدب ولا فائدة كالتوفيق ولا تجارة كالعمل الصالح ولا ربح كثواب الله ولا ورع كالوقوف عند حدود السنة ولا علم كالتفكر ولا عبادة كالفرائض ولا إيمان كالحياة ولا حسب كالتواضع ولا شرف كالعلم فاحفظ الرأس وماحوى والبطن وما وعى واذكر الموت والبلا .
وقال الإمام علي رضي الله عنه :
اتقوا أشرار الناس وكونوا منهن على حذر ولا تشاورهن في أمر ولا تضيقوا عليهن في معروف حتى لا يطمعن في المكر ، وقال :
من ترك الاقتصاد حار عقله .
وقال عمر رضي الله عنه :
النساء ثلاث ، امرأة مسلمة نقية ودود تعين بعلها على الدهر ولا تعين الدهر على بعلها ، وأخرى تراد للولد لا تزيد على ذلك ، وأخرى يجعلها الله غلاً في عنق من يشاء .
والرجال أيضاً ثلاثة :
رجل عاقل إذا أقبل على رأيه ، وآخر أعقل منه وهو من إذا نزل به أمر لا يعرف عاقبته فيأتي ذوي الرأي فينزل عن آرائهم ، وآخر حائر ، لا يعلم رشداً ولا يطيع مرشداً .
والعدل لا بد منه في كل الأشياء ، حتى أن الجواري يحتجن إلى العدل وضربوا لذلك مثلاً قطاع الطرق ، المقيمين على ظلم الناس فإنهم لو يتناصفوا فيما بينهم ، ويستعملوا الواجب فيما يقسمونه لاختل نظامهم وبالجملة فسيد مكارم الأخلاق الكرم وحسن الخلق وما أحسن قول الشاعر :
ببذل وحلم ساد في قومه الفتى ........ وكونك إياه عـلـيك يسـير
وقال آخر :
ففي الحلم إتقان وفي العفـو هـيبة ........ وفي الصدق منجاة لمن كان صادقاً
ومن يلتمس حسن الثناء بـمـالـه ........ يكن بالندى في حلبة المجد سابقـاً
ثم إن نزهة الزمان تكلمت في سياسة الملوك حتى قال الحاضرون :
ما رأينا أحداً تكلم في باب السياسة مثل هذه الجارية فلعلها تسمعنا شيئاً من غير هذا الباب .
فسمعت نزهة الزمان ما قالوه وفهمته ، فقالت :
وأما باب الأدب فإنه واسع المجال لأنه مجمع الكمال ، فقد اتفق أن بني تميم وفدوا على معاوية ومعهم الأحنف بن قيس فدخل حاجب معاوية عليه ليستأذنه لهم في الدخول فقال :
يا أمير المؤمنين أن أهل العراق يريدون الدخول عليك ليحدثوا معك فاسمع حديثهم .
فقال معاوية : انظر من بالباب .
فقال : بنو تميم .
قال : ليدخلوا .
فدخلوا ومعهم الأحنف بن قيس ، فقال له معاوية :
اقرب مني يا أبا بحر بحيث أسمع كلامك .
ثم قال :
يا أبا بحر كيف رأيك لي?
قال :
يا أمير المؤمنين فرق الشعر وقص الشارب وقلم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة وأدم السواك فإن فيه اثنين وسبعين فضيلة وغسل الجمعة كفارة لما بين الجمعتين .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:14 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة التاسعة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت :
إن الأحنف بن قيس قال لمعاوية لما سأله :
وأدم السواك فإن فيه اثنين وسبعين فضيلة وغسل الجمعة كفارة لما بين الجمعتين .
قال له معاوية :
كيف رأيك لنفسك ?
قال :
أوطئ قدمي على الأرض وأنقلهم على تمهل وأراعيها بعيني .
قال :
كيف رأيك إذا دخلت على نفر من قومك دون الأمراء ?
قال :
أطرق حياء وأبدأ بالسلام وأدع ما لا يعنيني وأقل الكلام .
قال :
كيف رأيك إذا دخلت على نظرائك ?
قال :
استمع لهم إذا قالوا ولا أجول عليهم إذا جالوا .
قال :
كيف رأيك إذا دخلت على أمرائك ?
قال :
أسلم من غير إشارة وأنتظر الإجابة فإن قربوني قربت وإن بعدوني بعدت .
قال :
كيف رأيك مع زوجتك ?
قال :
اعفني من هذا يا أمير المؤمنين .
قال :
أقسمت عليك أن تخبرني .
قال :
أحسن الخلق وأظهر العشرة وأوسع النفقة فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج .
قال :
فما رأيك إذا أردت أن تجامعها ?
قال :
أكلمها حتى تطيب نفسها وألثمها حتى تطرب فإن كان الذي تعلم طرحتها على ظهرها وإن استقرت النطفة في قرارها قلت :
اللهم اجعلها مباركة ولا تجعلها شقية وصورها أحسن تصوير ثم أقوم عنها إلى الوضوء فأفيض الماء على يدي ثم أصبه على جسدي ثم أحمد الله على ما أعطاني من النعم .
فقال معاوية :
أحسنت في الجواب فقل حاجتك ?
فقال :
حاجتي أن تتق الله في الرعية وتعدل بينهم بالسوية .
ثم نهض قائماً من مجلس معاوية فلما ولى قال معاوية :
لو لم يكن بالعراق إلا هذا لكفى .
ثم إن نزهة الزمان قالت :
وهذه النبذة من جملة باب الأدب واعلم أيها الملك أنه كان معيقب عادلاً على بيت المال ، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 12, 2008 6:15 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان ، قالت :
واعلم أيها الملك أنه كان معيقب عاملاً على بيت المال في خلافة عمر بن الخطاب فاتفق أنه رأى بن عمر يوماً فأعطاه درهماً من بيت المال ، قال معيقب :
وبعد أن أعطيته الدرهم انصرفت إلى بيتي فبينما أن أجالس وإذا برسول عمر جاءني فذهبت معه وتوجهت إليه فإذا الدرهم في يده وقال لي :
ويحك يا معيقب أني قد وجدت في نفسك شيئاً .
قلت :
ماذا يا أمير المؤمنين ؟
قال :
إنك تخاصم أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة .
وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري كتاباً مضمونه :
إذا جاءك كتابي هذا فأعط الناس الذي لهم واحمل ما بقي .
ففعل فلما أعطوا عثمان الخلافة كتب إلى أبي موسى ذلك ففعل ، وجاء زياد معه وضع الخراج بين يدي عثمان جاء راشد فأخذ منه درهماً فبكى زياد فقال عثمان :
ما يبكيك ?
قال :
أتيت عمر بن الخطاب بمثل ذلك أخذ ابنه فأمر بنزعه من يده وابنك أخذ فلم أر أحداً ينزعه منه أو يقول له شيئاً .
فقال عثمان :
وأين نلقى مثل عمر .
روى زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال :
خرجت مع عمر ذات ليلة حتى أشرفنا على نار تضرم فقال :
يا أسلم إني أحسب هؤلاء ركباً أضربهم البرد ، فانطلق بنا إليهم .
فخرجنا حتى أتينا إليهم فإذا امرأة توقد ناراً تحت قدر ومعها صبيان يتضاغون ، فقال عمر :
السلام عليكم أصحاب الضوء وكره أن يقول أصحاب النار ما بالكم ?
قالت :
اضربنا البرد والليل .
قال :
فما بال هؤلاء يضاغون ?
قالت :
من الجوع .
قال :
فما هذا القدر ?
قالت :
ماء أسكتهم به وإن عمر بن الخطاب ليسأله الله يوم القيامة .
قال :
وما يدري عمر بحالكم ?
قالت :
كيف يتولى أمور الناس ويغفل عنهم ?



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:47 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الحادية والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أسلم قال :
فأقبل عمر علي وقال :
انطلق بنا .
فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الصرف فأخرج عدلاً فيه دقيق وإناء فيه شحم ثم قال :
حملني هذا .
فقلت :
أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين .
فقال :
أتحمل عن وزري يوم القيامة ?
فحملته إياه وخرجنا نهرول حتى ألقينا ذلك العدل عندها ثم أخرج من الدقيق شيئاً وجعل يقول للمرأة :
زددي إلي .
وكان ينفخ تحت القدر وكان ذا لحية عظيمة فرأيت الدخان يخرج من خلال لحيته حتى طبخ وأخذ مقدار من الشحم فرماه فيه ثم قال :
أطعميهم وأنا أبرد لهم .
ولم يزالوا كذلك حتى أكلوا وشبعوا وترك الباقي عندها ثم أقبل علي وقال :
يا أسلم إني رأيت الجوع أبكاهم فأحببت أن لا أنصرف ، حتى يتبين لي سبب الضوء الذي رأيته .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:47 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثانية والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت :
قيل أن عمر مر براع مملوك فابتاعه شاة .
فقال له :
إنها ليست لي .
فقال :
أنت القصد .
فاشتراه ثم أعتقه وقال :
اللهم كما رزقتني العتق الأصغر ارزقني العتق الأكبر .
وقيل أن عمر بن الخطاب يطعم الحليب للخدم ، ويأكل اللبن ويكسوهم الغليظ ويلبس الخشن ويعطي الناس حقوقهم ويزيد في عطائهم وأعطى رجلاً أربعة آلاف درهم وزده ألفاً فقيل :
أما تزيد ابنك كما أزدت هذا ?
قال :
أتيت والده يوم أحد .
وقال الحسن :
أتى عمر بمال كثير فأتته حفصة وقالت له :
يا أمير المؤمنين حق قرابتك .
فقال :
يا حفصة إنما أوصى الله بحق قرابتي من مالي وأما مال المسلمين فلا يا حفصة قد أرضيت قومك وأغضبت أباك .
فقامت تجر ذيلها .
وقال ابن عمر :
تضرعت إلى ربي سنة من السنين أن يريني أبي حتى رأيته يمسح العرق عن جبينه فقلت له :
ما حالك يا والدي ?
فقال :
لولا رحمة ربي لهلك أبوك .
قالت نزهة الزمان :
اسمع ايها الملك السعيد الفصل الثاني من الباب الثاني وهو باب الأدب والفضائل وما ذكر فيه من أخبار التابعين والصالحين .
قال الحسن البصري :
لا تخرج نفس آدم عن الدنيا إلا وهو يتأسف على ثلاثة أشياء :
عدم تمتعه بما سمع ، وعدم إدراكه لما أملى ، وعدم استعداده بكثرة الزاد لما هو قادم عليه .
وقيل لسفيان :
هل يكون الرجل زاهد وله مال ?
قال :
نعم إذا كان متى خسر صبر ومتى أعطى شكر .
وقيل لما حضرت عبد الله بن شداد الوفاة أحضر ولده محمد فأوصاه وقال له :
يا بني إني لأرى داعي الموت قد دعاني فاتق ربك في السر والعلانية واشكر الله على ما أنعم واصدق في الحديث ، فالشكر يؤذن بازدياد النعم والتقوى خير زاد في الميعاد .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:48 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثالثة والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن عبد الله بن شداد يوصي ولده بأن التقوى خير زاد في الميعاد كما قال بعضهم :
ولست ارى السعادة جمع مال ........ ولكن التقي هو الـسـعـيد
وتقوى الله خـير زاد حـقـاً ........ وعند الله تلقـى مـا تـريد
ثم قالت نزهة الزمان :
ليسمع الملك هذه النكت من الفصل الثاني من الباب الأول .
قيل لها :
وما هي ?
قالت :
لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة جاء لأهل بيته فأخذ ما بأيديهم ووضعه في بيت المال ففزعت بنو أميه إلى عمته فاطمة بنت مروان فأرسلت إليه قائلة :
إنه لا بد من لقائك ، ثم أتته ليلاً فأنزلها عن دابتها فلما أخذت مجلسها قال لها :
يا عمة أنت أولى بالكلام لأن الحاجة لك فأخبريني عن مرادك .
فقالت :
يا أمير المؤمنين أنت أولى بالكلام ورأيك يستكشف ما يخفي عن الأفهام .
فقال عمر ابن عبد العزيز :
إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلمً رحمة للعالمين وعذاباً لقوم آخرين ثم اختار له ما عنده فقبضه إليه .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:49 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الرابعة والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت :
فقال عمر بن عبد العزيز :
إن الله قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وعذاباً لقوم آخرين ثم اختار له ما عنده فقبضه إليه وترك للناس نهراً يروي عطاشهم ، ثم قال أبو بكر خليفة بعده فأجرى النهر مجراه وعمل ما يرضي الله ، ثم قام عمر بعد أبي بكر فعمل خير أعمال الأبرار واجتهد اجتهاداً ما يقدر أحد على مثله ، فلما قام عثمان اشتق من النهر نهراً ثم ولى معاوية فاشتق منه يزيد وبنو مروان كعبد الملك والوليد وسليمان حتى آل الأمر إلي فأحببت أن أرد النهر إلى ما كان عليه .
فقالت :
قد أردت كلامك ومذكراتك فقط فإن كانت هذه مقالتك فلست بذاكرة لك شيئاً .
ورجعت إلى بني أمية فقالت لهم :
ذوقوا عاقبة أمركم بتزويجكم إلى عمر بن الخطاب .
وقيل لما حضر عمر بن عبد العزيز الوفاة جمع أولاده حوله فقال له مسلمة بن عبد الملك :
يا أمير المؤمنين كيف تترك أولادك فقراء وأنت راعيهم ، فما يمنعك أحد في حياتك في أن تعطيهم من بيت المال ما يغنيهم وهذا أولى من أن ترجعه إلى الوالي بعدك ?
فنظر إلى مسلمة نظرة مغضب متعجب ثم قال :
يا مسلمة منعتهم أيام حياتي فكيف أشقى بهم في مماتي ? إن أولادي ما بين رجلين إما مطيع لله تعلى فالله يصلح شأنه وإما عاص فما كنت لأعينه على معصيته ، يا مسلمة إني حضرت وإياك حين دفن بعض بني مروان فحملتني عيني فرأيته في المنام أفضى إلي أمر من أمور الله عز وجل فهالني وراعني فعاهدت الله أن لا أعمل عمله إن وليت ، وقد اجتهدت في ذلك مدة حياتي وأرجو أن أفضي إلى عفو ربي .
قال مسلمة :
بقي رجل حضرت دفنه فلما فرغت من دفنه حملتني عيني فرأيته فيما يرى النائم في روضة فيها أنهار جارية وعليه ثياب بيض فأقبل علي وقال :
يا مسلمة لمثل هذا فليعمل العاملون ونحو هذا كثير .
وقال بعض الثقات :
كنت أحلب الغنم في خلافة عمر بن عبد العزيز فمررت براع فرأيت مع غنمه ذئباً أو ذئاباً فظننت أنها كلابه ولم أكن رأيت الذئاب قبل ذلك فقلت له :
ماذا تصنع بهذه الكلاب ?
فقال :
إنها ليست كلاباً بل هي ذئاب .
فقلت :
هل ذئاب في غنم لم تضرها ?
فقال :
إذا أصلح الرأس صلح الجسد .
وخطب عمر بن عبد العزيز على منبر من طين فحمد الله وأثنى عليه ، ثم تكلم بثلاث كلمات فقال :
أيها الناس أصلحوا أسراركم لتصلح علانيتكم لإخوانكم وتكفوا أمر دنياكم واعلموا أن الرجل ليس بينه وبين آدم رجل حي في الموتى ، مات عبد الملك ومن قبله ويموت عمر ومن بعده .
فقال له مسلمة :
يا أمير المؤمنين لو علمنا أنك متكئاً لتقعد عليه قليلاً فقال :
أخاف أن يكون في عنقي منه يوم القيامة ، ثم شهق شهقة فخر مغشياً .
فقالت فاطمة :
يا مريم يا مزاحم يا فلان انظروا هذا الرجل .
فجاءت فاطمة تصب عليه الماء وتبكي حتى أفاق من غشيته فرآها تبكي فقال :
ما يبكيك يا فاطمة ?
قالت :
يا أمير المؤمنين رأيت مصرعك بين أيدينا فتذكرت مصرعك بين يدي الله عز وجل للموت وتخليك عن الدنيا وفراقك لنا فذاك الذي أبكانا .
فقال :
حسبك يا فاطمة فلقد أبلغت .
ثم أراد القيام فنهض ثم سقط فضمته فاطمة إليها وقالت :
بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين ما نستطيع أن نكلمك كلنا .
ثم إن نزهة الزمان قالت لأخيها شركان وللقضاة الأربعة تتمة الفصل الثاني من الباب الأول .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:49 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الخامسة والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت لأخيها شركان وهي لم تعرفه بحضور القضاة الأربعة والتاجر تتمة الفصل الثاني من الباب الأول اتفق أن كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل الموسم :
أما بعد فإني أشهد الله في الشهر الحرام ولبلد حرام ويوم الحج الأكبر أني أبرأ في ظلمكم وعدوان من اعتدى عليكم أن أكون أمرت بذلك أو تعمدته أو يكون أمر من أموره بلغني أو أحاط به علمي وأرجو أن يكون لذلك موضع من الغفران إلا أنه لا أذن مني بظلم أحد فإني مسئول عن كل مظلوم إلا وأي عامل من عمالي زاغ عن الحق وعمل بلا كتاب ولا سنة ، فلا له طاعة عليكم حتى يرجع إلى الحق .
وقال رضي الله عنه :
ما أحب أن يخفف عني الموت لأنه آخرة يجر عليه المؤمن .
وقال بعض الثقات :
قدمت على أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فرأيت بين يديه اثني عشر درهماً فأمر وضعها في بيت المال .
قلت :
يا أمير المؤمنين إنك أفقرت أولادك وجعلتهم عيالاً لا شيء لهم فلوا أوصيت إليهم بشيء ولى من هو فقير من أهل بيتك .
فقال :
ادن مني .
فدنوت منه فقال :
أما قولك أفقرت أولادك فأوص إليهم أو إلى من هو فقير من أهل بيتك فغير سديد لأن الله خليفتي على أولادي وعلى من هو فقير من أهل بيتي وهو وكيل عليهم وهم ما بين رجلين إما رجل يتقي الله فسيجعل الله له مخرجاً وإما رجل معتكف على المعاصي فإني لم أكن لأقويه على معصية الله .
ثم بعث إليهم وأحضرهم بين يديه وكانوا اثني عشر ذكراً ، فلما نظر إليهم ذرفت عيناه بالدموع ثم قال :
إن أباكم ما بين أمرين :
إما أن تستغنوا فيدخل أبوكم النار وإما أن تفتقروا فيدخل أبوكم الجنة ودخول أبيكم الجنة أحب إليه من أن تستغنوا ، فدموا قد وكلت أمركم إلى الله .
وقال خالد بن صفوان :
صحبني يوسف بن عمر إلى هشام بن عبد الملك فلما قدمت عليه وقد خرج بقرابته وخدمه فنزل في أرض وضرب له خيام ، فلما أخذت الناس مجالسهم خرجت من ناحية البساط فنظرت إليه فلما صارت عيني في عينه قلت له :
تمم الله نعمته عليك يا أمير المؤمنين إني أجد لك نصيحة أبلغ من حديث من سلف قبلك من الملوك .
فاستوى جالساً وكان متكئاً وقال :
هات ما عندك يا ابن صفوان .
فقلت :
يا أمير المؤمنين إن ملكاً من الملوك خرج قبلك في عام قبل عامك هذا إلى هذه الأرض فقال لجلسائه :
هل رأيتم مثل ما أنا فيه ? وهل أعطى أحد مثل ما أعطيته ?
وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة والمعينين على الحق السالكين في منهاجه فقال :
أيها الملك إنك سألت عن أمر عظيم أتأذن لي في الجواب عنه ?
قال :
نعم .
قال :
رأيت الذي أنت فيه لم يزل زائلاً .
فقال :
هو شيء زائل .
قال :
فما لي أراك قد أعجبت بشيء تكون فيه قليلاً وتسأل عنه طويلاً وتكون عند حسابه مرتهناً ?
قال :
فأين المهرب وأين المطلب ?
قال :
إن تقيم في ملكك فتعمل بطاعة الله تعالى أو تلبس أطمارك وتعبد ربك حتى يأتيك أجلك فإذا كان السحر فإني قادم عليك .
قال خالد بن صفوان :
ثم إن الرجل قرع عليه بابه عند السحر فرآه قد وضع تاجه وتهيأ للسياحة من عظم موعظته .
فبكى هشام بن عبد الملك بكاءاً كثيراً حتى بلل لحيته وأمر بنزع ما عليه ولزم قصره فأتت الموالي والخدم إلى خالد بن صفوان وقالوا :
أهكذا فعلت يا أمير المؤمنين أفسدت لذته ونغصت حياته ?
ثم إن نزهة الزمان قالت لشركان :
وكم في هذا الباب من النصائح ، وإني أعجز عن الاتيان بجميع ما في هذا الباب في مجلس واحد .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:50 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السادسة والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت لشركان :
وكم في هذا الباب من النصائح وإني لأعجز عن الإتيان لك بجميع ما قيل في هذا الباب في مجلس واحد ولكن على طول الأيام يا ملك الزمان يكون خيراً .
فقال القضاة :
أيها الملك إن هذه الجارية أعجوبة الزمان ويتيمة العصر والأوان فإننا ما رأينا ولا سمعنا بمثلها في زمن من الأزمان .
ثم إنهم ودعوا الملك وانصرفوا ، فعند ذلك التفت شركان إلى خدمه وقال لهم :
اشرعوا في عمل العرس وهيئوا الطعام من جميع الألوان .
فامتثلوا لأمره في الحال وهيأوا جميع الأطعمة وأمر نساء الأمراء والوزراء وعظماء الدولة أن لا ينصرفوا حتى يحضروا جلاء العروس ، فما جاء وقت العصر حتى مدوا السفرة مما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأكل جميع الناس حتى اكتفوا ، وأمر الملك أن تحضر كل مغنية في دمشق فحضرن وكذلك جواري الملك اللاتي يعرفن الغناء وطلع جميعهن إلى القصر .
فلما أتى المساء وأظلم الظلام أوقدوا الشموع في باب القلعة إلى باب القصر يميناً وشمالاً ومشى الأمراء والوزراء والكبراء بين يدي الملك شركان وأخذت المواشط الصبية ليزينها ويلبسنها فرأينها لا تحتاج إلى زينة وكان الملك شركان قد دخل الحمام ، فلما خرج جلس على المنصة وجليت عليه العروس ثم خففوا عنها ثيابها وأوصوها بما توصى به البنات ليلة الزفاف ودخل عليها شركان وأخذ وجهها وعلقت منه في تلك الليلة وأعلمته بذلك ففرح فرحاً شديداً وأمر الحكماء أن يكتبوا تاريخ الحمل ، فلما أصبح جلس على الكرسي وطلع له أرباب دولته وهنئوه وأحضر كاتب سره وأمره أن يكتب كتاباً لوالده عمر النعمان بأنه اشترى جارية ذات علم وخلق قد حوت فنون الحكمة وأنه لا بد من إرسالها إلى بغداد لتزور أخاه ضوء المكان وأخته نزهة الزمان وأنه أعتقها وكتب كتابه عليها ودخل بها وحملت منه .
ثم ختم الكتاب وأرسله إلى أبيه بصحبة بريد فطال ذلك البريد شهراً كاملاً ثم رجع إليه بجوابه وناوله فأخذه وقرأه فإذا فيه البسملة هذا من عند الحائر الولهان الذي فقد الولدان وهجر الأوطان الملك عمر النعمان إلى ولده شركان ، اعلم أنه بعد مسيرك من عندي ضاق علي المكان حتى لا أستطيع صبراً ولا أقدر أن أكتم سراً ، وسبب ذلك أنني ذهبت إلى الصيد والقنص وكان ضوء المكان قد طلب مني الذهاب إلى الحجاز فخفت عليه من نوائب الزمان ومنعته من السفر إلى العام الثاني أو الثالث ، فلما ذهبت إلى الصيد والقنص غبت شهراً .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:50 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السابعة والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك عمر النعمان قال في مكتوبه :
فلما ذهبت إلى الصيد والقنص غبت شهراً فلما أتيت وجدت أخاك وأختك أخذا شيئاً من المال وسافرا مع الحجاج خفية ، فلما علمت بذلك ضاق بي الفضاء وقد انتظرت مجيء الحجاج لعلهما يجيئان فلما جاء الحجاج سألت عنهما فلم يخبرني أحد بخبرهما فلبست لأجلهما ثياب الحزن وأنا مرهون الفؤاد عديم الرقاد غريق دامع العينين ، ثم أنشد هذين البيتين :
خيالهما عندي لـيس بـغـائب ........ جعلت له القلب أشرف موضع
ولولا رجاء لعود ما عشت ساعة ........ ولولا خيال الطيف لم أتهجـع
ثم كتب :
بعد السلام عليك وعلى من عندك أعرفك أنك لا تتهاون في كشف الأخبار فإن هذا علينا عار .
فلما قرأ الرسالة حزن على حزن أبيه وفرح لفقد أخته وأخيه وأخذ الكتاب ودخل به على زوجته نزهة الزمان ولم يعلم أنها أخته وهي لا تعلم أنه أخوها مع أنه يتردد عليها ليلاً ونهاراً إلى أن أكملت أشهرها وجلست على كرسي الطلق فسهل الله عليها الولادة فولدت بنتاً فأرسلت تطلب شركان فلما رأته قالت له :
هذه ابنتك فسمها ما تريد فإن عادة الناس أن يسموا أولادهم في سابق يوم ولادتهم .
ثم انحنى شركان على ابنتها وقبلها فوجد في عنقها خرزة معلقة من الثلاث خرزات التي جاءت بها الملكة إبريزة من بلاد الروم ، فلما عاين الخرزة حتى عرفها حق المعرفة ، ثم نظر إلى نزهة الزمان وقال لها :
من أين جاءتك هذه الخرزة يا جارية ?
فلما سمعت من شركان ذلك الكلام قالت له :
أنا سيدتك وسيدة كل من في قصرك أما تستحي وأنت تقول يا جارية ? وأنا ملكة بنت ملك والآن زال الكتمان واشتهر الأمر وبان أنا نزهة الزمان بنت الملك عمر النعمان .
فلما سمع منها هذا الكلام لحقه الارتعاش وأطرق برأسه إلى الأرض .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:51 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثامنة والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن شركان لما سمع هذا الكلام ارتجف قلبه واصفر لونه ولحقه الاتعاش وأطرق برأسه إلى الأرض وعرف أنها أخته من أبيه فغشي عليه ، فلما أفاق صار يعجب ولكنه لم يعرفها بنفسه وقال لها :
يا سيدتي هل أنت بنت الملك عمر النعمان ?
قالت :
نعم .
فقال لها :
وما سبب فراقك لأبيك وبيعك ?
فحكت له جميع ما وقع لها من الأول إلى الآخر وأخبرته أنها تركت أخاها مريضاً في بيت المقدس وأخبرته باختطاف البدوي لها وبيعه إياها للتاجر .
فلما سمع شركان ذلك الكلام تحقق أنها أخته من أبيه وقال في نفسه :
كيف أتزوج بأختي ? لكن إنما أزوجها لواحد من حجاب وإذا ظهر أمر أدعي أنني طلقتها قبل الدخول وزوجتها بالحاجب الكبير .
ثم رفع رأسه وتأسف وقال :
يا نزهة الزمان أنت أختي حقيقة واستغفر الله من هذه الذنب الذي وقعنا فيه فإنني أنا شركان ابن الملك عمر النعمان .
فنظرت إليه وتأملته فعرفته فلما عرفته غابت عن صوابها وبكت ولطمت وجهها وقالت :
قد وقعنا في ذنب عظيم ، ماذا يكون العمل وما أقول لأبي وأمي إذا قالا لي من أين جاءتك هذه البنت ?
فقال شركان :
الرأي عندي أن أزوجك بالحاجب وأدعك تربي بنتي في بيته بحيث لا يعلم أحد بأنك أختي وهذا الذي قدره الله علينا وأراده ، فلا يسترنا إلا زواجك بهذا الحاجب قبل أن يدري أحد .
ثم صار يأخذ بخاطرها ويقبل رأسها فقالت له :
وما تسمي البنت ?
قال :
أسميها قضى فكان .
ثم زوجها للحاجب الأكبر ونقلها إلى بيته هي وبنتها فربوها على أكتاف الجواري وواظبوا عليها بالأشربة وأنواع السفوف ، هذا كله وأخوها ضوء المكان مع الرقاد بدمشق .
فاتفق أنه أقبل يوماً من الأيام من عند الملك عمر النعمان إلى الملك شركان ومعه رسالة فأخذها وقرأها فرأى فيها :
بعد البسملة اعلم أيها الملك العزيز أني حزين حزناً شديداً على فراق الأولاد وعدمت الرقاد ولازمني السهاد وقد أرسلت هذه الرسالة إليك فحال حصولها بين يديك ترسل إلينا الخراج وترسل صحبته الجارية التي اشتريتها وتزوجت بها فإني أحببت أن أراها وأسمع كلامها لأنه جاءنا من بلاد الروم عجوز من الصالحات وصحبتها خمس جوار نهد أبكار وقد حازوا من العلم وفنون الحكمة ما يجب على الإنسان معرفته ، ويعجز عن وصف هذه العجوز ومن معها اللسان ، فإنهن جزن أنواع العلم والفضيلة والحكمة فلما رأيتهن أحببتهن وقد اشتهيت أن يكن في قصري وفي ملك يدي لأنه لا يوجد لهن نظير عند سائر الملوك ، فسألت المرأة العجوز عن ثمنهن فقالت :
لا أبيعهن إلا بخراج دمشق .
وأنا أرى خراج دمشق قليلاً في ثمنهن ، فإن الواحدة منهن تساوي أكثر من هذا المبلغ ، فأجبتها إلى ذلك ودخلت بهن قصري وبقين في حوزتي ، فعجل لنا بالخراج لأجل أن تسافر المرأة بلادها وأرسل لنا الجارية لأجل أن تناظرهن .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:51 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة التاسعة والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك عمر النعمان قال في مكتوبه :
وأرسل لنا الجارية لأجل أن تناظرهن بين العلماء فإذا غلبتهن أرسلتها إليك وصحبتها خراج بغداد .
فلما علم ذلك شركان أقبل على صهره وقال :
هات الجارية التي زوجتك إياها .
فلما حضرت أوفقها على الرسالة وقال لها :
يا أختي ما عندك من الرأي في رد جوابنا عليه ?
فقالت له :
الرأي رأيك .
ثم قالت له وقد اشتاقت إلى أهلها ووطنها :
أرسلني صحبة زوجة الحاجب لأجل أن أحكي لأبي حكايتي وأخبره بما وقع لي مع البدوي الذي باعني للتاجر وأخبره بأن التاجر باعني لك وزوجني للحاجب بعد عتقي .
فقال لها شركان :
وهو كذلك .
ثم أخذ ابنته قضى فكان وسلمها للمراضع والخدم وشرع في تجهيز الخراج وأمر الحاجب أن يأخذ الخراج والجارية صحبته ويتوجه إلى بغداد فأجابه الحاجب بالسمع والطاعة فأمر بمحفة يجلس فيها وللجارية بمحفة أيضاً ثم كتب كتاباً وسلمه للحاجب وودع نزهة الزمان وكان قد أخذ منها الخرزة وجعلها في عنق أبيه في سلسلة من خاص الذهب ، ثم سافر الحاجب في تلك الليلة ، فاتفق أنه خرج ضوء المكان هو والوقاد في تلك الليلة يتفرجان فرأيا جمالاً وبغالاً ومشاعل وفوانيس مضيئة فسأل ضوء المكان عن هذه الأحمال وعن صاحبها ، فقيل له :
هذا خراج دمشق مسافر إلى الملك عمر النعمان صاحب مدينة بغداد .
فقال :
ومن رئيس هذه المحافل ?
قيل :
هو الحاجب الكبير الذي تزوج الجارية التي تعلمت العلم والحكمة .
فعند ذلك بكى بكاء شديداً وتذكر أمه وأباه وأخته ووطنه وقال للوقاد :
ما بقي لي قعود هنا بل أسافر مع هذه القافلة وأمشي قليلاً حتى أصل إلى بلادي .
فقال له الوقاد :
أنا ما آمنت عليك في القدس إلى دمشق فكيف آمن عليك إلى بغداد وأنا أكون معك حتى تصل إلى مقصدك .
فقال ضوء المكان :
حباً وكرامة .
فشرع الوقاد في تجهيز حاله ثم شد الحمار وجعل خرجه عليه ووضع فيه شيئاً من الزاد وشد وسطه وما زال على أهبة حتى جازت عليه الأجمال والحاجب راكب على هجين والمشاة حوله وركب ضوء المكان حمار الوقاد وقال للوقاد :
اركب معي .
فقال :
لا أركب ولكن أكون في خدمتك .
فقال ضوء المكان :
لابد أن تركب ساعة .
فقال :
إذا تعبت اركب ساعة .
ثم إن ضوء المكان قال للوقاد :
يا أخي سوف تنظر ما أفعل بك إذا وصلت إلى أهلي .
وما زالوا مسافرين إلى أن طلعت الشمس فلما اشتد عليهم الحر أمرهم الحاجب بالنزول واستراحوا وسقوا جمالهم ثم أمرهم بالمسير ، وبعد خمسة أيام وصلوا إلى مدينة حماه ونزلوا بها وأقاموا بها ثلاثة أيام .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:52 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة التسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنهم أقاموا في مدينة حماه ثلاثة أيام ثم سافروا وما زالوا مسافرين حتى وصلوا مدينة أخرى فأقاموا بها ثلاثة أيام ، ثم سافروا حتى وصلوا إلى ديار بكر وهب عليهم نسيم بغداد فتذكر ضوء المكان أخته نزهة الزمان وأباه وأمه ووطنه وكيف يعود إلى أبيه بغير أخته فبكى وإن اشتكى واشتدت به الحسرات فأنشد هذه الأبيات :
خليلي كم هذا التأنـى واصـبـر ........ ولم يأتني منكم رسـول يخـبـر
إلا أن أيام الـوصـال قـصـيرة ........ فيا ليت أيام التفـرق تـقـصـر
خذوا بيدي ثم ارحموا لصبابـتـي ........ تلاشى بها جسمي وإن كنت أصبر
فإن تطلبوا مني سلوا أقـل لـكـم ........ فوالله ما أسلوا لي حين أحـشـر
فقال له الوقاد :
اترك هذا البكاء والأنين فإننا قريبون من خيمة الحاجب .
فقال ضوء المكان :
لابد من إنشادي شيئاً من الشعر لعل نار قلبي تنطفئ .
فقال له الوقاد :
بالله عليك أن تترك الحزن حتى تصل إلى بلادك وافعل بعد ذلك ما شئت وأنا معك حينما كنت .
فقال ضوء المكان :
والله لا أفتر عن ذلك .
ثم التفت إلى ناحية بغداد وكان القمر مضيئاً وكانت نزهة الزمان لم تنم تلك الليلة لأنها تذكرت أخاها ضوء المكان فقلقت وصارت تبكي ، فبينما هي تبكي إذ سمعت أخاها ضوء المكان يبكي وينشد هذه الأبيات :
لمع البرق اليمـانـي ........ فشجاني ما شجانـي
من حبيب كان عنـدي ........ ساقياً كأس التهانـي
يا وميض البرق هـل ........ ترجع أيام التـدانـي
يا عذولي لا تلمـنـي ........ إن ربي قد بـلانـي
بحبيب غاب عـنـي ........ وزمان قد دهـانـي
قد تأت نزهة قلـبـي ........ عندما ولى زمانـي
وحوى لي الهم صرفاً ........ وبكأس قد سقـانـي
وأراني يا خـلـيلـي ........ مت من قبل التدانـي
يا زماناً للتـصـابـي ........ عد قريباً بالأمـانـي
في سرور مع أمـان ........ من زمان قد رماني
من لمسكين غـريب ........ بات مرعوب الجنان
صار في الحزن فريداً ........ بعد نزهات الزمـان
حكمت فينا بـرغـم ........ كف أولاد الـزمـان
فلما فرغ من شعره صاح وخر مغشياً عليه .
هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر نزهة الزمان فإنها كانت ساهرة في تلك الليلة لأنها تذكرت أخاها في ذلك المكان ، فلما سمعت ذلك الصوت بالليل ارتاح فؤادها وقامت وتنحنحت ودعت الخادم فقال لها :
ما حاجتك ?
فقال له :
قم وائتني بالذي ينشد الأشعار .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:52 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الواحدة والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان لما سمعت من أخيها الشعر دعت الخادم الكبير وقالت له :
اذهب وائتني بمن ينشد هذه الأشعار .
فقال لها :
إني لم أسمعه ولم أعرفه والناس كلهم نائمون .
فقالت له :
كل من رأيته مستيقظاً فهو الذي ينشد الأشعار ففتش .
فلم ير مستيقظاً سوى الرجل الوقاد ، وأما ضوء المكان فإنه كان في غشيته ، فلما رأى الوقد الخادم واقفاً على رأسه خاف منه فقال له الخادم :
هل أنت الذي كنت تنشد الأشعار وقد سمعتك سيدتنا ?
فاعتقد الوقاد أن السيدة اغتاظت من الإنشاد فخاف وقال :
والله ما هو أنا .
فقال له الخادم :
ومن الذي كان ينشد الشعر فدلني عليه فإنك تعرفه لأنك يقظان .
فخاف الوقاد على ضوء المكان وقال في نفسه :
ربما يضره الخادم بشيء .
فقال له :
لم أعرفه .
فقال له الخادم :
والله إنك تكذب فإنه ما هنا قاعد إلا أنت فأنت تعرفه .
فقال له الوقاد :
أنا أقول لك الحق ، إن الذي كان ينشد الأشعار رجل عابر طريق وهو الذي أزعجني وأقلقني فالله يجازيه .
فقال له الخادم :
فإذا كنت تعرفه فدلني عليه وأنا أمسكه وآخذه إلى باب المحفة التي فيها سيدتنا وأمسكه أنت بيدك .
فقال له :
اذهب أنت حتى آتيك به .
فتركه الخادم وانصرف ودخل وأعلم سيدته بذلك وقال :
ما أحد يعرفه لأنه عابر سبيل .
فسكتت .
ثم إن ضوء المكان لما أفاق من غشيته رأى القمر قد وصل إلى وسط السماء وهب عليه نسيم الأسحار فهيج في قلبه البلابل والأشجان فحسس صوته وأراد أن ينشد فقال له الوقاد :
ماذا تريد أن تصنع ?
فقال :
أريد أن أنشد شيئاً من الشعر لأطفئ به نيران قلبي .
قال له :
أما علمت بما جرى لي وما سلمت من القتل إلا بأخذ خاطر الخادم .
فقال له ضوء المكان :
وماذا جرى فأخبرني بما وقع ?
فقال :
يا سيدي قد أتاني الخادم وأنت مغشي عليك ومعه عصا طويلة من اللوز وجعل يتطلع في وجوه الناس وهم نائمون ويسأل على كل من ينشد الأشعار فلم يجد من هو مستيقظ غيري فسألني فقلت له :
إنه عابر سبيل فانصرف وسلمني الله منك وإلا كان قتلني .
فقال لي :
إذا سمعته ثانياً فإت به عندنا .
فلما سمع ضوء المكان ذلك بكى وقال :
من يمنعني من الإنشاد فأنا أنشد ويجري علي ما يجري فإني قريب من بلادي ولا أبالي بأحد .
فقال له الوقاد :
أنت ما مرادك إلا هلاك نفسك .
فقال له ضوء المكان :
لابد من إنشاد .
فقال له الوقاد :
قد وقع الفراق بيني وبينك من هنا وكان مرادي أن لا أفارقك حتى تدخل مدينتك وتجتمع بأبيك وأمك وقد مضى لك عندي سنة ونصف وما حصل لك مني ما يضرك فما سبب إنشادك الشعر ونحن متعبين من المشي والسهر والناس قد هجعوا يستريحون من المشي ومحتاجون إلى النوم .
فقال ضوء المكان :
لا أعود عما أنا فيه .
ثم هزته الأشجان فباح بالكتمان وأخذ ينشد هذه الأبيات :
قف بالديار وحي الأربع الدرسـا ........ ونادها فعساها أن تجيب عـسـا
فإن أجنك ليل من تـوحـشـهـا ........ أوقد من الشوق في ظلماتها قبسا
إن صل عذاريه فـلا عـجـب ........ أن يجن لسعا وأن أجتني لعسـا
يا جنة فارقتها النفس مـكـرهة ........ لولا التأسي بدار الخلد مت أسى
وأنشد أيضاً هذين البيتين :
كنـا وكـانـت الأيام خــادمة ........ والشمل مجتمع في أبهج الوطن
من لي بدار أحباب وكان بـهـا ........ ضوء المكان وفيها نزهة الزمن
فلما فرغ من شعره صاح ثلاث صيحات ثم وقع مغشياً عليه فقام الوقاد وغطاه ، فلما سمعت نزهة الزمان ما أنشده من الأشعار المتضمنة لذكر اسمها واسم أخيها ومعاهدهما بكت وصاحت على الخادم وقالت :
ويلك إن الذي أنشد أولاً أنشد ثانياً وسمعته قريباً مني ، والله إن لم تأتني به لأنبهن عليك الحاجب فيضربك ويطردك ، ولكن خذ هذه الألف دينار وائتني به برفق فإن أبى فادفع له هذا الكيس الذي فيه ألف دينار فإن أبى فاتركه واعرف مكانه وصنعته ومن أي بلاد هو وارجع بسرعة .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:53 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثانية والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة المكان أرسلت الخادم يفتش عليه وقالت له :
إذا وجدته فلاطفه وائتني به برفق .
فخرج الخادم يتأمل في الناس ويدوس بينهم وهم نائمون فلم يجد أحد مستيقظاً ، فجاء إلى الوقاد فوجده قاعداً مكشوف الرأس فدنا منه وقبض على يده وقال له :
أنت الذي كنت تنشد الشعر .
فخاف على نفسه وقال :
لا يا مقدم القوم ما هو أنا .
فقال الخادم :
لا أتركك حتى تدلني على من كان ينشد الشعر لأني لا أقدر الرجوع إلى سيدتي من دونه .
فلما سمع الوقاد كلام الخادم خاف على ضوء المكان وبكى بكاء شديداً وقال للخادم :
والله ما هو أنا وإنما سمعت إنساناً عابر سبيل ينشد فلا تدخل في خطيئتي فإني غريب وجئت من بلاد القدس .
فقال الخادم للوقاد :
قم أنت معي إلى سيدتي وأخبرها بفمك فإني ما رأيت أحداً مستيقظاً غيرك .
فقال الوقاد :
أما جئت ورأيتني في الموضع الذي أنا قاعد فيه وعرفت مكاني وما أحد يقدر في هذه الساعة ينشد شيئاً من الشعر سواء كان بعيداً أو قريباً لا تعرفه إلا مني .
ثم باس رأس الخادم وأخذ بخاطره فتركه الخادم ودار دورة وخاف أن يرجع إلى سيدته بلا فائدة فاستتر في مكان غير بعيد من الوقاد فقام الوقاد إلى ضوء المكان ونبهه وقال له :
اقعد حتى أحكي لك ما جرى .
وحكى له ما وقع فقال له :
دعني فإني لا أبالي بأحد فإن بلادي قريبة .
فقال الوقاد لضوء المكان :
لأي شيء أنت مطاوع نفسك وهواك ولا تخاف من أحد وأنا خائف على روحي وروحك ، بالله عليك أنك لا تتكلم بشيء من الشعر حتى ندخل بلدك وأنا ما كنت أظنك على هذه الحالة ، أما علمت أن زوجة الحاجب تريد زجرك لأنك أقلقتها وقد كانت ضعيفة وتعبانة من السفر ، وكم مرة قد أرسلت الخادم يفتش عليك .
فلم يلتفت ضوء المكان إلى كلام الوقاد بل صاح ثالثاً وأنشد هذه الأبيات :
تركـت كــل لائم ........ ملامه أقلـقـنـي
يعذلنـي ومـا درى ........ بابه حـرضـنـي
قال الوشاة قد سـلا ........ قلت لحب الوطـن
قالوا فمـا أحـنـه ........ قلت فما أعشقنـي
قالوا فـمـا أعـزه ........ قلت فمـا أذلـنـي
هيهات أن أتـركـه ........ لو ذقت كأس الشجن
وما أطعـت لائمـاً ........ في الهوى يعذلنـي
وكان الخادم يسمعه وهو مستخف فما فرغ من شعره إلا والخادم على رأسه فلما رآه الوقاد فر ووقف بعيداً ينظر ما يقع بينهما ، فقال الخادم :
السلام عليكم يا سيدي .
فقال ضوء المكان :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
فقال الخادم :
يا سيدي .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:54 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثالثة والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الخادم قال لضوء المكان :
يا سيدي إني أتيت إليك في هذه الليلة ثلاث مرات لأن سيدتي تطلبك عندها .
قال ضوء المكان :
ومن أين هذه الكلبة حتى تطلبني مقتها الله ومقت زوجها معها .
ونزل في الخادم شتماً فما قدر الخادم أن يرد عليه لأن سيدته أوصته أن لا يأتي به إلا بمراده هو فإن لم يأت معه يعطيه الألف دينار ، فجعل الخادم يلين له الكلام ويقول له :
يا ولد أنا ما أخطأت معك ولا جرنا عليك ، فالقصد أن تصل بخواتك الكريمة إلى سيدتنا وترجع في خير وسلامة ، ولك عندنا بشارة .
فلما سمع ذلك الكلام قام ومشى بين الناس والوقاد ماشي خلفه ، ونظر إليه وهو يقول في نفسه :
يا خسارة شبابه في الغد يشنقونه .
وما زال الوقاد ماشياً حتى قرب من مكانهم وقال :
ما أخسه إن كان يقول علي هو الذي قال لي أنشد الأشعار .
هذا ما كان من أمر الوقاد .
وأما ما كان من أمر ضوء المكان فإنه ما زال ماشياً مع الخادم حتى وصل إلى المكان ودخل الخادم على نزهة الزمان وقال لها :
قد جئت بما تطلبينه وهو شاب حسن الصورة وعليه أثر النعمة .
فلما سمعت ذلك خفق قلبها وقالت له :
أأمره أن ينشد شيئاً من الشعر حتى أسمعه ومن قرب وبعد ذلك أسأله عن اسمه ومن أي البلاد هو .
فخرج الخادم إليه وقال له :
أنشد شيئاً من الشعر حتى تسمعه سيدتي فإنها حاضرة بالقرب منك وأخبرني عن اسمك وبلدك وحالك .
فقال :
حباً وكرامة ولكن حيث سألتني عن اسمي فإنه محي ورسمي فني وجسمي بلي ولي حكاية تدون بالإبر على آفاق البصر وها أنا في منزلة السكران الذي أكثر الشراب وحلت به الأوصاب فتاه عن نفسه واحتار في أمره وغرق في بحر الأفكار .
فلما سمعت نزهة الزمان هذا الكلام بكت وزادت في البكاء والأنين وقالت للخادم :
قل له هل فارقت أحداً ممن تحب مثل أمك وأبيك ?
فسأله الخادم كما أمرته نزهة الزمان فقال ضوء المكان :
نعم فارقت الجميع وأعزهم عندي أختي التي فرق الدهر بيني وبينها .
فلما سمعت نزهة الزمان منه هذا الكلام قالت :
الله يجمع شمله بمن يحب .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:55 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الرابعة والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان لما سمعت كلامه قالت :
الله يجمع شمله بمن يعشق .
ثم قالت للخادم :
قل له أن يسمعنا شيئاً من الأشعار المتضمنة لشكوى الفراق .
فقال له الخادم كما أمرته سيدته فصعد الزفرات وأنشد هذه الأبيات :
ليت شعري لو دروا ........ أي قلب ملـكـوا
وفـؤادي لـو درى ........ أي شعب سلكـوا
أتراهم سـلـمـوا ........ أم تراهم هلـكـوا
حار أرباب الهـوى ........ في الهوى وارتبكوا
وأنشد أيضاً هذه الأبيات :
أضحى التنائي بديلاً من تدانـينـا ........ وناب عن طيب لقيانا تجافـينـا
بنتم وبنا فما ابتلت جـوانـحـنـا ........ شوقاً إليكم ولا جفت مـآقـينـا
غيظ العدا من تساقينا الهوى فدعوا ........ بأن نغص فقال الدهـر آمـينـا
إن الزمان الذي ما زال يضحكنـا ........ أنا بقربكم قـد عـاد يبـكـينـا
يا جنة الخلد بدلنا بسلـسـلـهـا ........ والكوثر العذاب زقوماً وغسلينـا
ثم سكب العبرات وأنشد هذه الأبيات :
لله نـذران أزر مـكـانـي ........ وفيه أختي نزهة الـزمـان
لأقضين بالصفـا زمـانـي ........ ما بين غيدي خرد حـسـان
وصوت عود مطرب الألحان ........ مع ارتضاع كأس بنت الحان
ورشف اللمى فاتر الأجفـان ........ بشط نهر سال في بسـتـان
فلما فرغ من شعره وسمعته نزهة الزمان كشفت ذيل الستارة عن المحفة ونظرت إليه فلما وقع بصرها على وجهه عرفته غاية المعرفة فصاحت قائلة :
يا أخي يا ضوء المكان .
فرفع بصره إليها فعرفها وصاح قائلاً :
يا أختي يا نزهة الزمان .
فألقت نفسها عليه فتلقاها في حضنه ووقع الاثنان مغشياً عليهما فلما رآهما الخادم على تلك الحالة تحير في أمرهما وألقى عليهما شيئاً سترهما به وصبر حتى أفاقا من غشيتهما ، وفرحت نزهة الزمان غاية الفرح وزال عنها الهم والترح وتوالت عليها المسرات وأنشدت هذه الأبيات :
الدهر أقسـم لا يزال مـكـدري ........ حنثت يمينك يا زمان فـكـفـر
السعد وافى والحبيب مسـاعـدي ........ فانهض إلى داعي السرور وشمر
ما كنت أعتقد السـوالـف جـنة ........ حتى ظفرت من اللمى بالكوثـر
فلما سمع ذلك ضوء المكان ضم أخته إلى صدره وفاضت لفرط سروره من أجفانه العبرات وأنشد هذه الأبيات :
ولقد ندمت على تفرق شملنـا ........ ندماً أفاض الدمع من أجفاني
ونذرت أن عاد الزمان يلمنـا ........ لا عدت أذكر فرقة بلسانـي
هجم السرور علي حتى أنـه ........ من فرط ما قد سرني أبكاني
يا عين صار الدمع عندك عادة ........ تبكين من فرح ومن أحـزان
وجلسا على باب المحفة ساعة ثم قالت :
قم ادخل المحفة واحك لي ما وقع لك وأنا أحكي لك ما وقع لي .
فقال ضوء المكان :
احكي لي أنت أولاً .
فحكت له جميع ما وقع لها منذ فارقته من الخان وما وقع لها من البدوي والتاجر وكيف اشتراها منه وكيف أخذها التاجر إلى أخيها شركان وباعها له وأن شركان أعتقها من حين اشتراها وكتب كتابه عليها ودخل بها وأن الملك إباها سمع بخبرها فأرسل إلى شركان يطلبها منه .
ثم قالت له :
الحمد لله الذي من علي بك ومثل ما خرجنا من عند والدنا سوية نرجع إليه سوية .
ثم قالت له :
إن أخي شركان زوجني بهذا الحاجب لأجل أن يوصلني إلى والدي وهذا ما وقع لي من الأول إلى الآخر ، فاحك لي أنت ما وقع لك بعد ذهابي من عندك .
فحكى لها جميع ما وقع له من الأول إلى الآخر وكيف من الله عليه بالوقاد وكيف سافر معه وأنفق عليه ماله وأنه كان يخدمه في الليل والنهار فشكرته على ذلك ثم قال لها :
يا أختي إن هذا الوقاد فعل معي من الإحسان فعلاً لا يفعله أحد مع أحد من أحبابه ولا الوالد مع ولده حتى أنه كان يجوع ويطعمني ويمشي ويركبني وكانت حياتي على يديه .
فقالت نزهة الزمان :
إن شاء الله تعالى نكافئه بما نقدر عليه .
ثم إن نزهة الزمان صاحت على الخادم فحضر وقبل يد ضوء المكان فقالت له نزهة الزمان :
خذ بشارتك يا وجه الخير لأن جمع شملي بأخي على يديك ، فالكيس الذي معك وما فيه لك ، فاذهب وائتني بسيدك عاجلاً .
ففرح الخادم وتوجه إلى الحاجب ودخل عليه ودعاه إلى سيدته فأتى به ودخل على زوجته نزهة الزمان فوجد عندها أخاها فسأل عنه فحكى له ما وقع لهما من أوله إلى آخره ثم قالت :
اعلم أيها الحاجب أنك ما أخذت جارية وإنما أخذت بنت الملك عمر النعمان فأنا نزهة وهذا أخي ضوء المكان .
فلما سمع الحاجب القصة منها تحقق ما قالته وبان له الحق الصريح وتيقن أنه صار صهر الملك عمر النعمان فقال في نفسه :
مصيري أن آخذ نيابة على قطر من الأقطار .
ثم أقبل على ضوء المكان وهنأه بسلامته وجمع شمله بأخته ، ثم أمر خدمه في الحال أن يهيئوا لضوء المكان خيمة ركوبه من أحسن الخيول فقالت له زوجته :
إنا قد قربنا من بلادنا ، فأنا أختلي بأخي ونستريح مع بعضنا ونشبع من بعضنا قبل أن نصل إلى بلادنا ، فإن لنا زمناً طويلاً ونحن متفرقان .
فقال الحاجب :
الأمر كما تريدان .
ثم أرسل إليهما الشموع وأنواع الحلاوة وخرج من عندهما وأرسل إلى ضوء المكان ثلاث بدلات من أفخر الثياب وتمشى إلى أن جاء إلى المحفة وعرف مقدار نفسه ، فقالت له نزهة الزمان :
أرسل إلى الخادم وأمره أن يأتي بالوقاد ويهيئ له حصاناً ويركبه ويرتب له سفرة طعام في الغداة والعشي ويأمره أن لا يفارقنا .
فعند ذلك أرسل الحاجب إلى الخادم وأمره أن يفعل ذلك فقال :
سمعاً وطاعة .
ثم إن الخادم أخذ غلمانه وراح يفتش على الوقاد إلى أن وجده في آخر الركب وهو يشد حماره ويريد أن يهرب ودموعه تجري على خده من الخوف على نفسه ومن حزنه على فراق ضوء المكان وصار يقول :
نصحته في سبيل الله فلم يسمع مني ، يا ترى كيف حاله .
فلم يتم كلامه إلا والخادم واقف فوق رأسه ورأى الغلمان حوله فاصفر لونه وخاف .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:55 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الخامسة والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوقاد لما أراد أن يشد حماره ويهرب وصار يكلم نفسه ويقول :
يا ترى كيف حاله .
فما أتم كلامه إلا والخادم واقف فوق رأسه والغلمان حوله ، فالتفت الوقاد فرأى الخادم واقفاً على رأسه فارتعدت فرائصه وخاف وقال وقد رفع صوته بالكلام :
إنه ما عرف مقدار ما عملته معه من المعروف فأظن أنه غمز الخادم وهؤلاء الغلمان علي وأنه أشركني معه في الذنب .
وإذا بالخادم صاح عليه وقال له :
من الذي كان ينشد الأشعار ، يا كذاب ? كيف تقول لي أنا ما أنشد الأشعار ولا أعرف من أنشدها وهو رفيقك فأنا لا أفارقك من هنا إلى بغداد والذي يجري على رفيقك يجري عليك .
فلما سمع الوقاد كلامه قال في نفسه :
ما خفت منه وقعت فيه ثم أنشد هذا البيت :
كان الذي خفت أن يكونا ........ إنا إلى الله راجعـونـا
ثم إن الخادم صاح على الغلمان وقال لهم :
أنزلوه عن الحمار .
فأنزلوا الوقاد عن حماره وأتوا له بحصان فركبه ومشى صحبة الركب والغلمان حوله محدقون به وقال لهم الخادم :
إن عدم منه شعرة كانت بواحد منكم ولكن أكرموه ولا تهينوه .
فلما رأى الوقاد الغلمان حوله يئس من الحياة والتفت إلى الخادم وقال له :
يا مقدم أنا ما لي أخوة ولا أقارب وهذا الشاب لا يقرب لي ولا أنا اقرب له وإنما أنا رجل وقاد في حمام ووجدته ملقى على المزبلة مريضاً .
وصار الوقاد يبكي ويحسب في نفسه ألف حساب والخادم ماش بجانبه ولم يعرفه بشيء بل يقول له :
قد أقلقت سيدتنا بإنشادك الشعر أنت وهذا الصبي ولا تخف على نفسك .
وصار الخادم يضحك عليه سراً ، وإذا نزلوا أتاهم الطعام فيأكل هو والوقاد في آنية واحدة فإذا أكلوا أمر الخادم الغلمان أن يأتوا بقلة سكر فشرب منها ويعطيها للوقاد فيشرب لكنه لا تنشف له دمعة من الخوف على نفسه والحزن على فراق ضوء المكان وعلى ما وقع لهما في غربتهما وهما سائران والحاجب تارة يكون من باب المحفة لأجل خدمة ضوء المكان ابن الملك عمر النعمان ونزهة الزمان وتارة يلاحظ الوقاد وصارت نزهة الزمان وأخوها ضوء المكان في حديث وشكوى .
ولم يزالا على تلك الحالة وهم سائرون حتى قربوا من البلاد ولم يبق بينهم وبين البلاد إلا ثلاثة أيام فنزلوا وقت المساء واستراحوا ولم يزالوا نازلين إلى أن لاح الفجر فاستيقظوا وأرادوا أن يحملوا وإذا بغبار عظيم قد لاح فهم وأظلم الجو منه حتى صار كالليل الداجي ، فصاح الحاجب قائلاً :
أمهوا ولا تحملوا .
وركب هو ومماليكه وساروا نحو ذلك الغبار ، فلما قربوا منه بان من تحته عسكر جرار كالبحر الزخار وفيه رايات وأعلام وطبول وفرسان وأبطال فتعجب الحاجب من أمرهم ، فلما رآهم العسكر افترقت منه فرقة قدر خمسمائة فارس وأتوا إلى الحاجب هو ومن معه وأحاطوا بهم وأحاط كل خمسة من العسكر بمملوك من مماليك الحاجب فقال لهم الحاجب :
أي شيء الخبر ومن أين هذه العساكر حتى تفعل معنا هذه الأفعال ?
فقالوا له :
من أنت ومن أين أتيت وإلى أن تتوجه ?
فقال لهم :
أنا حاجب أمير دمشق الملك شركان ابن الملك عمر النعمان صاحب بغداد وأرض خراسان أتيت من عنده بالخراج والهدية متوجهاً إلى والده ببغداد .
فلما سمعوا كلامه أرخوا مناديلهم على وجوههم وبكوا وقالوا :
إن الملك عمر النعمان قد مات وما مات إلا مسموماً ، فتوجه وما عليك بأس حتى تجتمع بوزيره الأكبر الوزير دندان .
فلما سمع الحاجب ذلك الكلام بكى بكاء شديداً وقال :
واخيبتاه في هذه السفرة .
وصار يبكي هو ومن معه إلى أن اختلطوا بالعسكر فاستأذنوا له الوزير دندان فأذن له وأمر الوزير بضرب خيامه وجلس على سرير في وسط الخيمة وأمر الحاجب بالجلوس ، فلما جلس سأله عن خبره فأعلمه أنه حاجب أمير دمشق وقد جاء بالهدايا وخراج دمشق .
فلما سمع الوزير دندان ذلك بكى عند ذكر الملك عمر النعمان ، ثم قال له الوزير دندان :
أن عمر النعمان قد مات مسموماً وبسبب موته اختلف الناس فيمن يولونه بعده حتى أوقعوا القتل في بعضهم ولكن منعهم عن بعضهم الأكابر والأشراف والقضاة الأربعة واتفق جميع الناس على أن ما أشار به القضاة الأربعة لا يخالفهم فيه أحد ، فوقع الاتفاق على أننا نسير إلى دمشق ونقصد ولده الملك شركان ونجيء به ونسلطنه من مملكة أبيه ، وفيهم جماعة يريدون ولده الثاني وقالوا أنه يسمى ضوء المكان وله أخت تسمى نزهة الزمان وكانا قد توجها إلى أرض الحجاز ومضى لهما خمسن سنين ولم يقع لهما أحد على خبر .
فلما سمع الحاجب ذلك علم أن القضية التي وقعت لزوجته صحيحة فاغتم لموت الملك غماً عظيماً ولكنه فرح فرحاً شديداً وخصوصاً بمجيء ضوء المكان لأنه يصير سلطاناً ببغداد مكان أبيه .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:56 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السادسة والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن حاجب شركان لما سمع من الوزير دندان ما ذكره من خبر الملك عمر النعمان تأسف إلى الوزير دندان وقال :
إن قصتكم أعجب من العجائب ، اعلم أيها الوزير الكبير أنكم حيث صادفتموني الآن أراحكما لله من التعب وقد جاء الأمر كما تشتهون على أهون سبب لأن الله رد ضوء المكان هو وأخته نزهة الزمان وانصلح الأمر وهان .
فلما سمع الوزير دندان هذا الكلام فرح به فرحاً شديداً ثم قال :
أيها الحاجب أخبرني بقصتهما وبما جرى لهما وبسبب غيابهما .
فحدثه بحديث نزهة الزمان وأنها صارت زوجته ، وأخبره بحديث ضوء المكان من أوله إلى آخره .
فلما فرغ الحاجب من حديثه أرسل الوزير دندان إلى الأمراء والوزراء وأكابر الدولة وأطلعهم على القصة ففرحوا بذلك فرحاً شديداً وتعجبوا من هذا الاتفاق .
ثم اجتمعوا كلهم وجاؤوا عند الحاجب ووقفوا في خدمته وقبلوا الأرض بين يديه ، وأقبل الوزير من ذلك الوقت على الحاجب ووقف بين يديه ، ثم إن الحاجب عمل في ذلك اليوم ديواناً عظيماً وجلس هو والوزير دندان على التخت وبين أيديهما جميع الأمراء والكبراء وأرباب المناصب على حسب مراتبهم ثم بلوا السكر في ماء الورد وشربوا ، ثم قعد الأمراء للمشورة وأعطوا بقية الجيش أذناً في أن يركبوا مع بعضهم ويتقدموا قليلاً حتى يتموا المشورة ويلحقوهم فقبلوا الأرض بين يدي الحاجب وركبوا وقدامهم رايات الحرب .
فلما فرغ الكبار من مشورتهم ركبوا ولحقوا العساكر ، ثم أرسل الحاجب إلى الوزير دندان وقال له :
الرأي عندي أن أتقدم وأسبقكم لأجل أن أهيء للسلطان مكاناً يناسبه وأعلمه بقدومكم وأنكم اخترتموه على أخيه شركان سلطاناً عليكم .
فقال الوزير دندان :
نعم الرأي الذي رأيته .
ثم نهض الوزير دندان تعظيماً له وقدم له التقاديم وأقسم عليه أن يقبلها وكذلك الأمراء والكبار وارباب المناصب قدموا له التقاديم ودعوا له وقالوا له :
لعلك تحدث السلطان ضوء المكان في أمرنا ليبقينا مستمرين في مناصبنا .
فأجابهم لما سألوه ، ثم أمر غلمانه بالسير فأرسل الوزير دندان الخيام مع الحاجب وأمر الفراشين أن ينصبوها خارج المدينة بمسافة يوم .
فامتثلوا لأمره وركب الحاجب وهو في غاية الفرح وقال في نفسه :
ما أبرك هذه السفرة .
وعظمت زوجته في عينه وكذلك ضوء المكان ثم جد في السفر إلى أن وصل إلى مكان بينه وبين المدينة مسافة يوم ثم أمر بالنزول فيه لأجل الراحة وتهيئة مكان لجلوس السلطان ضوء المكان ابن الملك عمر النعمان ثم نزل من بعيد هو ومماليكه وأمر الخدام أن يستأذنوا السيدة نزهة الزمان في أن تدخل عليهما فاستأذنوها في شأن ذلك فأذنت له فدخل عليها واجتمع بها وبأخيها وأخبرهما بموت أبيهما وأن ضوء المكان جعله الرؤساء ملكاً عليهم عوضاً عن أبيه عمر النعمان وهنأهما بالملك وفي غد يكون هو والجيش كله في هذا المكان وما بقي في الأمر أيها الملك إلا أن تفعل ما أشاروا به لأنهم كلهم اختاروك سلطاناً وأن لم تفعل سلطنوا غيرك وأنت لا تأمن على نفسكم من الذي يتسلطن غيرك فربما يقتلك أو يقع الفشل بينكما ويخرج الملك من أيديكما فأطرق برأسه ساعة من الزمان ثم قال :
قبلت هذا الأمر لأنه لا يمكن التخلي عنه .
وتحقق أن الحاجب تكلم بما فيه الرشاد ثم قال للحاجب :
يا عم وكيف أعمل مع أخي شركان ?
فقال :
يا ولدي أخوك يكون سلطان دمشق وأنت سلطان بغداد ، فشد عزمك وجهز أمرك .
فقبل منه ضوء المكان ذلك ، ثم إن الحاجب قدم إليه البدلة التي كانت مع الوزير دندان من ملابس الملوك وناوله النمشة وخرج من عنده وأمر الفراشين أن يختاروا موضعاً عالياً وينصبوا فيه خيمة واسعة عظيمة للسلطان ليجلس فيها إذا أقدم عليه المراء ، ثم أمر الطباخين أن يطبخوا طعاماً فاخراً ويحضروه ، وأمر السقائين أن ينصبوا حياض الماء ، وبعد ساعة طار الغبار حتى سد الأقطار ، ثم انكشف ذلك الغبار وبان من تحته عسكر جرار مثل البحر الزخار .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:56 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السابعة والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الحاجب لما أمر الفراشين أن ينصبوا خيمة واسعة لاجتماع الناس عند الملك نصبوا خيمة عظيمة على عادة الملوك ، فلما فرغوا من أشغالهم وإذا بغبار قد طار ثم محق الهواء ذلك الغبار وبان من تحته عسكر جرار وتبين أن ذلك العسكر عسكر بغداد وخراسان ومقدمه الوزير دندان وكلهم فرحوا بسلطنة ضوء المكان وقابلهم لابساً خلعة الملك متقلداً بسيف الموكب فقدم له الحاجب الفرس فركب وسار هو ومماليكه وجميع من في الخيام مشى في خدمته حتى دخل القبة الكبيرة وجلس ووضع النمشة على فخذيه ووقف الحاجب في خدمته بين يديه ووقفت مماليكه في دهليز الخيمة وشهروا في أيديهم السيوف ثم أقبلت العساكر والجيوش وطلبوا الإذن فدخل الحاجب واستأذن لهم ضوء المكان فأمر أن يدخلوا عليه عشرة عشرة فأعلمهم الحاجب بذلك فأجابوه بالسمع والطاعة ووقف الجميع على باب الدهليز فدخل عشرة منهم فشق بهم الحاجب في الدهليز ودخل بهم على السلطان ضوء المكان .
فما رأوه هابوه فتلقاهم أحسن ملتقى ووعدهم بكل خير فهنئوه بالسلامة ودعوا له وحلفوا له الإيمان الصادقة أنهم لا يخالفون له أمراً ثم قبلوا الأرض بين يديه وانصرفوا ودخل عشرة آخرين ففعل بهم مثل ما فعل بغيرهم ولم يزالوا يدخلون عشرة بعد عشرة حتى لم يبق غير الوزير دندان ، فدخل عليه وقبل الأرض بين يديه فقام إليه ضوء المكان وأقبل عليه وقال له :
مرحباً بالوزير والوالد الكبير ،
إن فعلك فعل المشير العزيز والتدبير بيد اللطيف الخبير .
ثم إن الملك ضوء المكان قال للوزير دندان :
أؤمر العسكر بالإقامة عشرة أيام حتى أختلي بك وتخبرني بسبب قتل أبي .
فامتثل الوزير قول السلطان وقال :
لابد من ذلك .
ثم خرج إلى وسط الخيام وأمر العسكر بالإقامة عشرة أيام فامتثلوا أمره ، ثم إن الوزير أعطاها إذناً أنهم يتفرجون ولا يدخل أحد من أرباب الخدمة عند الملك مدة ثلاثة أيام فتضرع جميع الناس ودعوا لضوء المكان بدوام العز .
ثم أقبل عليه الوزير وأعلمه بالذي كان فصبر إلى الليل ودخل على أخته نزهة الزمان وقال لها :
أعلمت بسبب قتل أبي ولم نعلم بسببه كيف كان ?
فقالت :
لم أعلم سبب قتله .
ثم إنها ضربت لها ستارة من حرير وجلس ضوء المكان خارج الستارة وأمر بإحضار الوزير دندان فحضر بين يديه فقال له :
أريد أن تخبرني تفصيلاً بسبب قتل أبي الملك عمر النعمان .
قال الوزير دندان :
لما أتى الملك عمر النعمان من الصيد والقنص وجاء إلى المدينة سأل عنكما فلم يجدكما فعلم أنكما قد قصدتما الحج فاغتم لذلك وازداد به الغيظ وضاق صدره وأقام نصف سنة وهو يستخبر عنكما كل شارد ووارد فلم يخبره أحد عنكما .
فبينما نحن بين يديه يوماً من الأيام بعدما مضى لكما سنة كاملة من تاريخ فقدكما وإذا بعجوز عليها آثار العبادة قد وردت علينا ومعها خمس جوار نهد أبكار كأنهن الأقمار وحوين من الحسن والجمال ما يعجز عن وصفه اللسان ، ومع كمال حسنهن يقرأن القرآن ويعرفن الحكمة وأخبار المتقدمين فاستأذنت تلك العجوز في الدخول على الملك فأذن لها فدخلت عليه وقبلت الأرض بين يديه وكنت أنا جالساً بقرب الملك فلما دخلت عليه قربها إليه لما رأى عليها آثار الزهد والعبادة ، فلما استقرت العجوز عنده أقبلت عليه وقالت له :
اعلم أيها الملك أن معي خمس جوار ما ملك أحد من الملوك مثلهن لأنهن ذوات عقل وجمال وحسن وكمال يقرأن القرآن والروايات ويعرفن العلوم وأخبار الأمم السالفة وهن بين يديك وواقفات في خدمتك يا ملك الزمان وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان .
فنظر المرحوم والدك إلى الجواري من أخبار الناس الماضين والأمم السابقين .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:57 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثامنة والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال للملك ضوء المكان :
فتقدمت واحدة منهن وقبلت الأرض بين يديه وقالت :
اعلم أيها الملك أنه ينبغي لذي الأدب أن يتجنب الفضول ويتحلى بالفضائل وأن يؤدي الفرائض ويبتعد عن الكبائر ويلازم ذلك ملازمة من لو أفرد عنه لهلك وأساس الأدب مكارم الأخلاق واعلم أن أسباب المعيشة طلب الحياة والقصد من الحياة عبادة الله ، فينبغي أن تحسن خلقك مع الناس وأن لا تعدل عن تلك السنة فإن أعظم الناس خطراً أحوجهم إلى التدبير والملوك أحوج إليه من السوقة لأن السوقة قد تفيض في الأمور من غير نظر في العافية ، وأن تبدل في سبيل الله نفسك ومالك واعلم أن العدو خصم تخصيمه بالحجة وتحرز منه ، وأما الصديق فليس بينك وبينه قاض يحكم غير حسن الخلق .
فاختر صديقك لنفسك بعد اختياره فإن كان من الإخوان الآخرة فليكن محافظاً على أتباع الظاهر من الشعر عارفاً بباطنه على حسن الإمكان وإن كان من إخوان الدنيا فليكن حراً صادقاً ليس بجاهل ولا شرير فإن الجاهل أهل لأن يبتعد منه أبوانا والمنافق لا يكون صديقاً لأن الصديق مأخوذ من الصدق الذي يكون ناشئاً عن صميم القلب فكيف به إذا أظهر الكذب على اللسان ، واعلم أن أتباع الشرع ينفع صاحبه فتودد لأخيك إذا كان بهذه الصفة ولا تقطعه وإن ظهر لك منه ما تكره فإنه ليس كالمرأة يمكن طلاقها ومراجعتها بل قلبه كالزجاج إذا تصدع لا ينجبر ، ولله در القائل :
احرص على صون القلوب من الأذى ........ فرجوعها بعد التـنافـر يعـسـر
إن القـلـوب إذا تـنـافـر ودهـا ........ مثل الزجاجة كسرهـا لا يجـبـر
وقالت الجارية في آخر كلامها وهي تشير إلينا :
إن أصحاب العقول قالوا :
خير الإخوان أشدهم في النصيحة خير الأعمال أجملها عاقبة وخير الثناء ما كان على أفواه الرجال .
وقد قيل :
لا ينبغي للعبد أن يغفل عن شكر الله خصوصاً على نعمتين العافية والعقل .
وقيل :
من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهرته ، ومن عظم صغائر المصائب ابتلاه الله بكبارها ، ومن أطاع الهوى ضيع الحقوق ومن أطاع الواشي ضيع الصديق ، ومن ظن بك خيراً فصدق ظنه ومن بالغ في الخصومة أثم ومن لم يحذر الحيف لم يأمن السيف . وها أنا أذكر لك شيئاً من آداب القضاة .
اعلم أيها الملك أنه لا ينفع حكم بحق إلا بعد التثبيت وينبغي للقاضي أن يجعل الناس في منزلة واحدة حتى لا يطمع شريف في الجور ولا ييأس ضعيف من العدل وينبغي أيضاً أن يجعل البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حرماً أو حرم حلالاً ، وما شككت فيه اليوم فراجع فيه عقلك وتبين به رشدك لترجع فيه إلى الحق فالحق فرع والرجوع إلى الحق خير من التمادي على الباطل ، ثم اعرف الأمثال وافقه المقال وسو بين الأخصام في الوقوف وليكن نظرك على الحق موقوفاً وفوض أمرك إلى الله عز وجل واجعل البينة على من ادعى فإن حضرت بينته أخذت بحقه وإلا فحلف المدعى عليه وهذا حكم الله ، واقبل شهادة عدو المسلمين بعضهم على بعض ، فإن الله تعالى أمر الحكام أن تحكم بالظاهر وهو يتولى السرائر ، ولزاماً على القاضي أن يتوفى الألم والجوع وأن يقصد بقضائه بين الناس وجه الله تعالى فإن من خلصت نيته وأصلح ما بينه وبين نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس .
وقال الزهري :
ثلاث إذا كن في قاض :
كان منعزلاً إذا أكرم اللئام وأحب المحامد وكره العزل .
وقد عزل عمر بن عبد العزيز قاضياً فقال له :
لم عزلتني ?
فقال عمر :
قد بلغني عنك أن مقالك أكبر من مقامك .
حكي أن الإسكندر قال لقاضيه :
إني وليتك منزلة واستودعتك فيها روحي وعرضي ومروءتي فاحفظ هذه المنزلة لنفسك وعقلك .
وقال لطباخه :
إنك مسلط على جسمي فارفق بنفسك فيه .
وقال لكاتبه :
إنك متصرف في عقلي فاحفظني فيما تكتبه عني .
ثم تأخرت الجارية الأولى وتقدمت الثانية .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:58 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة التاسعة والتسعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان :
ثم تأخرت الجارية الأولى وتقدمت الثانية وقبلت الأرض بين يدي الملك والدك سبع مرات ثم قالت :
قال لقمان لابنه :
ثلاثة لا تعرف إلا في ثلاثة مواطن لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ولا الشجاع إلا عند الحرب ولا أخوك إلا عند حاجتك إليه .
وقيل :
إن الظالم نادم وإن مدحه الناس والمظلوم سليم وإن ذمه الناس .
وقال الله تعالى :
ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم .
وقال عليه الصلاة والسلام :
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .
واعلم أيها الملك أن أعجب ما في الإنسان قلبه لأن به زمام أمره فإن هاج به الطمع أهلكه الحرص وإن ملكه الأسى قتله الأسف وإن عظم عنده الغضب اشتد به العطب وإن سعد بالرضى أمن من السخط وإن ناله الخوف شغله الحزن وإن أصابته مصيبة ضمنه الجزع وإن استفاد مالاً ربما اشتغل به عن ذكر ربه ، وإن أغصته فاقة أشغله الهم وإن أجهده الجذع أقعده الضعف ، فعلى كل حالة لا صلاح له إلا بذكر الله واشتغاله بما فيه تحصيل معاشه وصلاح معاده .
وقيل لبعض العلماء :
من أشر الناس حالاً ?
قال :
من غلبت شهوته مروءته وبعدت في المعالي همته فاتسعت معرفته وضاقت معذرته .
وما أحسن ما قاله قيس :
وإني لأغني الناس عن متكـلـف ........ يرى الناس ضلالاً وما هو مهتدي
وما المال والأخلاق إلا مـعـارة ........ فكل بما يخفيه في الصدر مرتدي
إذا ما أتيت الأمر من غير بـابـه ........ ضللت وإذ تدخل من الباب تهتدي
ثم إن الجارية قالت :
وأما أخبار الزهد فقد قال هشام بن بشر :
قلت لعمر بن عبيد :
ما حقيقة الزهد ?
فقال لي :
قد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :
الزاهد من لم ينس القبر والبلا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد عداً من أيامه وعد نفسه في الموتى .
وقيل :
إن أبا ذر كان يقول :
الفقر أحب إلي من الغنى والسقم أحب إلي من الصحة .
فقال بعض السامعين :
رحم الله أبا ذر أما أنا فأقول :
من أتكل على حسن الاختيار من الله تعالى رضي بالحالة التي اختارها الله له .
وقال بعض الثقات :
صل بنا ابن أبي أو في صلاة الصبح فقراً يا أيها المدثر حتى بلغ قوله تعالى فإذا نقر في الناقور فخر ميتاً .
ويروى أن ثابتاً البناني بكى حتى كادت أن تذهب عيناه فجاؤوا برجل يعالجه قال :
أعالجه بشرط أن يطاوعني .
قال ثابت :
في أي شيء ?
قال الطبيب :
في أن لا تبكي .
قال ثابت :
فما فضل عيني أن لم تبكيا .
وقال رجل لمحمد بن عبد الله :
أوصني .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:58 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان :
وقالت الجارية الثانية لوالدك المرحوم عمر النعمان :
وقال رجل لمحمد بن عبد الله :
أوصني .
فقال :
أوصيك أن تكون في الدنيا مالكاً زاهداً وفي الآخرة مملوكاً طامعاً .
قال :
وكيف ذلك ?
قال :
الزاهد في الدنيا يملك الدنيا والآخرة .
وقال غوث بن عبد الله :
كان إخوان في بني إسرائيل قال أحدهما للآخر :
ما أخوف عمل عملته ?
قال له :
إني مررت ببيت فراخ فأخذت منها واحدة ورميتها في ذلك البيت ولكن بيت الفراخ التي أخذها منه فهذا أخوف عمل عملته . فما أخوف ما عملته أنت ?
قال :
أما أنا فأخوف عمل أعمله أني إذا قمت للصلاة أخاف أن أكون لا أعمل ذلك إلا للجزاء .
وكان أبوهما يسمع كلامهما فقال :
اللهم إن كانا صادقين فاقبضهما إليك .
فقال بعض العقلاء :
إن هذين من أفضل الأولاد .
وقال سعيد بن صبر :
صحبت ابن عبيد فقلت له :
أوصني .
فقال :
احفظ عني هاتين الخصلتين :
أن لا تشرك بالله شيئاً وأن لا تؤذي من خلق الله أحداً ، وأنشد هذين البيتين :
كن كيف شئت فإن الله ذو كرم ........ وأنف الهموم فما في الأمر من بأس
إلا اثنتين فما تـقربهـما ابـداً ........ الشرك بالله والإضرار بـالـنـاس
وما أحسن قول الشاعر :
إذا أنت لم يصحبك زاد من التقى ........ ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثلـه ........ وإنك لم ترصد كما كان أرصدا
ثم تقدمت الجارية الثالثة بعد أن تأخرت الثانية وقالت :
إن باب الزهد واسع جداً ولكن ذكر بعض ما يحضرني فيه عن السلف الصالح .
قال بعض العارفين :
أنا أستبشر بالموت ولا أتيقن فيه راحة فيراني علمت أن الموت يحول بين المرء وبين الأعمال فأرجو مضاعفة العمل الصالح وانقطاع العمل السيء ، وكان عطاء السلمي إذا فرغ من وصيته انتفض وارتعد وبكى بكاء شديداً فقيل له :
لم ذلك ?
فقال :
إني أتريد أن أقبل على أمر عظيم وهو الانتصاب بين يدي الله تعالى للعمل بمقتضى الوصية .
ولذلك كان علي زين العابدين بن الحسين يرتعد إذا قام للصلاة ، فسئل عن ذلك فقال :
أتدرون لمن أقوم ولمن أخاطب ?
وقيل كان بجانب سفيان الثوري رجل ضرير فإذا كان يوم القيامة آتي بأهل القرآن فيميزون بعلامة مزيد الكرامة عمن سواهم .
وقال سفيان :
لو أن النفس استقرت في القلب كما ينبغي لطار فرحاً وشوقاً إلى الجنة وحزناً وخوفاً من النار .
وعن سفيان الثوري أنه قال :
النظر إلى وجه الظالم خطيئة .
ثم تأخرت الجارية الثالثة وتقدمت الجارية الرابعة وقالت :
وها أنا أتكلم ببعض ما يحضرني من أخبار الصالحين :
روي أن بشر الحافي قال :
سمعت خالداً يقول :
إياكم وسرائر الشرك .
فقلت له :
وما سرائر الشرك ?
قال :
أن يصلي أحدكم فيطيل ركوعه وسجوده حتى يلحقه الحدب .
وقال بعض العارفين :
فعل الحسنات يكفر السيئات .
وقال بعض العارفين :
التمست من بشر الحافي شيئاً من سرائر الحقائق فقال :
يا بني هذا العلم لا ينبغي أن نعلمه كل أحد فمن كل مائة خمسة مثل زكاة الدرهم .
قال إبراهيم بن أدهم :
فاستحليت كلامه واستحسنته فبينما أنا أصلي وإذا ببشر يصلي ، فقمت وراءه أركع إلى أن يؤذن المؤذن فقام رجل رث الحالة وقال :
يا قوم احذروا الصدق الضار ولا بأس بالكذب النافع وليس مع الاضطرار اختيار ولا ينفع الكلام عند العدم كما لا يضر السكوت عند وجود الوجود .
وقال إبراهيم :
رأيت بشر سقط منه دانق فقمت إليه وأعطيته درهماً فقال :
لا آخذه .
فقلت :
إنه من خالص الحلال .
فقال :
أنا لست أستبدل نعم الدنيا بنعم الآخرة .
ويروى أن أخت بشر الحافي قصدت أحمد بن حنبل .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 12:59 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الواحدة بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان :
إن الجارية قالت لوالدك :
إن أخت بشر الحافي قصدت أحمد بن حنبل فقالت له :
يا إمام الدين إنا قوم نغزل بالليل ونشتغل بمعاشنا في النهار وربما تمر بنا مشاعل ولاة بغداد ونحن على السطح نغزل في ضوئها فهل يحرم علينا ذلك ?
قال لها :
من أنت ?
قالت :
أخت بشر الحافي .
فقال :
يا أهل بشر لا أزال أستنشق الورع من قلوبكم .
وقال بعض العارفين :
إذا أراد الله بعبد خيراً فتح عليه باب العمل .
وكان ملك بن دينار إذا مر في السوق ورأى ما يشتهيه يقول :
يا نفس اصبري فلا أوافقك على ما تريدين .
وقال أيضاً :
سلامة النفس في مخالفتها وبلاؤها في متابعتها .
وقال منصور بن عمار :
حججت حجة فقصدت مكة من طريق الكوفة وكانت ليلة مظلمة وإذا بصارخ يصرخ في جوف الليلة ويقول :
إلهي وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتك مخالفتك وما أنا جاهل بك ولكن خطيئة قضيتها علي في قديم أزلك فاغفر لي ما فرط مني فإني قد عصيتك بجهلي .
فلما فرغ من دعائه تلا هذه الآية :
يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة .
وسمعت سقطة لم أعرف لها حقيقة فمضيت ، فلما كان الغد مشينا إلى مدرجنا وإذا بجنازة خرجت وراءها عجوز ذهبت قوتها فسألتها عن الميت فقالت :
هذه جنازة رجل كان مر بنا البارحة وولدي قائم يصلي فتلا آية من كتاب الله تعالى فانفطرت مرارة ذلك الرجل فوقع ميتاً .
ثم تأخرت الجارية الرابعة وتقدمت الجارية الخامسة وقالت :
ها أنا أذكر بعض ما يحضرني من أخبار السلف الصالح :
كان مسلمة بن دينار يقول :
عند تصحيح الضمائر نغفر الصغائر والكبائر ، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أتاه الفتوح وقال :
كل نعمة لا تقرب إلى الله فهي بلية وقليل الدنيا يشغل عن كثير الآخرة وكثيرها ينسيك قليلها .
وسئل أبو حازم :
من أيسر الناس ?
فقال :
رجل امضى عمره في طاعة الله .
قال :
فمن أحمق الناس ?
قال :
رجل باع آخرته بدنيا غيره .
وروي أن موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين قال :
رب إني لما أنزلت لي من خير فقير .
فسأل موسى ربه ولم يسأل الناس وجاءت الجاريتان فسقى لهما ولم تصدر الرعاء فلما رجعتا أخبرتا أباهما شعيباً فقال لهما :
لعله جائع .
ثم قال لإحداهن :
ارجعي إليه وادعيه .
فلما أتته غطت وجهها وقالت :
إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا .
فكره موسى ذلك وأراد أن لا يتبعها وكانت امرأة ذات عجز فكانت الريح تضرب ثوبها فيظهر لموسى عجزها فيغض بصره ثم قال :
لهاك كوني خلفي .
فمشت خلفه حتى دخل على شعيب والعشاء مهيأ .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 1:00 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثانية بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان :
وقالت الجارية الخامسة لوالدك :
فدخل موسى على شعيب عليهما السلام والعشاء مهيأ فقال شعيب لموسى :
يا موسى إني أريد أن أعطيك أجر ما سقيت لهما .
فقال موسى :
أنا من أهل بيت لا نبيع شيئاً من عمل الآخرة بما على الأرض من ذهب وفضة .
فقال شعيب :
يا شاب ولكن أنت ضيفي وإكرام الضيف عادتي وعادة آبائي بإطعام الطعام .
فجلس موسى فأكل ، ثم إن شعيباً استأجر موسى ثماني حجج أي ثماني سنين وجعل أجرته على ذلك تزويجه إحدى ابنتيه وكان عمل موسى لشعيب صداقاً لها كما قال تعالى حكاية عنه :
أني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تؤجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشق عليك .
وقال رجل لبعض أصحابه وكان له مدة لم يره :
إنك أوحشتني أني ما رأيتك منذ زمان .
قال :
اشتغلت عنك بابن شهاب أتعرفه ?
قال :
نعم هو جاري منذ ثلاثين سنة إلا أنني لم أكلمه .
قال له :
إنك نسيت الله فنسيت جارك ولو أحببت الله لأحببت جارك ، أما علمت أن للجار علي حقاً كحق القرابة ?
وقال حذيفة :
دخلنا مكة مع إبراهيم بن أدهم وكان شقيق البلخي قد حج في تلك السنة فاجتمعنا في الطواف فقال إبراهيم لشقيق :
ما شأنكم في بلادكم ?
فقال شقيق :
إننا إذا رزقنا أكلنا وإذا جعنا صبرنا .
فقال :
كذا تفعل كلاب بلخ ولكننا إذا رزقنا آثرنا وإذا جعنا شكرنا .
فجلس شقيق بين يدي إبراهيم قال له :
أنت أستاذي .
وقال محمد بن عمران :
سأل رجل حاتماً الأصم فقال له :
ما أمرك في التوكل على الله تعالى ?
قال :
على خصلتين ، علمت أن رفاقي لا يأكله غيري فاطمأنت نفسي به وعلمت أني لم أخلق من غير علم الله فاستحييت منه .
ثم تأخرت الجارية الخامسة وتقدمت العجوز وقبلت الأرض بين يدي والدك تسع مرات وقالت :
قد سمعت أيها الملك ما تكلم به الجميع في باب الزهد وأنا تابعة لهن فاذكر بعض ما بلغني عن أكابر المتقدمين .
قيل :
كان الإمام الشافعي رضي الله عنه يقسم الليل ثلاثة أقسام :
الثلث الأول للعلم والثاني للنوم والثالث للتهجد .
وكان الإمام أبو حنيفة يحيي نصف الليل فأشار إليه إنسان وهو يمشي وقال الآخران : إن هذا يحيي الليل كله .
فلما سمع ذلك قال :
إني أستحي من الله أن أوصف بما ليس في .
فصار بعد ذلك يحيي الليل كله .
وقال الربيع :
كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان سبعين مرة كل ذلك في الصلاة .
وقال الشافعي رضي الله عنه :
ما شبعت من خبز الشعير عشر سنين لأن الشبع يقسي القلب ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف صاحبه عن القيام .
وروي عن عبد الله ومحمد السكري أنه قال :
كنت أنا وعمرة نتحدث فقال لي :
ما رأيت أروع ولا أفصح من محمد بن إدريس الشافعي .
واتفق أنني خرجت أنا والحرث بن لبيب الصغار وكان الحرث تلميذ المزني وكان صوته حسناً فقرأ قوله تعالى :
هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون .
فرأيت الإمام الشافعي تغير لونه واقشعر جلده واضطرب اضطراباً شديداً وخر مغشياً عليه فلما أفاق قال :
أعوذ بالله من مقام الكذابين وأعراض الغافلين اللهم لك خشعت قلوب العارفين ، اللهم هب لي غفران ذنوبي من جودك وجملني بسترك واعف عن تقصيري بكرم وجهك .
ثم قمت وانصرفت .
وقال بعض الثقات :
لما دخلت بغداد كان الشافعي بها فجلست على الشاطئ لأتوضأ للصلاة إذ مر بي إنسان فقال لي :
يا غلام أحسن وضوءك يحسن الله إليك في الدنيا والآخرة .
فالتفت وإذا برجل يتبعه جماعة فأسرعت في وضوئي وجعلت أقفوا أثره فالتفت إلي وقال :
هل لك من حاجة ?
فقلت :
نعم تعلمني مما علمك الله تعالى .
فقال :
اعلم أن من صدق الله ونجا ومن نجا ومن أشفق على دينه سلم من الردى ومن زهد في الدنيا قرت عيناه غداً أفلا أزيدك ?
قلت :
بلى .
قال :
كن في الدنيا زاهداً وفي الآخرة راغباً واصدق في جميع أمورك تنج مع الناجين .
ثم مضى فسألت عنه فقيل لي :
هذا الإمام الشافعي .
وكان الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول :
وددت أن الناس ينتفعون بهذا العلم على أن لا ينسب إلي منه شيء .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 1:00 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثالثة بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان :
قالت العجوز لوالدك :
كان الإمام الشافعي يقول :
وددت أن الناس ينتفعون بهذا العلم على أن لا ينسب إلي منه شيء .
وقال :
ما ناظرت أحداً إلا أحببت أن يوفقه الله تعالى للحق ويعينه على إظهاره وما ناظرت أحداً قط إلا لأجل إظهار الحق وما أبالي أن يبين الله الحق على لساني أو على لسانه .
وقال رضي الله تعالى عنه :
إذا خفت على علمك العجب فاذكر رضا من تطلب وفي أي نعيم ترغب ومن أي عقاب ترهب .
وقيل لأبي حنيفة :
إن أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور قد جعلك قاضياً ورسم لك بعشرة آلاف درهم فما رضي ، فلما كان اليوم الذي توقع أن يؤتى إليه فيه بالمال صلى الصبح ثم تغشى بثوبه فلم يتكلم ثم جاء رسول أمير المؤمنين بالمال فلما دخل عليه وخاطبه لم يكلمه فقال له رسول الخليفة :
إن هذا المال حلال .
فقال :
اعلم أنه حلال لي ولكني أكره أن يقع في قلبي مودة الجبابرة .
فقال له :
لو دخلت إليهم وتحفظت من ودهم .
قال :
هل آمن أن ألج البحر ولا تبتل ثيابي .
من كلام الشافعي رضي الله عنه :
ألا يا نفس إن ترضي بقولي ........ فأنت عزيزة أبـداً غـنـية
دعي عنك المطامع والأماني ........ فكم أمنية جلبـت غـنـية
ومن كلام سفيان النوري فيما أوصى به علي بن الحسين السلمي :
عليك بالصدق وإياك والكذب والخيانة والرياء فإن العمل الصالح يحيطه الله بخصلة من هذه الخصال ولا تأخذ دينك إلا عمن هو مشفق على دينه وليكن جليسك من يزهدك في الدنيا وأكثر ذكر الموت وأكثر الاستغفار واسأل الله السلامة فيما بقي من عمرك وانصح كل مؤمن إذا سألك عن أمر دينه وإياك أن تخون مؤمناً فإن من خان مؤمناً فقد خان الله ورسوله ، وإياك الجدال والخصام ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك تكن سليماً وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر تكن حبيب الله وأحسن سريرتك يحسن الله علانيتك واقبل المعذرة ممن اعتذر إليك ولا تبغض أحداً من المسلمين وصل من قطعك واعف عمن ظلمك تكن رفيق الأنبياء وليكن أمرك مفوضاً إلى الله في السر والعلانية واخش الله من خشية من قد علم أنه ميت ومبعوث وسائر إلى الحشر والوقوف بين يدي الجبار واذكر مصيرك إلى إحدى الدارين أما إلى جنة عالية وأما إلى نار حامية .
ثم إن العجوز جلست إلى جانب الجواري فلما سمع والدك المرحوم كلامهن علم أنهن أفضل أهل زمانهن ورأى حسنهن وجمالهن وزيادة أدبهن فأواهن إليه وأقبل على العجوز فأكرمها وأخلى لها هي وجواريها القصر الذي كانت فيه الملكة إبريزة بنت ملك الروم ونقل إليهن ما يحتجن إليه من الخيرات فأقامت عنده عشرة أيام وكلما دخل عليها يجدها معتكفة على صلاتها وقيامها في ليلها وصيامها فوقع في قلبه محبتها وقال لي :
يا وزير إن هذه العجوز من الصالحات وقد عظمت في قلبي مهابتها .
فلما كان اليوم الحادي عشر اجتمع بها من جهة دفع ثمن الجواري إليها فقالت له :
أيها الملك اعلم أن ثمن هذه الجواري فوق ما يتعامل الناس به فإني ما أطلب فيهن ذهباً ولا فضة ولا جواهر قليلاً كان ذلك .
فلما سمع والدك كلامها تحير وقال :
أيها السيدة وما ثمنهن ?
قالت :
ما أبيعهن لك إلا بصيام شهر كامل تصوم نهاره وتقوم ليله لوجه الله تعالى فإن فعلت ذلك فهن لك في قصرك تصنع بهن ما شئت .
فتعجب الملك من كمال صلاحها وزهدها وورعها وعظمت في عينه وقال نفعنا الله بهذه المرأة الصالحة ثم اتفق معها على أن يصوم الشهر كما اشترطته عليه .
فقالت :
وأنا أعينك بدعوات أدعو بهن لك فائتني بكوز ماء .
فأخذته وقرأت عليه وهممت وقعدت ساعة تتكلم بكلام لا تفهمه ولا تعرف منه شيئاً ، ثم غطته بخرقة وختمته وناولته لوالدك وقالت له :
إذا صمت العشرة الأولى فأفطر في الليلة الحادية عشرة على ما في هذا الكوز فإنه ينزع حب الدنيا من قلبك ويملأه نوراً وإيماناً وفي غد أخرج إلى أخواني وهم رجال الغيب فإني اشتقت إليهم ثم أجيء إليك إذا مضت العشرة الأولى .
فأخذ والدك الكوز ثم نهض وأفرد له خلوة في القصر ووضع الكوز فيها وأخذ مفتاح الخلوة في جيبه فلما كان النهار صام السلطان وخرجت العجوز إلى حال سبيلها .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 1:01 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الرابعة بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان :
فلما كان النهار صام وخرجت العجوز في حال سبيلها وأتم الملك صوم العشرة أيام وفي اليوم الحادي عشر فتح الكوز وشربه فوجد له في فؤاده فعلاً جميلاً وفي العشرة أيام الثانية من الشهر جاءت العجوز ومعها حلاوة في ورق أخضر يشبه ورق الشجر فدخلت على والدك وسلمت عليه فلما رآها قام وقال لها :
مرحباً بالسيدة الصالحة .
فقالت له :
أيها الملك أن رجال الغيب يسلمون عليك لأني أخبرتهم عنك فرحوا بك وأرسلوا معي هذه الحلاوة وهي من حلاوة الآخرة فأفطر عليها في آخر النهار .
ففرح والدك فرحاً زائداً وقال :
الحمد لله الذي جعل لي إخواناً من رجال الغيب .
ثم شكر العجوز وقبل يديها وأكرمها وأكرم الجواري غاية الإكرام ثم مضت مدة عشرين يوماً وأبوك صائم وعند رأس العشرين يوماً أقبلت عليه العجوز وقالت :
أيها الملك اعلم أني أخبرت رجال الغيب بما بيني وبينك من المحبة وأعلمتهم بأني تركت الجواري عندك ، ففرحوا حيث كانت الجواري عند ملك مثلك لأنهم إذا رأوهن يبالغون في الدعاء المستجاب فأريد أن أذهب بهن إلى رجال الغيب لتحصيل نفحاتهم لهن وربما أنهن لا يرجعن إليك إلا ومعهن كنز من كنوز الأرض حتى أنك بعد تمام صومك تشتغل بكسوتهن وتستعين بالمال الذي يأتيك به على أغراضك .
فلما سمع والدك كلامها شكرها على ذلك وقال لها :
لولا أني أخشى مخالفتي لك ما رضيت بالكنز ولا بغيره ولكن متى تخرجن بهن ?
فقالت له :
في الليلة السابعة والعشرين فأرجع بهن إليك في رأس الشهر وتكون أنت قد أوفيت الصوم وحصل استبراؤهن وصرن لك وتحت أمرك ، والله أن كل جارية ثمنها أعظم من ملكك مرات .
فقال لها :
وأنا أعرف ذلك أيتها السيدة الصالحة .
فقالت له :
بعد ذلك ولا بد أن ترسل معهن من يعز عليك من القصر حتى تجد الأنس ويلتمس البركة من رجال الغيب .
فقال لها :
عندي جارية رومية اسمها صفية ورزقت منها بولدين أنثى وذكر ولكنهما فقدا منذ سنتين فخذيها معهن لأجل أن تحصل البركة .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 1:01 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الخامسة بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان :
لعل رجال الغيب يدعون الله لها بأن يرد عليها ولديها ويجمع شملنا بهما .
فقالت العجوز :
نعم ما قلت وكان ذلك أعظم غرضها .
ثم إن والدك أخذ في تمام صيامه ، فقالت له :
يا ولدي إني متوجهة إلى رجال الغيب فأحضر لي صفية .
فدعا بها في ساعتها فسلمها إلى العجوز فخلطتها بالجواري ، ثم دخلت العجوز مخدعها وخرجت للسلطان بكأس مختوم وناولته له وقالت :
إذا كان يوم الثلاثين فادخل الحمام ثم اخرج منه وادخل خلوة من الخلاوي التي في قصرك واشرب هذا الكأس وثم فقد نلت ما تطلب والسلام مني عليك .
فعند ذلك فرح الملك وشكرها وقبل يدها فقالت له :
أستودعك الله .
ثم قال لها :
ومتى أراك أيتها السيدة الصالحة فإني أود أن لا أفارقك ?
فدعت له وتوجهت ومعها الجواري والملكة صفية وقعد الملك بعدها ثلاثة أيام ثم قام ودخل الحمام وخرج منه إلى الخلوة التي في القصر وأمر أن لا يدخل عليه أحد ورد الباب عليه ثم شرب الكأس ونام ونحن قاعدون في انتظاره إلى آخر النهار فلم يخرج من الخلوة قلنا :
لعله تعبان من الحمام ومن سهر الليل وصيام النهار فبسبب ذلك نام .
فانتظرناه ثاني يوم فلم يخرج فوقفنا بباب الخلوة وأعلنا برفع الصوت لعله ينتبه ويسأل عن الخبر فلم يحصل منه صوت ، فخلعنا الباب ودخلنا عليه فوجدناه قد تمزق لحمه وتفتت عظمه .
فلما رأيناه على هذه الحالة عظم علينا ذلك وأخذنا الكأس فوجدنا في غطائه قطعة من ورق مكتوباً فيها :
من أساء لا يستوحش منه وهذا جزاء من يحتال على بنات الملوك ويفسدهن والذي نعلم به كل من وقف على هذه الورقة .
إن شركان لما جاء بلادنا أفسد علينا الملكة إبريزة وما كفاه ذلك حتى أخذها من عندنا وجاء بها إليكم ثم أرسلها مع عبد أسود فقتلها ووجدناها مقتولة في الخلاء مطروحة على الأرض ، فهذا ما هو فعل الملوك ، وهذا جزاء من يفعل هذا الفعل إلا ما حل به ، وأنتم لا تتهموا أبداً بقتله ، ما قتله إلا العاهرة الشاطرة التي اسمها ذات الدواهي ، وها أنا أخذت زوجة الملك صفية ومضيت بها إلى والدها أفريدون ملك القسطنطينية ، ولا بد أن نغزوكم ونقتلكم ونأخذ منكم الديار فتهلكون عن آخركم ولا يبقى منكم ديار ولا من ينفخ النار إلا من يعبد الصليب والزنار .
فلما قرأنا هذه الورقة علمنا أن العجوز خدعتنا وتمت حيلتها علينا فعند ذلك صرخنا ولطمنا على وجوهنا وبكينا فلما يفدنا البكاء شيئاً ، واختلفت العساكر فيمن يجعلونه سلطاناً عليهم فمنهم من يريدك ومنهم من يريد أخاك شركان ولم نزل في هذا الاختلاف مدة شهر ، ثم جمعنا بعضنا وأردنا أن نمضي إلى أخيك شركان فسافرنا إلى أن وجدناك ، وهذا سبب موت الملك عمر النعمان .
فلما فرغ الوزير من كلامه بكى ضوء المكان هو وأخته نزهة الزمان وبكى الحاجب أيضاً .
ثم قال الحاجب لضوء المكان :
أيها الملك أن البكاء لا يفيدك شيئاً ولا يفيدك إلا أن تشد قلبك وتقوي عزمك وتؤيد مملكتك ومن خلف ذلك .
فعند ذلك سكت عن بكائه وأمر بنصب السرير خارج الدهليز ، ثم أمر أن يعرضوا عليه العساكر ووقف الحاجب بجانبه والسلحدراية من ورائه ووقف الوزير دندان قدامه ووقف كل واحد من الأمراء وأرباب الدولة في مرتبته ، ثم إن الملك ضوء المكان قال للوزير دندان :
أخبرني بخزائن أبي .
فقال الوزير دندان :
سمعاً وطاعة .
وأخبره بخزائن الأموال وبما فيها من الذخائر والجواهر وعرض عليه ما في خزانته من الأموال فأنفق على العساكر وخلع على الوزير دندان خلعة سنية ، وقال له :
أنت في مكانك .
فقبل الأرض بين يديه ودعا له بالبقاء ثم خلع على الأمراء ثم إنه قال للحاجب :
أعرض علي الذي معك من خراج دمشق .
فعرض عليه صناديق المال والتحف والجواهر فأخذها وفرقها على العساكر .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 1:02 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السادسة بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن ضوء المكان أمر الحاجب أن يعرض عليه ما أتى به من خراج دمشق فعرض عليه صناديق المال والتحف والجواهر فأخذها وفرقها على العساكر ولم يبق منها شيئاً ، فقبل الأمراء الأرض بين يدي ضوء المكان ودعوا له بطول البقاء وقالوا :
ما رأينا ملكاً يعطي مثل هذه العطايا .
ثم إنهم مضوا إلى خيامهم فلما أصبحوا أمرهم بالسفر فسافروا ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع أشرفوا على بغداد فدخلوا المدينة فوجدوها قد تزينت ، وطلع السلطان ضوء المكان قصر أبيه وجلس على السرير ووقف أمراء العسكر والوزير دندان وحاجب دمشق بين يديه فعند ذلك أمر كاتب السر أن يكتب كتاباً إلى أخيه شركان ويذكر فيه ما جرى من الأول إلى الآخر ويقول في آخره :
وساعة وقوفك على هذا المكتوب تجهز أمرك وتحضر بعسكرك حتى تتوجه إلى غزو الكفار ونأخذ منهم الثأر ونكشف العار .
ثم طوى الكتاب وختمه وقال للوزير دندان :
ما يتوجه بهذا الكتاب إلا أنت ولكن ينبغي أن تتلطف به في الكلام وتقول له :
إن أردت ملك أبيك فهو لك وأخوك نائباً عنك في دمشق كما أخبرنا بذلك .
فنزل الوزير دندان من عنده وتجهز للسفر ، ثم إن ضوء المكان أمر أن يجعلوا للوقاد مكاناً حسناً ويفرشوه بأحسن الفرش ، وذلك الوقاد له حديث طويل .
ثم إن ضوء المكان توجه يوماً إلى الصيد والقنص وعاد إلى بغداد فقدم له بعض الأمراء من الخيول والجياد ومن الجواري الحسان ما يعجز عن وصفه اللسان فأعجبته جارية منهن فاختلى بها ودخل عليها في تلك الليلة فعلقت منه من ساعتها .
وبعد مدة عاد الوزير دندان من سفره وأخبره بخبر أخيه شركان وإنه قادم عليه وقال له :
ينبغي أن تخرج وتلاقيه .
فقال له ضوء المكان :
سمعاً وطاعة .
فخرج إليه مع كبار دولته من بغداد مسيرة يوم ، ثم نصب خيامه هناك لانتظار أخيه .
وعند الصباح أقبل الملك شركان في عساكر الشام ما بين فارس مقدام وأسد ضرغام وبطل مصدام ، فلام أشرفت الكتائب وقدمت النجائب وأقبلت المصائب وخفقت أعلام المراكب توجه ضوء المكان هو ومن معه لملاقاتهم فلما عاين ضوء المكان أراد أن يترجل إليه فأقسم عليه شركان أن لا يفعل ذلك ، وترجل شركان ومشى نحوه فلما صار بين يدي ضوء المكان رمى ضوء المكان نفسه عليه فاحتضنه شركان إلى صدره وبكيا بكاءاً شديداً وعزى بعضهما بعضاً .
ثم ركب الاثنان وسار العسكر معهما إلى أن أشرفوا على بغداد ونزلوا ، ثم تقدم ضوء المكان هو وأخوه شركان إلى قصر الملك وباتا تلك الليلة ، وعند الصباح نهض ضوء المكان وأمر أن يجمعوا العساكر من كل ناحية وينادون بالغزو والجهاد ثم أقاموا ينتظرون مجيء الجيوش من سائر البلدان وكل من حضر يكرمونه ويعدونه بالجميل إلى أن مضى على ذلك الحال مدة شهر كامل والقوم يأتون أفواجاً متتابعة ، ثم قال شركان لأخيه :
يا أخي أعلمني بقضيتك .
فأعلمه بجميع ما وقع له من الأول إلى الآخر ، وبما صنعه معه الوقاد من المعروف ، فقال له :
يا أخي ما كافأته إلى الآن ولكن أكافئه إن شاء الله تعالى لما أرجع من الغزوة .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 1:03 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة السابعة بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن شركان قال لأخيه ضوء المكان :
أما كافأت الوقاد على معروفه ?
فقال له ضوء المكان :
يا أخي ما كافأته إلى الآن ولكن إن شاء الله تعالى لما أرجع من الغزوة وأتفرغ له .
فعند ذلك عرف شركان أن أخته نزهة الزمان صادقة في جميع ما أخبرته به ، ثم كتم أمره وأمرها وأرسل إليها السلام مع الحاجب زوجها فبعثت له أيضاً معه السلام ودعت له وسألت عن ابنتها قضى فأخبرها أنها بعافية وأنها في غاية ما يكون من الصحة والسلامة فحمدت الله تعالى وشكرته ، ورجع شركان إلى أخيه يشاوره في أمر الرحيل فقال له :
يا أخي لما تتكامل العساكر وتأتي العربان من كل مكان .
ثم أمر بتجهيز المسيرة وإحضار الذخيرة ودخل ضوء المكان إلى زوجته وكان مضى لها خمسة أشهر وجعل أرباب الأقلام وأهل الحساب تحت طاعتها ورتب لها الجرايات والجوامك وسافر في ثالث شهر من حين نزول عسكر الشام بعد أن قدمت العربان وجميع العساكر من كل مكان وسارت الجيوش والعساكر وتتابعت الجحافل وكان اسم رئيس عسكر الديلم رستم واسم رئيس عسكر الترك بهرمان .
وسار ضوء المكان في وسط الجيوش وعن يمينه أخوه شركان وعن يساره الحاجب صهره ولم يزالوا سائرين مدة شهر وكل جمعة ينزلون في مكان يستريحون فيه ثلاثة أيام لأن الخلق كثيرة ، ولم يزالوا سائرين على هذه الحالة حتى وصلوا إلى بلاد الروم فنفر أهل القرى والضياع والصعاليك وفروا إلى القسطنطينية فلما سمع أفريدون ملكهم بخبرهم قام وتوجه إلى ذات الدواهي فإنها هي التي دبرت الحيل وسافرت إلى بغداد حتى قتلت الملك عمر النعمان ، ثم أخذت جواريها الملكة صفية ورجعت بالجميع إلى بلادها .
فلما رجعت إلى ولدها ملك الروم وأمنت على نفسها قالت لابنها :
قر عيناً فقد أخذت لك بثأر ابنتك إبريزة وقتلت الملك النعمان وجئت بصفية ، فقم الآن وتوجه إلى ملك القسطنطينية وأظن أن المسلمين لا يثبتون على قتالنا .
فقال :
أمهلي أن يقربوا من بلادنا حتى نجهز أحوالنا .
ثم أخذوا في جمع رجالهم وتجهز أحوالهم فلما جاءهم الخبر كانوا قد جهزوا حالهم وجمعوا الجيوش وسارت في أوائلهم ذات الدواهي فلما وصلوا إلى القسطنطينية سمع الملك الأكبر ملكها أفريدون بقدوم حردوب ملك الروم فخرج لملاقاته فلما اجتمع أفريدون بملك الروم سأله عن حاله وعن سبب قدومه فأخبره بما عملته أمه ذات الدواهي من الحيل وأنها قتلت ملك المسلمين وأخذت من عنده الملكة صفية وقالوا أن المسلمين جمعوا عساكرهم .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 1:03 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة الثامنة بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أفريدون قال لملك الروم :
أن المسلمين جمعوا عساكرهم وجاؤوا ونريد أن نكون جميعاً يداً واحدة ونلقاهم .
ففرح الملك أفريدون بقدوم ابنته وقتل عمر النعمان وأرسل إلى سائر الأقاليم طالباً منهم النجدة ويذكر لهم أسباب قتل الملك عمر النعمان فهرعت إليه جيوش النصارى فما مر ثلاثة شهور حتى تكاملت جيوش الروم ، ثم أقبلت الإفرنج من سائر أطرافها كالفرنسيس والنمسا ودوبره وجورنه وبندق وجنوير وسائر عساكر بني الأصفر ، فلما تكاملت العساكر وضاقت بهم الأرض من كثرتهم أمرهم الملك الأكبر أفريدون أن يرحلوا من القسطيطينية فرحلوا واستمر تابع عساكرهم في الرحيل عشرة أيام وساروا حتى نزلوا بواد واسع الأطراف وكان ذلك الوادي قريباً من البحر المالح فأقاموا ثلاثة أيام ، وفي اليوم الرابع أرادوا أن يرحلوا فأتتهم الأخبار بقدوم عساكر الإسلام وحماة ملة خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام فأقاموا فيه ثلاثة أيام أخرى ، وفي اليوم الرابع رأوا غباراً طار حتى سد الأقطار فلم تمض ساعة من النهار حتى انجلى ذلك الغبار وتمزق إلى الجو وطارت ومحت ظلمته كواكب الأسنة والرماح وبريق بيض الصفاح وبان من تحته رايات إسلامية وأعلام محمدية ، وأقبلت الفرسان كاندفاع البحار في دروع تحسبها سحباً مزررة على أقمار ، فعند ذلك تقابل الجيشان والتطم البحران ووقعت العين في العين فأول من برز للقتال الوزير دندان هو وعساكر الشام وكانوا عشرين ألف عنان .
وكان مع الوزير مقدم الترك ومقدم الديلم رستم وبهرام في عشرين ألف فارس وطلع من ورائهم رجال من صوباً لبحر المالح وهم لابسون زرود الحديد وقد صاروا فيه كالبدور السافرة في الليالي العاكرة وصارت عساكر النصارى ينادون عيسى ومريم والصليب ثم انطبقوا على الوزير دندان ومن معه من عساكر الشام وكان هذا كله تدبير العجوز ذات الدواهي لأن الملك أقبل عليها قبل خروجه وقال لها :
كيف العمل والتدبير وأنت السبب في هذا الأمر العسير ؟
فقالت :
اعلم أيها الملك الكبير والكاهن الخطير أني أشير عليك بأمر يعجز عن تدبيره إبليس ولو استعان عليه بحزبه المتاعيس .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحيات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nedo_2020
مشرف قسم
مشرف قسم
nedo_2020


ذكر
عدد المشاركات : 824
العمر : 40
عــدد النقــاط : 57896
تاريخ التسجيل : 15/07/2008

تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!   تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة! - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 13, 2008 1:04 pm

تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان

الليلة التاسعة بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك أن هذا كله كان تدبير العجوز لأن الملك كان أقبل عليها قبل خروجها وقال لها :
كيف العمل والتدبير وأنت السبب في هذا الأمر العسير ؟
فقالت :
اعلم أيها الملك الكبير والكاهن الخطير أني أشير عليك بأمر يعجز عن تدبيره إبليس وهو أن ترسل خمسين ألفاً من الرجال ينزلون في المراكب ويتوجهون في البحر إلى أن يصلوا إلى جبل الدخان فيقيمون هناك ولا يرحلون من ذلك المكان حتى تأتيكم أعلام الإسلام فدونكم وإياهم ، ثم تخرج إليهم العساكر من البحر ويكونون خلفهم ونحن نقابلهم من البر فلا ينجو منهم أحد وقد زال عنا العناء ودام لنا الهناء .
فاستصوب الملك أفريدون كلام العجوز وقال :
نعم الرأي رأيك يا سيدة العجائز الماكرة ومرجع الكهان في الفتن الثائرة .
وحين هجم عليهم عسكر الإسلام في ذلك الوادي لم يشعر إلا والنار تلتهب في الخيام والسيوف تعمل في الأجسام ، ثم أقبلت جيوش بغداد وخراسان وهم في مائة وعشرين ألف فارس وفي أوائلهم ضوء المكان ، فلما رآهم عسكر الكفار الذين كانوا في البحر طلعوا إليهم من البحر وتبعوا أثرهم فلما رآهم ضوء المكان قال :
ارجعوا إلى الكفار يا حزب النبي المختار وقاتلوا أهل الكفار والعدوان في طاعة الرحمن الرحيم .
وأقبل شركان بطائفة أخرى من عساكر المسلمين نحو مائة ألف وعشرين ألفاً وكانت عساكر الكفار نحو ألف ألف وستمائة ألف ، فلما اختلط المسلمون ببعض قويت قلوبهم ونادوا قائلين :
إن الله وعدنا بالنصر وأوعد الكفار بالخذلان .
ثم تصادموا بالسيف والسنان واخترق شركان الصفوف وهاج في الألوف وقاتل قتالاً تشيب منه الأطفال ولم يزل يجول في الكفار ويعمل فيهم بالصارم البتار وينادي الله أكبر حتى رد القوم إلى ساحل البحر وكانت منهم الأجسام ونصر دين الإسلام والناس يقاتلون وهم سكارى بغير مدام وقد قتل من القوم في ذلك الوقت خمسة وأربعون ألفاً وقتل من المسلمين ثلاثة آلاف وخمسمائة .
ثم إن أسد الدين الملك شركان لم ينم في تلك الليلة لا هو ولا أخوه ضوء المكان بل كانا يباشران الناس وينقذان المرضى ويهنئانهم بالنصر والسلامة والثواب في القيامة .
هذا ما كان من أمر المسلمين .
وأما ما كان من أمر الملك أفريدون ملك القسطنطينية وملك الروم وأمه العجوز ذات الدواهي فإنهم جمعوا أمراء العسكر وقالوا لبعضهم :
إنا كنا بلغنا المراد وشفينا الفؤاد ولكن إعجابنا بكثرتنا هو الذي خذلنا .
فقالت لهم العجوز ذات الدواهي :
إنه لا ينفعكم إلا أنكم تتقربون للمسيح وتتمسكون بالاعتقاد الصحيح ، فوحق المسيح ما قوى عسكر المسلمين إلا هذا الشيطان الملك شركان .
فقال الملك أفريدون :
إني قد عولت في غد على أن أصف لهم الصفوف وأخرج لهم الفارس المعروف لوقابن شملوط فإنه إذا برز إلى الملك شركان قتله وقتل غيره من الأبطال حتى لم يبق منهم أحد ، وقد عولت في هذه الليلة على تقديسكم بالبخور الأكبر .
فلما سمعوا كلامه قبلوا الأرض .
وكان البخور الذي أراده أخوه البطريق الكبير ذو الإنكار والنكير فإنهم كانوا يتنافسون فيه ويستحسنون مساويه حتى كانت أكابر بطارقة الروم يبعثونه إلى سائر أقاليم بلادهم في خرق من الحرير ويمزجونه بالمسك والعنبر فإذا وصل خراؤه إلى الملوك يأخذون منه كل درهم بألف دينار حتى كان الملوك يرسلون في طلبه من أجل بخور العرائس وكانت البطارقة يخلطونه بخرائهم فإن خره البطريق الكبير لا يكفي عشرة أقاليم وكان خواص ملوكهم يجعلون قليلاً منه في كحل العيون ويداوون به المريض والمبطون ، فلما أصبح الصباح وأشرق بنوره ولاح وتبادرت الفرسان إلى حمل الرماح .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه
تقبلوا تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تكملة الليلة السادسة عشرة من الف ليلة وليلة!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 7انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات احساس  :: القســــــم الثقـــافى :: ::المنتدى الثقـــافى::-
انتقل الى: